627
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
626

الباب الثالث والعشرون : بَابُ الْأَخْذِ بِالسُّنَّةِ وَشَوَاهِدِ الْكِتَابِ

وأحاديثه كما في الكافي اثنا عشر :

الحديث الأوّل

۰.روى في الكافي عَنْ الأربعة۱، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ :«قَالَ رَسُولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : إِنَّ عَلى كُلِّ حَقٍّ حَقِيقَةً ، وَعَلى كُلِّ صَوَابٍ نُورا ، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللّه ِ فَخُذُوهُ ، وَمَا خَالَفَ كِتَابَ اللّه ِ فَدَعُوهُ» .

هديّة :

يعني أنّ أصلاً ومستندا نصب على كلّ حقّ، ليدلّ على أنّه حقّ.
و(نورا) أي برهانا واضحا نصب على كلّ صواب؛ ليظهر منه أنّه صواب.
(فما وافق كتاب اللّه فخذوه) أي محكماته المضبوط عدم نسخها بالأحاديث المضبوطة عن أئمّتنا عليهم السلام بتواتر الكتب من ثقات أصحابنا الإماميّة رضوان اللّه عليهم؛ فإنّ العلم بأنّ حكم وجوب الزكاة ـ مثلاً ـ لم ينسخ إنّما هو بالعلم الحاصل من الأخبار الموصوفة، فيعالج متشابهات السنّة المتواترة بمحكماتها المربوطة بمحكمات الكتاب ، وكذا محكمات الكتاب التي [هي] محكمات باعتبار ومتشابهات بآخر، كآية الوضوء، ۲ والصلوات الخمس ۳
وأوقاتها.
والعلم بجميع محكمات الكتاب خاصّ بالمعصوم؛ لتوقّفه على العلم بجميع الناسخ والمنسوخ، فلا يحصل للفقيه بالمعالجات المعهودة عنهم عليهم السلام لعلّة التشابه إلّا الظنّ ، وهذا الظنّ لا ينافي القطع بصحّة الحكم والإفتاء والعمل في زمن الغيبة لو لم يلزم حرج من التوقّف الواجب مع إمكانه .
نعم ، هذا الظنّ ينافي القطع بأنّه حكم اللّه في الواقع. والحكم بحكم اللّه الواقعي حقيقي، وبالظنّ المرخّص في تحصيله ـ على ما فصّل مرارا ـ اضطراريّ ، كصحّة العمل بخبر الواحد الصحيح من باب التسليم لا الإفتاء والحكم بأنّه حكم اللّه ، فظهر أنّ معنى «فما وافق كتاب اللّه » أي قول العالم بكتاب اللّه عقلاً عن اللّه مثل رسول اللّه صلى الله عليه و آله بعينه .
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى :
المراد ب «شواهد الكتاب» في العنوان محكماته ۴ الناهية عن اتّباع الظنّ، الآمرة بسؤال أهل الذِّكر فيما يجري فيه وفي دليله النزاع بلا مكابرة. يعني هذا باب بيان أنّ تابع سنّة الرسول صلى الله عليه و آله من هو تابع لمحكمات القرآن الناهية عن اتّباع الظنّ والاجتهاد بالرأي والتخمين في المتشابهات، لا من هو تابع للأحاديث الموضوعة، أو لمتشابهات القرآن بدون السؤال عن أهل الذِّكر عليهم السلام فإنّ الذين قالوا بخلافة أمير المؤمنين عليه السلام ۵ طوائف : وأكبرهم الأشاعرة والمعتزلة. تَبِع الأشاعرة في مسائل اُصول الدِّين أبا الحسن الأشعري، والمعتزلة اعتزلوا عن الأشاعرة فيها فتبعوا واصل بن عطاء ، والجميع في مسائل فروع الدِّين أهل الرأي والاجتهاد ، ومع ذلك تبعوا أربعة نفر من مجتهديهم المختلفين في الحكم والفتوى باتّباع الظنّ، فصاروا أربع طوائف : فتبع طائفة أبا حنيفة، وطائفة الشافعي، واُخرى مالك بن أنس، واُخرى أحمد بن حنبل .
والأشاعرة ـ وهم أكبرهم ـ يسمّون أنفسهم بأهل السنّة والجماعة وغيرهم من طوائف العامّة بأهل البدعة .
وأصحابنا الإماميّة يسمّون جميعهم بالحشويّة؛ لتركهم محكمات القرآن وأخذهم الأباطيل من الأحاديث الموضوعة والاُصول الباطلة وغير ذلك .
فختم المصنّف ـ طاب ثراه ـ كتاب العقل بهذا الباب؛ ليظهر أنّ جميع طوائف المخالفين أهل البدعة والضلالة، وأنّ أهل السنّة في الحقيقة إنّما هم الشيعة الاثنا عشريّة .
والمراد من «الحقّ» هنا الإيمان المسؤول عنه يوم القيامة، كما يظهر من نقل المصنّف ـ طاب ثراه ـ هذه الفقرة في كتاب الإيمان والكفر في باب حقيقة الإيمان واليقين . ومن الحقيقة الأصل الذي يرجع إليه، كما يرجع العسكر إلى العَلَمِ القائم لهم . والمراد هنا الشهادة الصادقة من الأعمال الصالحة .
«وعلى كلّ صواب نورا» يعني دليلاً واضحا على صحّة العمل من محكمات القرآن ، فالمعنى أنّ على كلّ إيمان علامة من الأعمال الصالحة ، وعلى كلّ عمل صالح دليلاً واضحا من محكمات القرآن إمّا بلا واسطة كوجوب الزكاة ، وإمّا بواسطة كوجوب العمل بخبر الواحد الصحيح . فالغرض أنّ في محكمات القرآن نهيا عن اتّباع الظنّ، وأمرا بسؤال أهل الذِّكر في المتشابهات ، فإن كان دعوى الإيمان والعمل الصالح وكذا دعوى الإمامة ، ودعوى الكون عن ۶ أهل السنّة بالحقّ، ونقل الأحاديث على طبق الدعوى، والجلوس في منصب القضاء والفتوى مبنيّا على تبعيّة الظنّ، فباطل وخطأ، وإلّا فحقّ وصواب .
وقال الفاضل الاسترآبادي رحمه الله :
«إنّ على كلّ حقّ حقيقة» معناه: أنّ كلّ واقعة ورد فيها حكم من اللّه تعالى، ونصب اللّه تعالى عليه دليلاً قطعيّا واضحا عند أهل الذِّكر عليهم السلام موجودا في كتاب اللّه تعالى، لا يجوز القول بخلافه . فهذا الكلام الشريف يبطل ثلاثة مذاهب من مذاهب الاُصوليّين، ويتعيّن المذهب الرابع.
فإنّ بعضهم قال: بأنّ الواقعة التي ليست من بديهيّات الدِّين ولا من بديهيّات المذهب ليس فيها للّه حكم، بل فوّض حكمها إلى أذهان المجتهدين .
وقال بعضهم: بأنّ فيها حكما من اللّه تعالى، لكنّه تعالى لم ينصب عليه دليلاً فهو بمنزلة دفين .
وبعضهم قال: بأنّ اللّه تعالى نصب عليه دليلاً ظنّيا لا قطعيّا . ۷
وبعضهم قال : نصب عليه دليلاً قطعيّا .
وأصحاب المذهب الرابع يقولون : من خالف حكم اللّه فهو مخطئ فاسق .
وأصحاب المذهب الأوّل يقولون : كلّ مجتهد مُصيب .
وأصحاب المذهب الثاني والثالث يقولون : مَن خالف حكم اللّه معذور، وله أجر واحد، ومَن وافقه، له أجران ، ۸ انتهى .
أقول : تحقيق قوله : «وبعضهم قال : نصب عليه دليلاً قطعيّا» أنّ دليلاً عليه قطعيّا واضحا عند أصحاب العصمة عليهم السلام ، وأمّا فقهاء شيعتهم فمرخّصون في زمن الغيبة عند الاشتباه، وكونهم جامعين لشرائط الفتوى أن يتفصّوا عند الاضطرار ـ لامتناع التوقّف ـ بالمعالجات المعهودة عنهم عليهم السلام ، فدليلهم ـ مثل الأخذ بأحد الخبرين من باب التسليم ـ ظنّي، وحكمهم بالمعالجة على الرخصة قطعيّ، بمعنى القطع بصحّته . وهذا معنى ما ثبت عند الاُصوليّين من أصحابنا الإماميّة أنّ ظنّية الطريق لاينافي قطعيّة الحكم، فنسبة برهان الفضلاء ـ كما نقلنا فيما سبق ـ هذا الأصل إلى الاُصوليين من المخالفين كما ترى . نعم ، ظنّية الطريق ينافي القطع في الحكم بأنّه حكم اللّه في الواقع، لا الحكم بصحّة الحكم الاضطراريّ بالمعالجة الصريحة في الرخصة .
وتحقيق قوله «وأصحاب المذهب الرابع يقولون : من خالف حكم اللّه فهو مخطئ فاسق» أنّ الآخذ في المتشابهات بظنّه من دون التمسّك بالمعالجات المعهودة عنهم عليهم السلام ـ مع امتناع التوقّف؛ للزوم الحرج المنفيّ في الدِّين ـ مخطئ فاسق، متعدّ عن حدود اللّه .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«إنّ على كلّ حقٍّ حقيقة» أي على كلّ ثابت في نفس الأمر من الاُمور الدينيّة وغيرها ، ـ والمقصود من الدينيّة : ما يكون مصيره إليه؛ أي ينتهي ثبوته وبيانه إليه . قال في الغريبين : قال اللّيث : الحقيقة ما يصير إليه حقّ الأمر ووجوبه. ۹
«وعلى كلّ صواب نورا» أي على كلّ اعتقاد مطابق لما في نفس الأمر موضحا مبيّنا يهدى إليه.
«فما وافق كتاب اللّه » أي ينتهي في البيان والاستدلال إليه أو إلى ما يوافقه «فخذوه»، «وما خالف كتاب اللّه » أي ينتهي بيانه إلى ما يخالف كتاب اللّه ، ولا ينتهي إليه ولا إلى ما يوافقه «فدعوه». ۱۰

1.في الكافي المطبوع هكذا : «عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني».

2.المائدة (۵) : ۶ .

3.النساء (۴) : ۱۰۳؛ البقرة (۲) : ۲۳۸ .

4.في «ب» و «ج»: «محكماتها».

5.في «ب» و «ج»: + «هم».

6.في «ب» و «ج»: «من».

7.في المصدر : - «وبعضهم قال بأنّ اللّه نصب عليه دليلاً ظنّيّا لاقطعيّا».

8.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۹۹ ـ ۱۰۰.

9.في المصدر : - «قال في الغريبين : قال الليث : الحقيقة ما يصير إليه حقّ الأمر ووجوبه».

10.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۲۳۰ و ۲۳۱.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 94231
صفحه از 644
پرینت  ارسال به