الحديث السادس
۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ مَيْمُونٍ الْبَانِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام وَقَدْ سُئِلَ عَنِ الْأَوَّلِ وَالْاخِرِ ، فَقَالَ :«الْأَوَّلُ لَا عَنْ أَوَّلٍ قَبْلَهُ ، وَلَا عَنْ بَدْءٍ سَبَقَهُ ؛ وَالْاخِرُ لَا عَنْ نِهَايَةٍ كَمَا يُعْقَلُ مِنْ صِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ ، وَلكِنْ قَدِيمٌ ، أَوَّلٌ ، آخِرٌ ، لَمْ يَزَلْ ، وَلَا يَزُولُ ، بِلَا بَدْءٍ وَلَا نِهَايَةٍ ، لَا يَقَعُ عَلَيْهِ الْحُدُوثُ ، وَلَا يَحُولُ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ ، خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ» .
هديّة :
مفعول (سمعت) محذوف يدلّ عليه (فقال) وما بعده . قيل: والتقدير : سمعت قوله عليه السلام ، فاُقيم المضاف إليه مقام المضاف . والأصحّ أنّ المحذوف : «يقول» .
(لا عن أوّل قبله) يحتمل إضافة «الأوّل» إلى «القبل» و«البدء» إلى «السبق»، أي لا عن جهة أوّله الزمانيّ ولا عن جهة سبقه كذلك .
أو «الأوّل» منوّن ، وكذا «البدء» و«قبله» نصب على الظرفيّة ، و«سبقه» على الفعل الماضي ؛ فإنّ كلّ ما أوّليّته زمانيّة مسبوق بزمان قطعا .
(والآخر لا عن نهاية) أي لا جهة نهاية زمانيّة ، بل بمعنى أنّه قديم لا بداية له ولا نهاية له .
في بعض النسخ ـ كما ضبط برهان الفضلاء ـ : «ولا يزال» مكان «ولا يزول» وهو أظهر .
(لا يقع عليه الحدوث) ردّ على القائلين بأنّه سبحانه محلّ الحوادث كالقدريّة القائلين بأنّ الحوادث بأجمعها شكله «قَـتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ» . ۲
قال الفاضل الإسترابادي : «لاعن أوّل قبله» يعني معنى الأوّل والآخر يرجعان إلى السلب . ۳
وقرأ برهان الفضلاء : «لا عن أوّل قبلة» بإضافة «الأوّل» إلى «القبلة» بالتحريك ، والتاء للوحدة . وكذا «ولا عن بديء سبقة» بقراءة «البديء» كالبديع لفظا ومعنىً ، و«السّبقة» بالفتح وسكون المفردة . قال :
«القَبَل» بفتحتين : الاستيناف . قال الهروي في الغريبين في حديث آدم عليه السلام : «إنّ اللّه تعالى كلّمه قِبَلاً» بكسر القاف وفتح المفرد . ويجوز في العربيّة قَبَلاً بفتحتين ؛ أي مستأنفا للكلام يقال : سقى إبله قَبَلاً، أي استأنف بها السّقي . قال : يعني سمعته عليه السلام وقد سئل عن قوله تعالى في سورة الحديد «الْأَوَّلُ وَالْاخِرُ»۴ ، فقال : الأوّل هنا ليس مأخوذا عن أوّل يكون مع استئناف ، ولا عن ابتداع يكون مع سبق واحد على أمثاله .
ثمّ قال : «لم يزل ولا يزال» من الأفعال الناقصة وخبرهما محذوف يدلّ عليه «أوّل آخر» فالتقدير : لم يزل أوّلاً آخرا ، ولا يزال أوّلاً آخرا .
قال السيّد الداماد رحمه الله :
«أوّل آخر» بدون العطف إشارة إلى أنّ أوّليّته عين آخريّته ؛ لأنّ قدمه ليس قدما زمانيّا ؛ أي الامتداد الكمّي بلا نهاية ، فهو تبارك وتعالى أزليّ بما هو أبديّ وأبديّ بما هو أزليّ . «لا يقع عليه الحدوث» ناظر إلى الأوّليّة . «لا يحول من حال إلى حال» ناظر إلى الآخريّة . ۵