هديّة :
أي مشيئة اللّه تبارك وتعالى من صفات الفعل على ما علم بيانه مفصّلاً .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
أي متأخّر عن الذات تأخّر الصادر المخرج عن العدم إلى الوجود عن مبدئه الذي يفيض وجوده . ۱
وقال بعض المعاصرين : المراد بهذه المشيئة الإيجاد دون مشيّته الأزليّة التي هي عين ذاته سبحانه . ۲
إطلاق المشيئة على العلم وهو عين الذات عرف جديد لا مشاحّة فيه لو لم يكرهه الحجّة المعصوم العاقل عن اللّه عزّ وجلّ .
قال ثقة الإسلام طاب ثراه في آخر هذا الباب :
جُمْلَةُ الْقَوْلِ فِي صِفَاتِ الذَّاتِ وَصِفَاتِ الْفِعْلِ
إِنَّ كُلَّ شَيْئَيْنِ وَصَفْتَ اللّه َ بِهِمَا ، وَكَانَا جَمِيعا فِي الْوُجُودِ ، فَذلِكَ صِفَةُ فِعْلٍ ؛ وَتَفْسِيرُ هذِهِ الْجُمْلَةِ : أَنَّكَ تُثْبِتُ فِي الْوُجُودِ مَا يُرِيدُ وَمَا لَا يُرِيدُ ، وَمَا يَرْضَاهُ وَمَا يَسْخَطُهُ ، وَمَا يُحِبُّ وَمَا يُبْغِضُ ، فَلَوْ كَانَتِ الْاءِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ مِثْلِ الْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ ، كَانَ مَا لَا يُرِيدُ نَاقِضا لِتِلْكَ الصِّفَةِ ، وَلَوْ كَانَ مَا يُحِبُّ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ ، كَانَ مَا يُبْغِضُ نَاقِضا لِتِلْكَ الصِّفَةِ ؛ أَ لَا تَرى أَنَّا لَا نَجِدُ فِي الْوُجُودِ مَا لَا يَعْلَمُ وَمَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، وَكَذلِكَ صِفَاتُ ذَاتِهِ الْأَزَلِيّة ۳ لَسْنَا نَصِفُهُ بِقُدْرَةٍ وَعَجْزٍ ۴ وَذِلَّةٍ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : يُحِبُّ مَنْ أَطَاعَهُ ، وَيُبْغِضُ مَنْ عَصَاهُ ، وَيُوَالِي مَنْ أَطَاعَهُ ، وَيُعَادِي مَنْ عَصَاهُ ، وَإِنَّهُ يَرْضى وَيَسْخَطُ ؛ وَيُقَالُ فِي الدُّعَاءِ : اللّهُمَّ ارْضَ عَنِّي ، وَلَا تَسْخَطْ عَلَيَّ ، وَتَوَلَّنِي وَلَا تُعَادِنِي .
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : يَقْدِرُ أَنْ يَعْلَمَ وَلَا يَقْدِرُ أَنْ لَا يَعْلَمَ ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَمْلِكَ ولَا يَقْدِرُ أَنْ لَا يَمْلِكَ ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ عَزِيزا حَكِيما وَلَا يَقْدِرُ أَنْ لَا يَكُونَ عَزِيزا حَكِيما ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ جَوَادا وَلَا يَقْدِرُ أَنْ لَا يَكُونَ جَوَادا ، وَيَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ غَفُورا وَلَا يَقْدِرُ أَنْ لَا يَكُونَ غَفُورا .
ولَا يَجُوزُ أَيْضا أَنْ يُقَالَ : أَرَادَ أَنْ يَكُونَ رَبّا وَقَدِيما وَعَزِيزا وَحَكِيما وَمَالِكا وَعَالِما وَقَادِرا ؛ لِأَنَّ هذِهِ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ ، وَالْاءِرَادَةُ مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ ؛ أَ لَا تَرى أَنَّهُ يُقَالُ : أَرَادَ هذَا وَلَمْ يُرِدْ هذَا ، وَصِفَاتُ الذَّاتِ تَنْفِي عَنْهُ بِكُلِّ صِفَةٍ مِنْهَا ضِدَّهَا ؛ يُقَالُ : حَيٌّ وَعَالِمٌ وَسَمِيعٌ وَبَصِيرٌ وَعَزِيزٌ وَحَكِيمٌ ، غَنِيٌّ ، مَلِكٌ ، حَلِيمٌ ، عَدْلٌ ، كَرِيمٌ ؛ فَالْعِلْمُ ضِدُّهُ الْجَهْلُ ، وَالْقُدْرَةُ ضِدُّهَا الْعَجْزُ ، وَالْحَيَاةُ ضِدُّهَا الْمَوْتُ ، وَالْعِزَّةُ ضِدُّهَا الذِّلَّةُ ، وَالْحِكْمَةُ ضِدُّهَا الْخَطَأُ ، وَضِدُّ الْحِلْمِ الْعَجَلَةُ وَالْجَهْلُ ، وَضِدُّ الْعَدْلِ الْجَوْرُ وَالْظُّلْمُ .
1.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۳۷۲ .
2.راجع الوافي ، ج۱ ، ص ۴۵۹ .
3.في الكافي المطبوع : «الأزليّ» .
4.في الكافي المطبوع : + « وعلم وجهل ، وسفه وحكمة وخطأ ، وعزّ» .