133
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الحديث الثامن

۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنْ ابن عيسى ، عَنْ البزنطي ،۱عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام ، قَالَ :«قَالَ رَسُولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ ، بَلَغَ بِي جَبْرَئِيلُ مَكَانا لَمْ يَطَأْهُ قَطُّ جَبْرَئِيلُ ، فَكُشِفَ لَهُ ، فَأَرَاهُ اللّه ُ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ مَا أَحَبَّ» .

هديّة :

«الباء» في (بلغ بي) للتعدية ، أو للمصاحبة فأولى؛ لما لا يخفى .
(فكشف له) إلى آخر الحديث ، كلام الرضا عليه السلام . وفي توحيد الصدوق رحمه الله : «فكشف لي فأراني» وبتقديم «جبرئيل» على «قطّ .» ۲
والمراد بطائفة من نور عظمة اللّه تعالى : نور ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بدليلٍ ، وكأنّ هو مطلوبه صلى الله عليه و آله .
قال برهان الفضلاء :
«نور العظمة» منقسم بعظمة اللّه تعالى إلى أنوار أربعة ، كما سيجيء في الأوّل في الباب العشرين ، باب العرش والكرسي : «إنّ العرش خلقه اللّه تعالى من أنوار أربعة : نور أحمر منه احمرّت الحمرة ، ونور أخضر منه اخضرّت الخضرة ، ونور أصفر منه اصفرّت الصفرة ، ونور أبيض ومنه البياض . وهو العلم الذي حمّله اللّه الحَمَلة» . ونور الولاية نور العظمة ، أحبّ اللّه أن يريه رسوله صلى الله عليه و آله وأحبّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يراه .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«فكشف له فأراه اللّه من نور عظمته ما أحبّ» يحتمل أن يكون من كلام الرضا عليه السلام .
و[لا] ۳ يبعد أن يكون من تتمّة قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله فيحمل على الالتفات من التكلّم إلى الغيبة ، أو على كون الضمير في «فأراه اللّه » لجبرئيل عليه السلام .
واعلم أنّ ثقة الإسلام ـ طاب ثراه ـ قال في الكافي بعد هذا الحديث بلا فاصلة بباب ، أو كلام ، أو مثلهما : (في قوله : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَـرَ» ثمّ ذكر قبله ۴ باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه جلّ وتعالى ثلاثة أحاديث ، فقال برهان الفضلاء ـ بعد ذكره أنّ أحاديث الباب، باب في إبطال الرواية، أحد عشر ـ :
إنّ قوله : «في قوله «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَـرَ» تتمة هذا الحديث . و«في» بمعنى «مع» كما في «خَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ»۵ ، فذكر عليه السلام هذه الفقرة دفعا لتوهّم من توهّم الرؤية ليلة المعراج ـ ثمّ قال ـ : ولا يبعد ما قال الفاضل المحقّق مولانا ميرزا محمّد الإسترابادي رحمه الله : إنّه ليس من تتمّة الحديث ، بل ابتداء كلام من صاحب الكافي بمنزلة عنوان الباب للأحاديث الثلاثة التي بعده .
وقال الفاضل الإسترابادي مولانا محمّد أمين رحمه الله : في قوله : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ» كلام مستأنف في تفسير قوله تعالى : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ» أي الكلام في قوله تعالى . ۶
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
في قوله : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ» كلام مستأنف عن محمّد بن يعقوب الكليني رحمه الله ومعناه : الكلام في تفسير قوله : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ» وما ورد فيه من الأحاديث أورده في ذيل باب إبطال الرؤية بالعين ؛ للمناسبة ، ولكون ۷ الإدراك بالأوهام في حكم الإبصار بالعيون ؛ ولأنّ نفي الإدراك بالأوهام يلزمه نفي الإدراك بالعيون . ۸
أقول : قد أشار السيّد الأجلّ إلى أنّ «الأبصار» في هذه الآية مفسّرة بالأوهام من غير خلاف ، كما في الأحاديث الثلاثة التالية ، فنحن نقتفي الأكثر فنقول : قال ثقة الإسلام ـ طاب ثراه ـ في الكافي في قوله : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ» وأحاديثه كما في الكافي ثلاثة .

1.في الكافي المطبوع هكذا : «محمّد بن يحيى و غيره ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي نصر» .

2.التوحيد ، ص ۱۰۸ ، ح ۴ .

3.أضفناه من المصدر . وفي جميع النسخ : «يبعد» بدون «لا» .

4.كذا في جميع النسخ ولعلّ الصحيح : «بعده» ؛ لأنّ باب النهي عن الصفة ... بعد هذا الباب لا قبله ، وأيضا ذكر الكليني ـ طاب ثراه ـ بعد قوله : في قوله تعالى : لا تدركه ... ثلاثة أحاديث في معنى هذه الآية . فلاحظ وتدبّر لعلّ في العبارة سقط أو سهو .

5.القصص (۲۸) : ۷۹ .

6.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۱۳ .

7.في جميع النسخ : «ويكون» بدل «ولكون» . و ما أثبتناه من المصدر .

8.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۳۳۴ .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
132

الحديث السابع

۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنْ صَفْوَانَ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ : ذَاكَرْتُ أَبَا عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام فِيمَا يَرْوُونَ مِنَ الرُّؤْيَةِ ، فَقَالَ :«الشَّمْسُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءا مِنْ نُورِ الْكُرْسِيِّ ، وَالْكُرْسِيُّ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءا مِنْ نُورِ الْعَرْشِ ، وَالْعَرْشُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءا مِنْ نُورِ الْحِجَابِ ، وَالْحِجَابُ جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءا مِنْ نُورِ السِّتْرِ ، فَإِنْ كَانُوا صَادِقِينَ ، فَلْيَمْلَؤُوا أَعْيُنَهُمْ مِنَ الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ» .

هديّة :

(الشمس) أي نور الشمس ، وكذا في سائر الفقرات . ولعلّ «السبعين» فيها كناية عن الكثرة التي حسابها مع اللّه تعالى ، وكثيرا يكنّى بمثل السبعين والمأة والألف عن الكثرة البالغة كذلك . كما في قوله تعالى في سورة التوبة : «إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللّه ُ لَهُمْ»۲ .
قال برهان الفضلاء :
«يروون» بالواوين من الرواية . وقوله : «الشمس» إلى قوله «من نور الستر» حكاية رواية المخالفين ، بقرينة ما يجيء في الثالث من الباب الحادي عشر ، وأحاديث الباب العشرين . يعني فقال عليه السلام : هذا حديث صحيح عندهم .
(فإن كانوا صادقين) في بعض النسخ : «فإذا كانوا صادقين» .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
«فيما يَرون» من الرؤية . وفي بعض النسخ : «يروون» من الرواية ، أي فيما ينقلونه من رواية الرؤية . والمراد بالشمس نور الشمس . وكذا في أمثاله . ۳
وهذه الأنوار الأربعة فوق نور الشمس منشأها بنصّهم عليهم السلام نور نبيّنا صلى الله عليه و آله وأوّل خلق اللّه نوره صلى الله عليه و آله . ۴
وقال بعض المعاصرين :
الأنوار الأربعة إشارة إلى النور الخيالي والنفسي والعقلي والإلهي ؛ فالخيالي مظاهره أبدان الحيوانات الأرضيّة وصدر الإنسان الصغير ، وأعظم المظاهر لأعظم أفراده هو الكرسيّ الذي هو صدر الإنسان الكبير ، والنور النفسي مظاهره في هذا العالم قلوب بني آدم ، وأعظم المظاهر لأعظم أفراده هو العرش ، وهو قلب العالم الكبير ، ولهذا نسبه إلى العرش ، وهو مظهر النور العقلي الذي نسبه إلى الحجاب ؛ لأنّ العقل حجاب المشاهدة ، وهو مظهر النور الإلهي الذي نسبه إلى الستر ؛ لأنّه مستور عن العقول .
وهذه الأنوار كلّها من سنخ واحد بسيط لاتفاوت بينها إلّا بالشدّة والضعف ؛ لأنّ حقيقة النور ليست إلّا نفس الظهور ؛ أعني الظاهر لنفسه المظهر لغيره ، فلا شيء أظهر منه ، ولا يمكن الاطّلاع على شيء من أفرادها إلّا بالمشاهدة الحضوريّة ، وكلّ ما كان منها أشدّ ظهورا فهو أخفى من إدراك هذه الحواسّ الظاهرة الجسمانيّة ونسبتها إلى الذات الإلهيّة التي هي نور الأنوار نسبة المتناهي إلى غير المتناهي . ۵ انتهى .

1.في الكافي المطبوع هكذا : «أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن صفوان بن يحيى» .

2.التوبة (۹) : ۸۰ .

3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۳۳۳ .

4.عوالي اللآلي ، ج ۴ ، ص ۹۹ ، ح ۱۴۰ ؛ بحارالأنوار ، ج ۵۴ ، ص ۱۷۰ ، ح ۱۱۷ .

5.الوافي ، ج ۱ ، ص ۳۸۳ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 99225
صفحه از 508
پرینت  ارسال به