569
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1

الحديث الثاني والعشرون

۰.روى في الكافي عَنْ العِدَّة ، عَنْ البرقي۱، عَنْ أَبِيهِ۲مُرْسَلاً ، قَالَ : قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ عليه السلام :«لَا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّه ِ وَلِيجَةً ، فَلَا تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ؛ فَإِنَّ كُلَّ سَبَبٍ وَنَسَبٍ وَقَرَابَةٍ وَوَلِيجَةٍ وَبِدْعَةٍ وَشُبْهَةٍ مُنْقَطِعٌ ، إِلَا مَا أَثْبَتَهُ الْقُرْآنُ» .

هديّة :

أورد طاب ثراه هذا الخبر بعينه بهذا الإسناد في كتاب الروضة، وزاد بعد قوله (منقطع) : «مضمحلّ كالغبار ۳ الذي يكون على الحجر الصّلد إذا أصابه المطر » ۴ .
في سورة التوبة هكذا : «وَلَمَّا يَعْلَمْ اللّه ُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللّه ِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً»۵ ، ووليجة الرجل : بطانته وخاصّته وصاحب سرّه ومن يعتمد عليه في اُموره .
فمعنى الحديث : لا تتّخذوا صاحبا ووليّا ـ بمعنى الأولى بالتصرّف ـ في اُموركم الدينيّة والدنيويّة من دون اللّه ولا رسوله ولا أوصياء رسوله الواهبين الأمان شيعتهم حتّى لاتُعدّوا أنّكم لستم من شيعتهم.
ولظهور نظر الحديث إلى هذه الآية ، ومآل ولاية الرسول والأئمّة عليهم السلام إلى ولاية اللّه ـ كما في نصّ الحصر في آية الولاية ۶ ـ اكتفى بقوله : (لا تتّخذوا من دون اللّه وليجة) إلاّ ما أثبته القرآن؛ وذلك لانحصار القطع بحقّيّة شيء في المتشابهات في قول اللّه تعالى؛ لانحصار الأعلميّة فيه سبحانه.
قال برهان الفضلاء :
سيجيء في كتاب الحجّة في العاشر من باب مولد أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهماالسلامأنّ : «الوليجة الذي يقام دون وليّ الأمر» فنقول هنا ـ على الاحتمال ـ : إنّ الوليجة مطلق الداخل في سلسلة الأئمّة عليهم السلام بحقّ أوبغير حقّ.
وهي فعيلة بمعنى فاعلة، من الولوج بمعنى الدخول، والتاء للنقل من الوصفيّة إلى الاسميّة، أو للتأنيث باعتبار النفس. وتفسيرها ب «الذي يقام دون وليّ الأمر» تفسير بفرد منها الذي يلاحظ باعتبار ملاحظة من دون اللّه ولا رسوله ولا المؤمنين .
ويجيء في كتاب الحجّة في باب مولد أبي محمّد الحسن بن عليّ عليهماالسلامأنّ المراد بالمؤمنين في الآية الأئمّة عليهم السلام . والاقتصار في الحديث؛ للإشعار بأنّ النصّ من اللّه تعالى لا يكون بدون النصّ من الرسول وأوصيائه عليهم السلام ،
«فلا تكونوا مؤمنين» لبيان كفر القائلين بانعقاد الإمامة بغير نصّ من اللّه ورسوله وأوصياء رسوله صلى الله عليه و آله ؛ ف «إنّ» الاحتجاج على عدم إيمان هؤلاء القائلين.
و«السبب» هنا عبارة عن أمثال المصاهرة بين الوليجة والإمام السابق.
و«النسب» القرابة بالولادة، ككون الوليجة والإمام السابق من قبيلة قريش.
و«القرابة» ككون الوليجة عمّا للإمام السابق، أو كونهما من بني هاشم .
وذكر هذا الحديث في تحت هذا العنوان باعتبار ذكر «البدعة» و«الشبهة».
والمراد بالشبهة : المشابهة التي تكون في القياس .
وفي هذا الحديث إشعار بأنّ كلّ واحدة من البدعة والشبهة على قسمين :
الأوّل : ما يكون في نفس حكم اللّه ، كتعيين الإمام بهوى النفس، أو بشَبِهَه بالإمام السابق في الشكل والشمائل .
والثاني : ما يكون في غير ذلك، كاختراع نوع من الطعام بهوى النفس، وكالمشابهة لقياس أمر بآخر في تعيين قِيَم المتلفات وتعيين القبلة . والمقصود في هذا الباب إبطال القسم الأوّل لا الثاني؛ لأنّ القرآن يبطله ويثبت الثاني .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
وليجة الرجل : من يجده معتمدا . والمراد هنا المعتمد عليه في أمر الدِّين. ومن يعتمد في أمر الدِّين وتقرير الشريعة على غير اللّه يكون متعبّدا لغير اللّه ، فلا يكون مؤمنا باللّه واليوم الآخر .
وأيضا فما لم يستند إلى موجبه الحقيقي الذي لا يزول ـ وهو اللّه سبحانه ـ يزول بزوال مستنده الذي اتّخذه ۷ وليجة من دون اللّه ، وذلك لأنّ كلّ ما لم يثبته القرآن من السبب والنسب والقرابة والوليجة والبدعة والشبهة منقطع لا يبقى ولا ينتفع بها في الآخرة، فلا يبقى الإيمان، لزوال مستنده وموجبه . أو نقول : فلا يجامع الإيمان ۸ باللّه واليوم الآخر الاعتماد عليها في أمر الدِّين ۹ .
وذكر الوليجة بعد ذكر السبب والنسب والقرابة من ذكر العام بعد الخاصّ، وتقديمها على البدعة والشبهة؛ لأنّهما منحطّان عن أن يُعدّا وليجةً أو ممّا له وليجة .

1.في الكافي المطبوع : «أحمد بن محمّد بن خالد».

2.في «ب» و «ج»: - «عن أبيه».

3.في المصدر: «مضمحل، كما يضمحل الغبار».

4.الكافي، ج ۸ ، ص ۲۴۲، ح ۳۳۵ .

5.التوبة (۹) : ۱۶ .

6.المائدة (۵) : ۵۵ .

7.في «ب» و «ج»: «اتّخذ».

8.في المصدر : + «أي الاعتقاد الثابت».

9.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۲۰۷ .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
568
  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 94262
صفحه از 644
پرینت  ارسال به