561
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
560

الحديث الثامن عشر

۰.روى في الكافي عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَحْمَدَ۱، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ يَقْطِينٍ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ مَيَّاحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ :«إِنَّ إِبْلِيسَ لعنه اللّه قَاسَ نَفْسَهُ بِآدَمَ عليه السلام ، فَقَالَ : «خَلَقْتَنِى مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ» ، فَلَوْ قَاسَ الْجَوْهَرَ الَّذِي خَلَقَ اللّه ُ مِنْهُ آدَمَ بِالنَّارِ ، كَانَ ذلِكَ أَكْثَرَ نُورا وَضِيَاءً مِنَ النَّارِ» .

هديّة :

(ميّاح) بالياء الخاتمة ككتّان : من الميح بالفتح. وله معان : المنفعة، والاستيلاء، والسعي البليغ، والاستياك، واستخراج الريق بالسواك، والشفاعة، والإعطاء، كالامتياح.
وفي بعض النسخ : «عن الحسين بن جَناح» بالجيم، كسحاب، وكأنّه جناح بن رزين.
والمراد ب (الجوهر الذي خلق اللّه منه آدم) : روحه المقدّسة التي هي أمر من صنع اللّه سبحانه ، وفي الحديث عن أهل البيت عليهم السلام : «إنّ روح الإنسان جسم لطيف جدّا ».
وقد روى الشيخ الطبرسي رحمه اللهفي كتاب الاحتجاج عن الصادق عليه السلام أنّه قال : «الروح لا يوصف بثقل ولاخفيةً، وهي جسم رقيق اُلبس قالبا كثيفا» ۲ . الحديث . وقد ذكرنا فيما سبق تمامه، فما هو الحقّ المنصوص أنّ روح الإنسان كما يكون من طينة الجنّة يكون من طينة النار، وكذا الأبدان . وأمّا روح الجانّ وأبدانها إذا لم تكن نافذة في جلد غيرها فشيء واحد وهو النار، فإمّا نورا له كما في المسلمين منهم ، وإمّا ظلماني ككفّارهم. واللّه قادر على تبديل النوراني بالظلماني وبالعكس .
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى :
«القيس» بالفتح، و«القياس» كسحاب : مصدر باب ضرب، بمعنى إلحاق شيء بشيء آخر في حكم.
«والباء» في «بآدم» بمعنى «مع»، فالظرف مستقرّ وحال من «نفسه» ومنصوب محلّاً؛ إذ لو كان صلة ل «قاس» لكان الظرف لغوا ومتعلّقا ب «قاس» ولم يكن له محلّاً من الإعراب . فالغرض أنّ إبليس قاس نفسه بشيء، وآدم بشيء.
و«الفاء» في «فقال» للتفصيل وبيان المقيس عليه في القياسين السابقين.
و«خلقتني» ناظر إلى ما في سورة الأعراف وسورة ص ۳ ، يعني قاس نفسه بمادّته وهي النار، وآدم بمادّته وهي الطين.
[و«الفاء» في «فقاس» للتفريع، أو للتعقيب، وعليهما إشارة إلى قياس ثالث، القياسين، وهو ملاحظة النسبة بين إبليس وآدم، على النسبة التي بين النار والطين ف «ما» موصولة وعبارة عن النسبة، و«ما بين» بتقدير : «على ما بين» كما يجيء في كتاب الدّعاء في باب الإقبال على الدّعاء، الباب التاسع : «اللّهمّ حوالينا ولا علينا» إنّه بتقدير : «اللّهمّ أنزل الغيث على حوالينا، ولا تنزله علينا».
وترك ذكر المقيس والاكتفاء بذكر المقيس عليه؛ للاقتصار، بناءً على ظهور المقيس بين آدم وإبليس .
فالغرض أنّه عدّ نفسه أشرف من آدم قياسا، بناءً على قياس نسبة إثنين من المخلوق بنسبة إثنين من المخلوق منه . ويظهر من هذا أنّ افتخار الأبناء بالآباء مشتمل على ثلاثة ]قياسات] ۴ ، وهو ميراث إبليس، وبطلانها معلوم بالأدلّة النقليّة، منها قوله تعالى في سورة الحجرات : «وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللّه ِ أَتْقَاكُمْ»۵ ]. ۶
و«الفاء» في «فلو» للتفريع، و«قاس الجوهر» بتقدير : «قاس على الجوهر». وهو معرّب «كوهر» أي الشيء الذي يكون أصلاً لشيء آخر كان هو مخلوقا منه.
و«الباء» في «بالنار» بمعنى «مع» و«بالنار» في تقدير : بالجوهر الذي خلق اللّه منه النار . ويمكن بلا تقدير. ويظهر حكم المادّة ـ أي البحر الاُجاج الظلمانيـ بطريق أولى وعليهما الظرف حال من الجوهر .
والمقصود أنّ قياس المخلوق بالمخلوق منه لو كان صحيحا لكان فاسدا، وما يلزم من صحّته فساده باطل قطعا.
بيانه : أنّ إبليس كما هو مخلوق من النار، فتلك النار مخلوقة من البحر الاُجاج الظلماني؛ وأنّ آدم كما هو مخلوق من الطين، فذلك الطين مخلوق من الماء العذب الفرات النوراني كما مرّ في الرابع عشر من الباب الأوّل .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
المراد بالجوهر الذي خلق منه آدم النور العقلاني الذي في نفسه، وهو أكثر ضياءً من النار؛ فإنّه به يظهر ما لا يظهر بالنار كالمعقولات، وبه يظهر ما يظهر بالنار، ۷ كالمحسوسات ۸ . انتهى .
يمكن حمل بيانه على الردّ على القائل بتجرّد النفوس الناطقة تبعا لفلاسفة المثبتين عقولاً مجرّدة ونفوسا مجرّدة؛ فإنّ الحقّ المنصوص اختصاص اللازمانيّة واللامكانيّة، كالخالقيّة والأزليّة بالربّ تبارك وتعالى. ومَثَلُ التوفيق بالتمحّلات بين الاختلافات بين أهل الشرع وغيرهم، كقدم العالم وحدوثها مع عدم رضاء الفلاسفة ومن تبعهم بذلك، مَثَلُ موتِ الحمار وصاحبه غير راضٍ .
وقال بعض المعاصرين :
الجوهر الذي هو نور معنويّ عقلاني لا نسبة له إلى الأنوار الحسّيّة كنور الشمس والقمر فضلاً عن نور النار التي يضمحلّ في النهار ، وآدم ۹ عبارة عنه، لا عن الجسد، ۱۰ ولمّا لم يكن لإبليس منه نصيب لم يره من آدم ولم يعرفه، وهو يختصّ بالأنبياء والأولياء وأهل السعادة الكاملة من العلماء . وأمّا الأرواح التي لسائر أفراد البشر فلإبليس في مثلها مشاركة ۱۱ . انتهى .
كأنّ بيانه هذا بناؤه على ما انكشف له من العلم بالحقائق ، وإلاّ فلا مأخذ له لا من الكتاب و لا من السّنّة. ۱۲

1.في الكافي المطبوع هكذا : «محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد».

2.الاحتجاج، ج ۲، ص ۳۴۹؛ وعنه في بحارالأنوار، ج ۵۸ ، ص ۳۴، ح ۷ .

3.الأعراف (۷) : ۱۲؛ ص (۳۸) : ۷۶ .

4.في جميع النسخ: «قياس»، والصحيح ما اُثبت.

5.الحجرات (۴۹) : ۱۳.

6.الظاهر أنّ ما بين المعقوفتين تفسير للحديث العشرين، ولعلّ ذكره هنا من سهو النسّاخ.

7.في «ب» و «ج»: - «كالمعقولات وبه يظهر ما يظهر بالنار».

8.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۲۰۶ ـ ۲۰۷ .

9.في المصدر : + «في الحقيقة».

10.في «ب» و«ج»: - «لا عن الجسد».

11.الوافي، ج ۱، ص ۲۵۶ ـ ۲۵۷، بتفاوت في صدر العبارة.

12.في «ب» و «ج»: - «كأنّ بيانه هذا... ولا من السنّة».

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 116961
صفحه از 644
پرینت  ارسال به