الحديث السادس
۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنْ ابْنِ الْمُغِيرَةِ ،۱عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ يُونُسَ بْنَ ظَبْيَانَ يَقُولُ : دَخَلْتُ عَلى أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ يَقُولُ قَوْلاً عَظِيما إِلَا أَنِّي أَخْتَصِرُ لَكَ مِنْهُ أَحْرُفا ، يَزَعَمَ۲أَنَّ اللّه َ تعالى جِسْمٌ ؛ لِأَنَّ الْأَشْيَاءَ شَيْئَانِ : جِسْمٌ ، وَفِعْلُ الْجِسْمِ ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الصَّانِعُ بِمَعْنَى الْفِعْلِ ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْفَاعِلِ .
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام :«وَيْلَهُ ، ۳ أَمَا عَلِمَ أَنَّ الْجِسْمَ مَحْدُودٌ مُتَنَاهٍ ، وَالصُّورَةَ مَحْدُودَةٌ مُتَنَاهِيَةٌ؟ فَإِذَا احْتَمَلَ الْحَدَّ ، احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ ، وَإِذَا احْتَمَلَ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ ، كَانَ مَخْلُوقا» .
فقَالَ : قُلْتُ : فَمَا أَقُولُ؟
قَالَ : «لَا جِسْمٌ وَلَا صُورَةٌ ، وَهُوَ مُجَسِّمُ الْأَجْسَامِ ، وَمُصَوِّرُ الصُّوَرِ ، لَمْ يَتَجَزَّأْ ، وَلَمْ يَتَنَاهَ ،وَلَمْ يَتَزَايَدْ ، وَلَمْ يَتَنَاقَصْ ، لَوْ كَانَ كَمَا يَقُولُونَ ، لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ فَرْقٌ ، وَلَا بَيْنَ الْمُنْشِئِ وَالْمُنْشَاَ?، لكِنْ هُوَ الْمُنْشِئُ ، فَرَّقَ بَيْنَ مَنْ جَسَّمَهُ وَصَوَّرَهُ وفرّقه ۴ وَأَنْشَأَهُ ؛ إِذْ كَانَ لَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ ، وَلَا يُشْبِهُ هُوَ شَيْئا» .
هديّة :
(يونس بن ظبيان) كذّاب ملعون . وقال الغضائري : كوفيّ كذّاب وضّاع للحديث . ۵ وقال النجاشي : مولى ضعيف جدّا لا يلتفت إلى روايته ، كلّ كُتُبه تخليط . ۶
وقال الكشّي : متّهم غال . وروى أنّ الكاظم عليه السلام لعنه ألف لعنة يتبعها ألف لعنة ، كلّ لعنة منها يبلغ قعر جهنّم . ۷
وقوله : «غال» يحتمل الغالي في التوحيد ، كالصوفيّة ، كما مرّ في الثالث في الباب العاشر .
في بعض النسخ ـ كما ضبط السيّد الأجلّ النائيني ۸ ـ : «فزعم» مكان «يزعم» أي يدّعي .
يحتمل (يجوّز) على المعلوم من التفعيل في الموضعين .
والبارز في (ويله) والمستتر في «علم» لقائلِ ذلك القول اعتقادا لا تقيّة ، كهشام على الفرض .
وفي قوله عليه السلام : (لو كان كما يقولون) على الجمع ، إشارة لطيفة على التوبيخ للقائلين بذلك اعتقادا .
(لم يتجزّأ) يهمز على الأصل ، ولا يهمز تخفيفا . وكذا (المنشئ والمنشأ).
(فرق بين من جسّمه) . قال برهان الفضلاء :
من «الفرق» أو من «التفريق» يعني فرّق بين من جسّمه بتدبيره من وجوه ، كالفرق بين أفراد الإنسان والحيوان وغيرهما . وكذا فرّق بين أفراد من فرّقه وجزّاه ، وكذا بين أفراد من أنشأه واخترعه .
وقال بعض المعاصرين : يعني فَرْق بينه وبين من جسّمه ، ۹ فقرأ «فرق» على المصدر .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
أي بين من جسّمه و«صوّره وأنشأه» وبين من لم يجسّمه ولم يصوّره ، أو بين كلّ ممّن جسّمه و غيره من المجسّمات . ۱۰
1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «محمّد بن أبي عبداللّه ، عن محمّد بن إسماعيل ، عن الحسين بن الحسن ، عن بكر بن صالح ، عن الحسن بن سعيد ، عن عبداللّه بن المغيرة» .
2.في الكافي المطبوع ، و هامش «الف» : «فزعم» .
3.في الكافي المطبوع : «ويحه» .
4.في الكافي المطبوع : - «وفرّقه» .
5.رجال ابن الغضائري، ص ۱۰۱، الرقم ۱۵۲؛ وحكاه عنه في الخلاصة، ص ۴۱۹، الرقم ۲.
6.رجال النجاشي ، ص ۴۴۸ ، الرقم ۱۲۱۰ .
7.رجال الكشي ، ص ۳۶۳ ـ ۳۶۴ ، الرقم ۶۷۲ ـ ۶۷۳ .
8.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۳۵۴ .
9.الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۸۱ .
10.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۳۵۵ ـ ۳۵۶ .