هديّة :
صحّ في الإيضاح «اليعقوبي» بالخاتمة أوّلاً والمفردة آخرا ، ۱ وأورده الفاضل الفريد الملقّب بعد الصدوق برئيس المحدّثين، ميرزا محمّد الإسترابادي نزيل مكّة المعظّمة رحمه الله في رجاله أيضا في حرف الخاتمة . ۲
وقال الشهيد الثاني زين الدِّين العاملي قدس سرهبخطّه : «البعقوبي» بالمفردة أوّلاً وآخرا نسبةً إلى بعقوبة قرية من قرى بغداد ، واسمه داود بن عليّ الهاشمي ثقة . ۳
و(سبّخت) ضبطه برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى بضمّ السين المهملة والمفردة المضمومة المشدّدة وسكون الخاء المعجمة وضمّ المثنّاة الفوقانيّة لمنع صرفه بالعجمة .
القاموس : سبّخت بضمّ السين والباء المشدّدة لقب أبي عبيدة . ۴
(وإلّا رجعت) على المتكلّم وحده .
وقرأ برهان الفضلاء على الخطاب ، يعني عن دعوى النبوّة .
(قال : هو في كلّ مكان) أي بالإحاطة العلميّة .
قال السيّد الأجلّ النائيني :
أي هو حاضر في كلّ مكان بالحضور العلمي ، وليس بحاضر في شيء من الأمكنة كائن فيه بالحضور والكون الأيني والوضعي ؛ فإنّ القرب والحضور على قسمين : قرب المفارقات والمجرّدات وحضورها بالإحاطة العلميّة بالأشياء ، وقرب المقارنات وذوات الأوضاع وحضورها بالحصول الأيني ، والمقارنة الوضعيّة في الأمكنة مع ۵ المتمكّنات والمتحيّزات .
وحضور الأوّل سبحانه من القسم الأوّل دون الثاني ، والحضور العلمي في شيء لا ينافي الحضور العلمي في آخر؛ فإنّ الإحاطة العلميّة بالأشياء المتباينة ۶ بالوضع ، والمتباينة بالحدود معا جائزة ، فهو سبحانه محيط علمه بجميع الأمكنة والأيون ، وحاضر بالحضور العلمي في كلّ منها ، والمقارنة الوضعيّة تختلف بالنسبة إلى ذوات الأوضاع ، والقرب من بعضها يوجب البُعد من بعض ، وحضور البعض يوجب غيبة البعض ، وهو سبحانه منزّه عن هذه المقارنة ، وليس في شيء من المكان المحدود .
«بالكيف» أي بصفة زائدة على ذاته تعالى ، وكلّ ما هو غير ذاته ۷ فهو مخلوق ، واللّه لا يوصف بخلقه . ۸
واحتمل برهان الفضلاء : «بخلقة» كفطرة .
(فمن أين يعلم) يحتمل الغائب المجهول والمتكلّم مع الغير . وفي بعض النسخ : «فمن أين نعرف ۹ أنّك نبيّ اللّه » مكان «يعلم» وظهور لفظة الجلالة .
(أمرا) بدل (كاليوم) . واحتمل برهان الفضلاء كونه مفعولاً لفعل محذوف مقدّر فيه الاستفهام الإنكاريّ ؛ أي اطلب أمرا .
وروى الصدوق رحمه الله في كتاب التوحيد في باب السّبخت اليهودي بإسناده عن عبداللّه بن جعفر الأزهري ، عن أبيه ، عن جعفر بن محمّد ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين ، عن أبيه عليهم السلام قال : «قال أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه في بعض خطبه : من الذي حضر سبّخت الفارسي وهو يكلّم رسول اللّه صلى الله عليه و آله ؟ فقال القوم ما حضره منّا أحد ، فقال عليّ عليه السلام : لكنّي كنت معه صلى الله عليه و آله وقد جاء سبّخت وكان رجلاً من ملوك فارس وكان ذَرِبا ، فقال له : يا محمّد، إلى ما تدعو؟ قال : أدعو إلى شهادة أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، فقال سبّخت : وأين اللّه يا محمّد؟ فقال : هو في كلّ مكانٍ موجود بآياته ، فقال : فكيف هو؟ فقال : لا كيف له ، ولا أين ؛ لأنّه عزّ وجلّ كيّف الكيف وأيّن الأين ، قال : فمن أين جاء؟ قال : لا يُقال له : جاء ، وإنّما يقال : جاء للزائل من مكان إلى مكان وربّنا لا يوصف بمكان ولا بزوال ، بل لم يزل بلا مكان ولا يزال ، فقال : يا محمّد، إنّك لتصف ربّا عظيما بلا كيف ، فكيف لي أن أعلم أنّه أرسلك؟ فلم يبق بحضرتنا ذلك اليوم حجر ولا مدر ولا جبل ولا شجر ولا حيوان إلّا قال مكانه : أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله ، وقلت أنا أيضا : أشهدُ أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له وأنّ محمّدا عبده ورسوله ، فقال : يا محمّد مَن هذا؟ قال : هذا خير أهلي ، وأقرب الخلق منّي ، لحمه من لحمي ، ودمه من دمي ، وروحه من روحي ، وهو الوزير منّي في حياتي ، والخليفة بعد وفاتي ، كما كان هارون من موسى إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، فاسمع له وأطع فإنّه على الحقّ ، ثمّ سمّاه عبداللّه . ۱۰
قوله عليه السلام : «وكان ذربا» كصعق بالمعجمة والمهملة والمفردة ؛ أي منطيقا . و«الذّرب» : الحادّ من كلّ شيء .
1.الإيضاح ، ص ۱۷۸ ، الرقم ۲۸۶ .
2.منهج المقال، ص ۴۰۰ من الطبعة الحجريّة.
3.راجع: أعيان الشيعة، ج ۲، ص ۱۳۷.
4.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۱۴۹ .
5.في المصدر : «ومع» .
6.في المصدر : «المختلفة» .
7.في المصدر : «وكل ما يغاير ذاته» بدل «وكل ما هو غير ذاته فهو» .
8.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۳۱۹ ـ ۳۲۰ .
9.في «الف» : «يعرف» .
10.التوحيد ، ص ۳۱۰ ، ح ۲ .