الحديث الثامن
۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنْ السرّاد ،۱
عَمَّنْ ذَكَرَهُ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ عِنْدَهُ : اللّه ُ أَكْبَرُ ، فَقَالَ :«اللّه ُ أَكْبَرُ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ؟» فَقَالَ : مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «حَدَّدْتَهُ» فَقَالَ الرَّجُلُ : كَيْفَ أَقُولُ؟ قَالَ : «قُلْ : اللّه ُ أَكْبَرُ مِنْ أَنْ يُوصَفَ» .
هديّة :
«حدّده تحديدا» : جعل له حدّا ، أو أخذه محدودا .
وضبط برهان الفضلاء : «حددته» كنصر ، بمعنى دفعته عن مقامه .
وفي بعض النسخ : «قل : اللّه أكبر ، أكبر من أن يوصف» بتكرار لفظ «أكبر» . والمقدّر عليهما : يعني .
والمعنى ، من أن يوصف بوصف المخلوقين ، أو من [أن] يعقل وصفه كما هو حقّه .
قال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«أكبر من أيّ شيء؟» استعلام عن مراد القائل إنّه هل أراد اتّصافه تعالى بالشدّة والزيادة في الكِبَر الذي يعقل في المخلوق ، فيلزم اتّصافه بالكِبَر الإضافي ، أو أراد نفي اتّصافه سبحانه بما يعقل من الصفات التي في المخلوقات؟ فلمّا أجاب القائل بقوله : «من كلّ شيء» علم أنّه أراد الاتّصاف بالكِبرَ الإضافي ، فنبّه على فساده بقوله : «حدّدته»؛ لأنّ المتّصف بصفات الخلق محدّد بحدود الخلق .
ولفظ «أكبر» هنا ليس مستعملاً فيما يعقل من المعاني الحقيقيّة للتفضيل ، إنّما استعمل في نفي صفات المخلوقات وتعاليه عن الاتّصاف بها ، فيكون استعمالاً للّفظ في لازم معناه الحقيقي ؛ فإنّ الأشدّ والأزيد في صفة مشتركة بين المفضّل والمفضّل عليه خارج عن مرتبة المفضّل عليه ، غير محاط بها ، فاستعمل في الخروج عن مرتبة غيره ونفى المحاطيّة بتلك المرتبة مجرّدا عن الاشتراك في أصل الصفة .
كأنّ ۲ القدرة من لوازمها نفي العجز ، والعلم من لوازمها نفي الجهل ، والسمع من لوازمه نفي خفاء ما يدرك بالسمع ، والبصر من لوازمه نفي خفاء المدرك بالبصر ، واستعملت هذه الصفات فيه سبحانه باعتبار اللوازم [لا] ۳ باعتبار تحقّق المعقول من صفاتنا ۴ فيه سبحانه . ۵
أقول : نعم ، إن قلنا بالاشتراك المعنوي ، والحقّ الاشتراك اللفظي في الألفاظ المستعملة في الخالق والمخلوق ، وإلّا لزم التجوّز في الجميع نظرا إلى الخالق تعالى . وقول السيّد ـ كما ستعرفه في هديّة التالي ـ لاستحالة كون المخلوق مشاركا للخالق مشاركة مصحّحة للنسبة، بيّنة عادلة لنا .
1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عليّ بن محمّد ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب» .
2.في المصدر : «كما أنّ» بدل «كأنّ» .
3.أضفناه من المصدر .
4.كذا في المصدر وحاشية «ج» وهو الصواب ، وفي المخطوطات : «صفاته» .
5.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۳۹۷ ـ ۳۹۸ .