الحديث الثامن
۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنْ ابن عيسى ، عَنْ البزنطي ،۱عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام ، قَالَ :«قَالَ رَسُولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : لَمَّا أُسْرِيَ بِي إِلَى السَّمَاءِ ، بَلَغَ بِي جَبْرَئِيلُ مَكَانا لَمْ يَطَأْهُ قَطُّ جَبْرَئِيلُ ، فَكُشِفَ لَهُ ، فَأَرَاهُ اللّه ُ مِنْ نُورِ عَظَمَتِهِ مَا أَحَبَّ» .
هديّة :
«الباء» في (بلغ بي) للتعدية ، أو للمصاحبة فأولى؛ لما لا يخفى .
(فكشف له) إلى آخر الحديث ، كلام الرضا عليه السلام . وفي توحيد الصدوق رحمه الله : «فكشف لي فأراني» وبتقديم «جبرئيل» على «قطّ .» ۲
والمراد بطائفة من نور عظمة اللّه تعالى : نور ولاية أمير المؤمنين عليه السلام بدليلٍ ، وكأنّ هو مطلوبه صلى الله عليه و آله .
قال برهان الفضلاء :
«نور العظمة» منقسم بعظمة اللّه تعالى إلى أنوار أربعة ، كما سيجيء في الأوّل في الباب العشرين ، باب العرش والكرسي : «إنّ العرش خلقه اللّه تعالى من أنوار أربعة : نور أحمر منه احمرّت الحمرة ، ونور أخضر منه اخضرّت الخضرة ، ونور أصفر منه اصفرّت الصفرة ، ونور أبيض ومنه البياض . وهو العلم الذي حمّله اللّه الحَمَلة» . ونور الولاية نور العظمة ، أحبّ اللّه أن يريه رسوله صلى الله عليه و آله وأحبّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أن يراه .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«فكشف له فأراه اللّه من نور عظمته ما أحبّ» يحتمل أن يكون من كلام الرضا عليه السلام .
و[لا] ۳ يبعد أن يكون من تتمّة قول رسول اللّه صلى الله عليه و آله فيحمل على الالتفات من التكلّم إلى الغيبة ، أو على كون الضمير في «فأراه اللّه » لجبرئيل عليه السلام .
واعلم أنّ ثقة الإسلام ـ طاب ثراه ـ قال في الكافي بعد هذا الحديث بلا فاصلة بباب ، أو كلام ، أو مثلهما : (في قوله : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَـرَ» ثمّ ذكر قبله ۴ باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه جلّ وتعالى ثلاثة أحاديث ، فقال برهان الفضلاء ـ بعد ذكره أنّ أحاديث الباب، باب في إبطال الرواية، أحد عشر ـ :
إنّ قوله : «في قوله «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَـرَ» تتمة هذا الحديث . و«في» بمعنى «مع» كما في «خَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِى زِينَتِهِ»۵ ، فذكر عليه السلام هذه الفقرة دفعا لتوهّم من توهّم الرؤية ليلة المعراج ـ ثمّ قال ـ : ولا يبعد ما قال الفاضل المحقّق مولانا ميرزا محمّد الإسترابادي رحمه الله : إنّه ليس من تتمّة الحديث ، بل ابتداء كلام من صاحب الكافي بمنزلة عنوان الباب للأحاديث الثلاثة التي بعده .
وقال الفاضل الإسترابادي مولانا محمّد أمين رحمه الله : في قوله : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ» كلام مستأنف في تفسير قوله تعالى : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ» أي الكلام في قوله تعالى . ۶
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
في قوله : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ» كلام مستأنف عن محمّد بن يعقوب الكليني رحمه الله ومعناه : الكلام في تفسير قوله : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَـرُ» وما ورد فيه من الأحاديث أورده في ذيل باب إبطال الرؤية بالعين ؛ للمناسبة ، ولكون ۷ الإدراك بالأوهام في حكم الإبصار بالعيون ؛ ولأنّ نفي الإدراك بالأوهام يلزمه نفي الإدراك بالعيون . ۸
أقول : قد أشار السيّد الأجلّ إلى أنّ «الأبصار» في هذه الآية مفسّرة بالأوهام من غير خلاف ، كما في الأحاديث الثلاثة التالية ، فنحن نقتفي الأكثر فنقول : قال ثقة الإسلام ـ طاب ثراه ـ في الكافي في قوله : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ» وأحاديثه كما في الكافي ثلاثة .
1.في الكافي المطبوع هكذا : «محمّد بن يحيى و غيره ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن ابن أبي نصر» .
2.التوحيد ، ص ۱۰۸ ، ح ۴ .
3.أضفناه من المصدر . وفي جميع النسخ : «يبعد» بدون «لا» .
4.كذا في جميع النسخ ولعلّ الصحيح : «بعده» ؛ لأنّ باب النهي عن الصفة ... بعد هذا الباب لا قبله ، وأيضا ذكر الكليني ـ طاب ثراه ـ بعد قوله : في قوله تعالى : لا تدركه ... ثلاثة أحاديث في معنى هذه الآية . فلاحظ وتدبّر لعلّ في العبارة سقط أو سهو .
5.القصص (۲۸) : ۷۹ .
6.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۱۳ .
7.في جميع النسخ : «ويكون» بدل «ولكون» . و ما أثبتناه من المصدر .
8.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۳۳۴ .