الحديث الرابع
۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ۱قَالَ : إِنَّ عَبْدَ اللّه ِ الدَّيَصَانِيَّ سَأَلَ هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ ، فَقَالَ لَهُ : أَلَكَ رَبٌّ؟ فَقَالَ : بَلى ، قَالَ : أَقَادِرٌ هُوَ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَادِرٌ قَاهِرٌ ، قَالَ : يَقْدِرُ أَنْيُدْخِلَ الدُّنْيَا كُلَّهَا الْبَيْضَةَ ، لَا تَكْبُرُ الْبَيْضَةُ وَلَا تَصْغُرُ الدُّنْيَا؟ قَالَ هِشَامٌ : النَّظِرَةَ ، فَقَالَ لَهُ : قَدْ أَنْظَرْتُكَ حَوْلاً ، ثُمَّ خَرَجَ عَنْهُ .
فَرَكِبَ هِشَامٌ إِلى أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللّه ِ ، أَتَانِي عَبْدُ اللّه ِ الدَّيَصَانِيُّ بِمَسْأَلَةٍ لَيْسَ الْمُعَوَّلُ فِيهَا إِلَا عَلَى اللّه ِ وَعَلَيْكَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام :«عَمَّا ذَا سَأَلَكَ؟» فَقَالَ : قَالَ لِي : كَيْتَ وَكَيْتَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «يَا هِشَامُ ، كَمْ حَوَاسُّكَ؟» قَالَ : خَمْسٌ ، قَالَ : «أَيُّهَا أَصْغَرُ؟» قَالَ : النَّاظِرُ ، قَالَ : «وَكَمْ قَدْرُ النَّاظِرِ؟» قَالَ : مِثْلُ الْعَدَسَةِ أَوْ أَقَلُّ مِنْهَا ، فَقَالَ لَهُ : «يَا هِشَامُ ، فَانْظُرْ أَمَامَكَ وَفَوْقَكَ وَأَخْبِرْنِي بِمَا تَرى» فَقَالَ : أَرى سَمَاءً وَأَرْضا وَدُورا وَقُصُورا وَبَرَارِيَ وَجِبَالاً وَأَنْهَارا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «إِنَّ الَّذِي قَدَرَ أَنْ يُدْخِلَ الَّذِي تَرَاهُ الْعَدَسَةَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا قَادِرٌ أَنْ يُدْخِلَ الدُّنْيَا كُلَّهَا الْبَيْضَةَ لَا تَصْغُرُ الدُّنْيَا وَلَا تَكْبُرُ الْبَيْضَةُ» .
فَأَكَبَّ هِشَامٌ عَلَيْهِ ، وَقَبَّلَ يَدَيْهِ وَرَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ ، وَقَالَ : حَسْبِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللّه ِ ، وَانْصَرَفَ إِلى مَنْزِلِهِ ، وَغَدَا عَلَيْهِ الدَّيَصَانِيُّ ، فَقَالَ لَهُ : يَا هِشَامُ ، إِنِّي جِئْتُكَ مُسَلِّما ، وَلَمْ أَجِئْكَ مُتَقَاضِيا لِلْجَوَابِ ، فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ : إِنْ كُنْتَ جِئْتَ مُتَقَاضِيا ، فَهَاكَ الْجَوَابَ .
فَخَرَجَ الدَّيَصَانِيُّ عَنْهُ حَتّى أَتى بَابَ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَلَمَّا قَعَدَ ، قَالَ لَهُ : يَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، دُلَّنِي عَلى مَعْبُودِي ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «مَا اسْمُكَ؟» فَخَرَجَ عَنْهُ ، وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِاسْمِهِ ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : كَيْفَ لَمْ تُخْبِرْهُ بِاسْمِكَ؟ قَالَ : لَوْ كُنْتُ قُلْتُ لَهُ : عَبْدُ اللّه ِ ، كَانَ يَقُولُ : مَنْ هذَا الَّذِي أَنْتَ لَهُ عَبْدٌ؟ فَقَالُوا لَهُ : عُدْ إِلَيْهِ ، وَقُلْ لَهُ : يَدُلُّكَ عَلى مَعْبُودِكَ ، وَلَا يَسْأَلُكَ عَنِ اسْمِكَ .
فَرَجَعَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، دُلَّنِي عَلى مَعْبُودِي ، وَلَا تَسْأَلْنِي عَنِ اسْمِي ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «اجْلِسْ» وَإِذَا غُلَامٌ لَهُ صَغِيرٌ ، فِي كَفِّهِ بَيْضَةٌ يَلْعَبُ بِهَا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «يَا غُلَامُ نَاوِلْنِي ۲ الْبَيْضَةَ» ، فَنَاوَلَهُ إِيَّاهَا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «يَا دَيَصَانِيُّ ، هذَا حِصْنٌ مَكْنُونٌ ، لَهُ جِلْدٌ غَلِيظٌ ، وَتَحْتَ الْجِلْدِ الْغَلِيظِ جِلْدٌ رَقِيقٌ ، وَتَحْتَ الْجِلْدِ الرَّقِيقِ ذَهَبَةٌ مَائِعَةٌ ، وَفِضَّةٌ ذَائِبَةٌ ، فَلَا الذَّهَبَةُ الْمَائِعَةُ تَخْتَلِطُ بِالْفِضَّةِ الذَّائِبَةِ ، وَلَا الفِضَّةُ الذَّائِبَةُ تَخْتَلِطُ بِالذَّهَبَةِ الْمَائِعَةِ ، فَهِيَ عَلى حَالِهَا ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا خَارِجٌ مُصْلِحٌ ؛ فَيُخْبِرَ عَنْ صَلَاحِهَا ، وَلَا دَخَلَ فِيهَا مُفْسِدٌ ؛ فَيُخْبِرَ عَنْ فَسَادِهَا ، لَا يُدْرى أ لِلذَّكَرِ ۳ خُلِقَتْ أَمْ لِلْأُنْثى ، تَنْفَلِقُ عَنْ مِثْلِ أَلْوَانِ الطَّوَاوِيسِ ، أَتَرى لَهَا مُدَبِّرا؟» .
قَالَ : فَأَطْرَقَ مَلِيّا ، ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَا اللّه ُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّكَ إِمَامٌ وَحُجَّةٌ مِنَ اللّه ِ عَلى خَلْقِهِ ، وَأَنَا تَائِبٌ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ .
1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن إسحاق الخفّاف ، أو عن أبيه ، عن محمّد بن إسحاق» .
2.في الكافي المطبوع : «ناولني يا غلام» .
3.في الكافي المطبوع : «للذَّكَر» من دون همزة الاستفهام .