217
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

هديّة :

(يراها ويسمعها) يعني هل يرى نفسه كما يرى غيره؟ وهل يسمع كلامه كما يسمع كلام غيره ؟
(لأنّه لم يكن يسألها) أي لم يكن يدعو نفسه كما يدعوه خلقه ويطلب منه الحاجة .
(قدرته نافذة) استئناف بياني ؛ أي في كلّ ما شاء ، (فليس يحتاج) إلى (أن يسمّي نفسه) فيطلب منه الحاجة .
(لم يعرف) بأنّه الربّ المدعوّ منه الحاجة .
(فأوّل ما اختاره لنفسه العليّ العظيم) أي من الأسماء اللفظيّة ، كما أنّ أوّل ما اختاره لخلقه منها «اللّه الرحمن الرحيم» وقد ذكر في الحديث الأوّل .
(فمعناه اللّه ) أي مدلول لفظة الجلالة .
وقرأ برهان الفضلاء : «ويُسمعها» على المعلوم من الإفعال ، يعني وهل يُسْمع نفسه الكلام اللفظي ، ثمّ قال :
«هو نفسه ، ونفسه هو» إبطال لمذهب الغلاة القائلين بالاتّحاد بين اللّه وبين الإمام ، ومذهب الصوفيّة القائلين باتّحاده تعالى مع كلّ شيء كالشمعة بتشكّلاته والبحر بأمواجه .
ونفوذ قدرته تعالى عبارة عن تجرّده ، إشارة إلى انحصار التجرّد فيه تعالى ، وتعلّق قدرته بكلّ شيء بلا وجوب توسّط مجرّد فيما بينه وسائر مخلوقاته ، فإبطال لمذهب الفلاسفة والصوفيّة التابعين لهم في هذا الأصل أيضا ، وهو أصل من اُصول الكفر .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«قلت يراها ويسمعها» لمّا زعم السائل أنّ المعرفة بالإدراك الجزئي كالرؤية والاسم الخاصّ ، وأنّ الخلق بذكر اسمه سبحانه ، فإذا كان عارفا بنفسه قبل الخلق كان يرى نفسه قبل الخلق ، وإذا كان عارفا بنفسه قبل الخلق وكان خلقه بذكر اسمه كان يسمّي نفسه قبل الخلق ويسمعها بذكر اسمه ، سأله عمّا كان يزعمه بقوله : «يراها ويسمعها» . ولا يبعد أن يكون مكان «يسمعها» «يسمّيها» وإن لم يوجد في النسخ التي وصلت إلينا .
فأجاب عليه السلام بقوله : «ما كان محتاجا إلى ذلك» لعدم المغايرة بين المدرك والمدرك ، والرؤية تقتضي المغايرة بينهما وهو نافذ القدرة لا يحتاج إلى أن يسمّى نفسه وأن يستعين بالاسم . ۱
«فأوّل ما اختاره لنفسه العليّ العظيم» أي هذا الاسم أحقّ الأسماء كلّها بأن يختار له سبحانه ، أو أنّه من الأسماء الثلاثة الظاهرة ، وأوّليّته بالنسبة إلى غيرها من الأسماء ؛ لأنّه من نسب الأسماء الثلاثة ، أو أنّه أوّل الثلاثة في الترتيب إن قدّر ولوحظ ترتيب بينها ، فإذن يكون أوّل بالنسبة إلى الكلّ .
«لأنّه أعلى الأشياء» أي جميع الأشياء حتّى الأسماء ، فهو أحقّ الأسماء بالتعبير عنه سبحانه ، أو أوّل الأسماء النسبيّة ومقدّم عليها ، أو أوّل جميع الأسماء ومقدّم على ما سواه .
«فمعناه اللّه » أي ذاته المقصود بالاسم «اللّه » . وفيه دلالة على أنّ «اللّه » اسم بإزاء الذات لا باعتبار صفة من الصفات .
«واسمه العليّ العظيم» أي هذا الاسم «هو أوّل أسمائه» التي باعتبار الصفات والنسب إلى الغير . ۲

1.من قوله : «فأجاب»إلى «بالاسم» في المصدر مع إضافات اُخرى لعلّها سقطت من قلم المصنّف ولم يكن في مقام التلخيص .

2.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۳۸۰ ـ ۳۸۱ .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
216

الحديث الثاني

۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنِ ابْنِ سِنَانٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام : هَلْ كَانَ اللّه ُ ـ تعالى ـ عَارِفا بِنَفْسِهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ؟ قَالَ :«نَعَمْ» . قُلْتُ : يَرَاهَا وَيَسْمَعُهَا؟ قَالَ : «مَا كَانَ مُحْتَاجا إِلى ذلِكَ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْأَلُهَا ، وَلَا يَطْلُبُ مِنْهَا ، هُوَ نَفْسُهُ ، وَنَفْسُهُ هُوَ ، قُدْرَتُهُ نَافِذَةٌ ، فَلَيْسَ يَحْتَاجُ إلى أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ ، وَ لكِنَّهُ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ أَسْمَاءً لِغَيْرِهِ يَدْعُوهُ بِهَا ؛ لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يُدْعَ بِاسْمِهِ ، لَمْ يُعْرَفْ ، فَأَوَّلُ مَا اخْتَارَ لِنَفْسِهِ : الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا ، فَمَعْنَاهُ : اللّه ُ ، وَاسْمُهُ : الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ، هُوَ أَوَّلُ أَسْمَائِهِ عَلَا عَلى كُلِّ شَيْءٍ» .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «أحمد بن إدريس ، عن الحسين بن عبد اللّه ، عن محمّد بن عبد اللّه و موسى بن عُمَر والحسن بن عليّ بن عثمان» .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 96237
صفحه از 508
پرینت  ارسال به