الحديث الثالث
۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنْ الْحَسَنِ بْنِ رَاشِدٍ ،۱عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مُوسَى بْنِ جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : سُئِلَ عَنْ مَعْنَى اللّه ِ ، فَقَالَ :«اسْتَوْلى عَلى مَا دَقَّ وَجَلَّ» .
هديّة :
قيل : مبنى الجواب على أنّ اشتقاق لفظة الجلالة من أله بالفتح آلهة ، أي عبد عبادةً . وأصلها «إله» على فِعال ، بمعنى المفعول . و«المألوه» هو المعبود . والمعبود الحقّ هو الخالق الغالب على جميع المخلوقات دقيقها وجليلها باطنها وظاهرها .
وقد سبق في باب المعبود أنّ التحقيق: أنّ أصلها «إله» على فِعال بمعنى الفاعل ، من ألهَ كنصر ، فعلاً متعدّيا فيقتضي مألوها . ف«الإله» يعني المستحِقّ ـ بكسر الحاء ـ أن يعبده غيره . والمألوه يعني المستحقّ منه ـ بفتح الحاء ـ عبادة الإله .
وفي الصحيفة الكاملة في دعاء يوم عرفة : «وإله كلّ مألوه»، ۲ والظاهر أنّه عليه السلام لم يرد «وإله كلّ إله» . وكذا ما في الحديث من قولهم عليهم السلام : «وإلها إذ لا مألوه»، ۳ فلا عبرة بمثل قول الجوهري:
وأصلها إله على فعال بمعنى مفعول ؛ لأنّه مألوه أي معبود كقولنا : إمام [فِعال] بمعنى مفعول ؛ لأنّه مؤتمّ به ، فلمّا اُدخلت عليه الألف واللام حذفت الهمزة تخفيفا لكثرته في الكلام . ۴
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى :
المراد ب«المعنى» هنا المرجع ، يعني سئل عليه السلام عن مرجع لفظ «اللّه » بأنّ الألف واللام للعهد الخارجي بأيِّ سبب دخلت عليه؟ فقال عليه السلام : مرجع ذلك أنّه تعالى غالب جدّا ، كما هو غير مخفيّ بشواهد ربوبيّته على الأصاغر والأكابر ، بمعنى أنّه وليّ جميع النِّعم صغائرها وكبائرها .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
«عن معنى اللّه » أي عن مفهوم هذا الاسم ومناطه .
«استولى على ما دقّ وجلّ» أي على جميع الأشياء دقيقها وجليلها ، والاستيلاء على جميع الأشياء مناط المعبوديّة بالحقّ لكلّ شيء . ۵
أقول : يُقال ـ كما قال في القاموس ـ : ألِهه كفرح : أجاره وآمنه . فلا يبعد أن يكون الجواب إشارة إلى أنّ مأخذ الاشتقاق ل «الإله» كما يكون «أله» كنصر بمعنى عبد يكون «أله» كعلم ، بمعنى أجار ، والمجير مستول كملاً على المجار في كنفه ولذا آمنه .
1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد البرقي ، عن القاسم بن يحيى ، عن جدّه الحسن بن راشد» .
2.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۲۴۴ ، الدعاء ۴۷ .
3.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۳۸ ، باب جوامع التوحيد ، ح ۴ ؛ التوحيد ، ص ۳۰۹ ، باب ۴۳ ، ح ۲ .
4.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۲۳ (أله) .
5.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۳۸۸ .