25
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الحديث الرابع

۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ۱قَالَ : إِنَّ عَبْدَ اللّه ِ الدَّيَصَانِيَّ سَأَلَ هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ ، فَقَالَ لَهُ : أَلَكَ رَبٌّ؟ فَقَالَ : بَلى ، قَالَ : أَقَادِرٌ هُوَ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَادِرٌ قَاهِرٌ ، قَالَ : يَقْدِرُ أَنْيُدْخِلَ الدُّنْيَا كُلَّهَا الْبَيْضَةَ ، لَا تَكْبُرُ الْبَيْضَةُ وَلَا تَصْغُرُ الدُّنْيَا؟ قَالَ هِشَامٌ : النَّظِرَةَ ، فَقَالَ لَهُ : قَدْ أَنْظَرْتُكَ حَوْلاً ، ثُمَّ خَرَجَ عَنْهُ .
فَرَكِبَ هِشَامٌ إِلى أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ : يَا ابْنَ رَسُولِ اللّه ِ ، أَتَانِي عَبْدُ اللّه ِ الدَّيَصَانِيُّ بِمَسْأَلَةٍ لَيْسَ الْمُعَوَّلُ فِيهَا إِلَا عَلَى اللّه ِ وَعَلَيْكَ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام :
«عَمَّا ذَا سَأَلَكَ؟» فَقَالَ : قَالَ لِي : كَيْتَ وَكَيْتَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «يَا هِشَامُ ، كَمْ حَوَاسُّكَ؟» قَالَ : خَمْسٌ ، قَالَ : «أَيُّهَا أَصْغَرُ؟» قَالَ : النَّاظِرُ ، قَالَ : «وَكَمْ قَدْرُ النَّاظِرِ؟» قَالَ : مِثْلُ الْعَدَسَةِ أَوْ أَقَلُّ مِنْهَا ، فَقَالَ لَهُ : «يَا هِشَامُ ، فَانْظُرْ أَمَامَكَ وَفَوْقَكَ وَأَخْبِرْنِي بِمَا تَرى» فَقَالَ : أَرى سَمَاءً وَأَرْضا وَدُورا وَقُصُورا وَبَرَارِيَ وَجِبَالاً وَأَنْهَارا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «إِنَّ الَّذِي قَدَرَ أَنْ يُدْخِلَ الَّذِي تَرَاهُ الْعَدَسَةَ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا قَادِرٌ أَنْ يُدْخِلَ الدُّنْيَا كُلَّهَا الْبَيْضَةَ لَا تَصْغُرُ الدُّنْيَا وَلَا تَكْبُرُ الْبَيْضَةُ» .
فَأَكَبَّ هِشَامٌ عَلَيْهِ ، وَقَبَّلَ يَدَيْهِ وَرَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ ، وَقَالَ : حَسْبِي يَا ابْنَ رَسُولِ اللّه ِ ، وَانْصَرَفَ إِلى مَنْزِلِهِ ، وَغَدَا عَلَيْهِ الدَّيَصَانِيُّ ، فَقَالَ لَهُ : يَا هِشَامُ ، إِنِّي جِئْتُكَ مُسَلِّما ، وَلَمْ أَجِئْكَ مُتَقَاضِيا لِلْجَوَابِ ، فَقَالَ لَهُ هِشَامٌ : إِنْ كُنْتَ جِئْتَ مُتَقَاضِيا ، فَهَاكَ الْجَوَابَ .
فَخَرَجَ الدَّيَصَانِيُّ عَنْهُ حَتّى أَتى بَابَ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَلَمَّا قَعَدَ ، قَالَ لَهُ : يَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، دُلَّنِي عَلى مَعْبُودِي ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «مَا اسْمُكَ؟» فَخَرَجَ عَنْهُ ، وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِاسْمِهِ ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ : كَيْفَ لَمْ تُخْبِرْهُ بِاسْمِكَ؟ قَالَ : لَوْ كُنْتُ قُلْتُ لَهُ : عَبْدُ اللّه ِ ، كَانَ يَقُولُ : مَنْ هذَا الَّذِي أَنْتَ لَهُ عَبْدٌ؟ فَقَالُوا لَهُ : عُدْ إِلَيْهِ ، وَقُلْ لَهُ : يَدُلُّكَ عَلى مَعْبُودِكَ ، وَلَا يَسْأَلُكَ عَنِ اسْمِكَ .
فَرَجَعَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، دُلَّنِي عَلى مَعْبُودِي ، وَلَا تَسْأَلْنِي عَنِ اسْمِي ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «اجْلِسْ» وَإِذَا غُلَامٌ لَهُ صَغِيرٌ ، فِي كَفِّهِ بَيْضَةٌ يَلْعَبُ بِهَا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «يَا غُلَامُ نَاوِلْنِي ۲ الْبَيْضَةَ» ، فَنَاوَلَهُ إِيَّاهَا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «يَا دَيَصَانِيُّ ، هذَا حِصْنٌ مَكْنُونٌ ، لَهُ جِلْدٌ غَلِيظٌ ، وَتَحْتَ الْجِلْدِ الْغَلِيظِ جِلْدٌ رَقِيقٌ ، وَتَحْتَ الْجِلْدِ الرَّقِيقِ ذَهَبَةٌ مَائِعَةٌ ، وَفِضَّةٌ ذَائِبَةٌ ، فَلَا الذَّهَبَةُ الْمَائِعَةُ تَخْتَلِطُ بِالْفِضَّةِ الذَّائِبَةِ ، وَلَا الفِضَّةُ الذَّائِبَةُ تَخْتَلِطُ بِالذَّهَبَةِ الْمَائِعَةِ ، فَهِيَ عَلى حَالِهَا ، لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا خَارِجٌ مُصْلِحٌ ؛ فَيُخْبِرَ عَنْ صَلَاحِهَا ، وَلَا دَخَلَ فِيهَا مُفْسِدٌ ؛ فَيُخْبِرَ عَنْ فَسَادِهَا ، لَا يُدْرى أ لِلذَّكَرِ ۳ خُلِقَتْ أَمْ لِلْأُنْثى ، تَنْفَلِقُ عَنْ مِثْلِ أَلْوَانِ الطَّوَاوِيسِ ، أَتَرى لَهَا مُدَبِّرا؟» .
قَالَ : فَأَطْرَقَ مَلِيّا ، ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَا اللّه ُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّكَ إِمَامٌ وَحُجَّةٌ مِنَ اللّه ِ عَلى خَلْقِهِ ، وَأَنَا تَائِبٌ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن إسحاق الخفّاف ، أو عن أبيه ، عن محمّد بن إسحاق» .

2.في الكافي المطبوع : «ناولني يا غلام» .

3.في الكافي المطبوع : «للذَّكَر» من دون همزة الاستفهام .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
24

هديّة :

(محمّد بن عليّ) كما عيّنه الصدوق رحمه الله في إسناد هذا الحديث هو : «أبو سمينة الكوفي الصيرفي» ۱ .
و(أبو الحسن) هو الثاني ، يعني الرضا عليه السلام .
(وليس هو كما تقولون) لأنّه مجرّد مقال بلا حجّة ، ومحض خيال بلا بيّنة .
و«الشرع» بالكسر ، ويفتح ، وبفتحتين : المثل . والجمع أيضا بالكسر ، وبالفتح أيضا . وكعِنَب أيضا ؛ ولكونه مصدرا يستوي فيه التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية والجمع .
و(سواء) إذا مددت فتحت ، وإذا قصرت كسرت .
(وهو قولنا) لمكان الحجج القاطعة ، والمعجزات الساطعة ، والآيات الباهرة ، والدلالات الظاهرة .
(ألستم قد هلكتم ونجونا ) قال اللّه تبارك وتعالى : «فَأَىُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ»۲ .
(أوجدني) : أفْدِني وأفْهِمني .
وقرأ برهان الفضلاء : «هو أيّن الأيّن» كسيّد ، يعني من له الأين ؛ «وكيّف الكيّف» يعني من له الكيف .
في توحيد الصدوق رحمه اللهوعيونه : «بكيفوفيّةٍ» ۳ منكّرةً ، كنظيرتها هنا في عامّة النسخ . والوجه لِما في هنا أنّ «الكيف» هنا مراد بجميع أفراده ، و«الأين» ببعض أفراده .
(فاخبرني متى كان) لا خلاف في ظنّهم هنا بسقوط كلمات من قلم سالف من نسّاخ الكافي . وفي التوحيد والعيون هكذا : «قال الرجل فاخبرني متى كان؟ قال أبو الحسن عليه السلام : «أخبرني متى لم يكن فأخبرك متى كان » ، قال الرجل : فما الدليل عليه؟ قال أبو الحسن عليه السلام : «إنّي لمّا نظرت» . الحديث .
قال السيّد الداماد ثالث المعلّمين قدس سره :
قد تحقّق في الحكمة الإلهيّة أنّه لا يكون لوجود شيءٍ متى إلّا إذا كان لعدمه متى . وبالجملة ، لا يدخل الشيء في مقولة «متى» بوجوده فقط بل بوجوده وعدمه جميعا ، فإذا لم يصحّ أن يقال لشيء : متى لم يكن وجوده ، لم يصحّ أن يقال : متى كان وجوده . ۴
(ومجرى الشمس والقمر) أي بقدرته تعالى وتقديره وتدبيره فيهما باختلاف مجراهما ومنطقيهما وحيّزيهما لغرض اختلاف الليل والنهار ، وفصول الدهور ، وأهلّة الشهور ، وسائر الآثار ؛ لفوائد عظيمة ، وأغراض مستقيمة .

1.التوحيد ، ص ۲۵۰ ، باب الردّ على الثنويّة والزنادقة ، ح ۳ .

2.الأنعام (۶) : ۸۱ .

3.التوحيد ، ص ۲۵۱ ، باب الردّ على الثنويّة والزنادقة ، ح ۳ ؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲ ، ص ۱۲۰ ، الباب ۱۱ ، ح ۲۸ .

4.التعليقة على اُصول الكافي، ص ۱۸۰.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 99506
صفحه از 508
پرینت  ارسال به