27
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

هديّة :

يُقال : فلان دَيَصاني بالتحريك ؛ أي زنديقٌ ملحدٌ حاد عن الطريق . داص يديص دَيَصانا : زاغ وحاد .
قال الشهرستاني في الملل والنحل : الديصانيّة طائفة من الثنويّة القائلين بقدم النور والظلمة . ۱
(قادر) على كلّ شيء . (قاهر) على جميع ما سواه . وبهذا فُسّر «اللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ» . ۲
(لا تكبر البيضة) على المعلوم من المجرّد ، أو التفعيل ، أو خلافه منه . وكذا (ولاتصغر الدنيا) .
و(النَظِرة) ككَلِمَة : كالمُهلة ، أي ألتمس النَظِرَة .
قال الفاضل الإسترابادي بخطّه : قال هشام النظرة لا يجب علينا دفع شبهة الملاحدة والكامل بذلك هو الإمام عليه السلام . ۳
(حولاً) أي سَنة .
(كيت وكيت) مثلّثة الحركة البنائيّة ، لا تستعمل إلّا مكرّرة ، يكنّى بهما عن الحكاية بتمامها .
(كم حواسّك) أي الظاهريّة .
(أيّها أصغر) أي محلّاً .
(وكم قدر الناظر) تميزه محذوف ، أي كم شبرا مثلاً.
(فأكبّ هشام عليه)، يقال: كبّه، أي صرعه بوجهه فأكبّ هو . وهذا من الشواذّ أن يكون «فَعَلَ» متعدّيا و«أفعل» لازما .
(حسبي يا ابن رسول اللّه ) في جواب الإمام عليه السلام . هذا في توجيهه ليندفع به الشبهة بحذافيرها ، أقوال وبيانات ، وأنا أرجو فهمه بعون اللّه وتوفيقه .
قال برهان الفضلاء :
في هذا الجواب إشكال ، وهو أنّ السؤال إنّما هو عن إمكان تعلّق قدرته تعالى بما هو محال بالذات ، والجواب لا يطابقه ؛ لأنّه تمثيل بما هو ممكن .
ثمّ أجاب: بأنّ ذلك السؤال صورة محضة لا حقيقة لها ؛ إذ لا يمكن الإخبار عن مفهومها بغير قضيّة طبيعيّة ؛ لأنّ صدق العنوان المحال ليس على فرد ممكن ليمكن انعقاد قضيّة غير طبيعيّة موجبة أو سالبة ، وليس هذا بارتفاع النقيضين ؛ لأنّ عدم إمكان أن تنعقد قضيّة متعارفة موجبة سالبة المحمول لا يستلزم إمكان انعقاد قضيّة طبيعيّة سالبة بسيطة ، كما اشتهر في المنطقيّين أنّ المجهول المطلق لا يخبر عنه ، فثبت أنّه تعالى لا عاجز عن ذلك ولا غير عاجز، ولا قادر ولا غير قادر .
وقال السيّد الأجلّ النائيني نحوا ممّا قال برهان الفضلاء حيث قال في أواخر توجيهه : فمرجع السؤال إلى كون شيء واحد من جهة واحدة كبيرا صغيرا معا ، وهذا لفظ ليس له معنى محصّل . ۴
وقال الفاضل الإسترابادي، بخطّه :
قصده عليه السلام أنّ معنى القادر هو المتمكِّن من خلق الممكن ، ومعنى العاجز هو غير المتمكّن من خلق الممكن ، والذي يمكن هنا الدخول في المشاعر لا الوجود الخارجي . وإنّما أجمل عليه السلام في الكلام ؛ لأنّهم مكلّفون بأن يكلّموا الناس على قدر عقولهم . ۵
وقال بعض المعاصرين مطابقا لما قاله استاذه الفاضل صدر الدِّين محمّد الشيرازي وجماعة من الفضلاء :
هذه مجادلة بالتي هي أحسن ، وجواب جدليّ مسكت يناسب فهم السائل ، وقد صدر مثله عن أبي الحسن الرضا عليه السلام فيما رواه الصدوق في توحيده . ۶ والجواب البرهاني أن يقال : إنّ عدم تعلّق قدرته تعالى على ذلك ليس من نقصان في قدرته ، ولا لقصور في عمومها وشمولها كلّ شيء ، بل إنّما ذلك من نقصان المفروض ، وامتناعه الذاتي ، وبطلانه الصرف ، وعدم حظّه من الشيئيّة ، كما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام فيما رواه الصدوق أيضا بإسناده عن ابن أبي عمير عن ابن اُذينة عن أبي عبداللّه عليه السلام قال : «قيل لأمير المؤمنين عليه السلام : هل يقدر ربّك أن يدخل الدنيا في بيضة من غير تصغير الدنيا أو تكبير البيضة؟ قال : إنّ اللّه تعالى لا ينسب إلى العجز ، والذي سألتني لا يكون » . ۷ وفي رواية اُخرى : «ويلك أنّ اللّه لا يوصف بالعجز ومن أقدر ممّن يلطّف الأرض ويعظّم البيضة » . ۸
ولنا أن نجعل الجواب الأوّل أيضا برهانيّا على قاعدة الانطباع بأن نقول : إنّ ذلك إنّما يتصوّر ويتعقّل بحسب الوجود الانطباعي الارتسامي، واللّه سبحانه قادر على ذلك ؛ حيث أدخل الذى تراه جليدة ناظرك . ۹ انتهى كلام بعض المعاصرين .
أقول : لا شكّ أنّ الإيمان بمعراجه صلى الله عليه و آله على ما اُمرنا به إنّما هو الإيمان بأمرٍ ممكن مقدور له تعالى مع محاليّة دركنا كيفيّة إمكانه ونَهَج وقوعه ببدن جسماني في قليلٍ من الزمان، سائرا على البُراق من مكّة إلى البيت المقدّس ، ومنه من الصخرة إلى الرفيق الأعلى ، إلى سدرة المنتهى ، إلى الحجب ، إلى ما شاء اللّه تعالى بتلك المكالمات باللسان ، والمشاهدات بالبصر ، وتفرّس عجائبات الملكوت ، وتصفّح سرادقات الجبروت ، وتصرّف طرائف الجنان ، وإمامة الجماعة في ذلك المكان . فالمحال إدراكنا كيفيّة الإمكان ونهج الوقوع ، لا الوقوع والإمكان . ۱۰
فمعنى الجواب أنّ الذي قدر على هذا بهذا النهج الذي لا يدركه الأكمه قبل وقوعه البتّة قادر على هذا أيضا ، لكن بنهج لا يدرك قبل أن يقع ، ولا يقع إلّا أن يشاء اللّه فيقع ويدرك من غير استبعاد واستحالة ، كما في مثال الناظر والمنظور للمبصر بعد كَمَهِه ، واللّه العظيم قادر على أن تنفلق سَفَرْجلةً في كفّ رسوله صلى الله عليه و آله عن حورائين مخلوقتين منذ ما شاء اللّه لسلمان وأبي ذرّ رضي اللّه عنهما ، وأن يحشران الناس جميعا أوّلاً في صعيدٍ واحدٍ . ۱۱ وفسّر الصعيد الواحد بصخرة بيت المقدّس ألا يرى قول الصادق عليه السلام : «قادر» وقول أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه : «إنّ اللّه تعالى لا ينسب إلى العجز، والذي سألتني لا يكون» أي لا يقع ، لا أنّه لا يمكن ، وعدم الوقوع لا يستلزم عدم الإمكان .
ومعنى قوله عليه السلام : «ومن أقدر ممّن يلطّف الأرض ويعظّم البيضة» أنّ تقييد السائل سؤاله بقوله : «من غير تصغير الدنيا أو تكبير البيضة» دلالة على إمكان ذلك عنده، وتجويزه أن يكون مقدورا له تعالى بأحد هذين النهجين ، فمن أقدرُ ممّن قدر على ذلك بالتصغير أو التكبير؟ فإذا كان ذلك مقدورا له بهذا النهج كان مقدورا له أيضا بلا تصغير أو تكبير بنهج آخر غيرُ مدرَكٍ قبل الوقوع إلّا أن يشاء اللّه ، فيقع ويدرك من غير استحالة في إدراكه بنهجه، فإن خدشك شيء فاجمع خاطرك بالتأمّل في أنّ إيمانك بمعراجه صلى الله عليه و آله إيمان بمُحالٍ بالذات ، أو بممكن مقدورٍ له عزّ وجلّ «تَبَارَكَ الَّذِى بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ»۱۲ .
(مسلّما) أي لأسلّم عليك .
(فهاك الجواب) «ها» مقصورة من أسماء الأفعال يلحق بها كاف الخطاب ، أي خذ إليك الجواب .
(ولم يخبره باسمه) حذرا عن الإلزام ، وخفّة عِلاوَة التوبيخ ، كما مرّ في هديّة الأوّل . ولا يبعد أن يقال : حذرا عن أن ينقلب منصبه في ولاية المناظرة ، فيصيرَ مستدلّاً بعد كونه مانعا فيخَبَرَ عن صلاحها .
(ولا دخل فيها) في بعض النسخ : «ولم يدخل فيها» يعني ليس لك خبر عن داخل مثل الحصن في الكفّ ، لا عن صلاح داخله ، ولا عن فساد داخله ، فتعريض بأنّ القاصر فهمه عن مثل هذا ـ فضلاً عن مثل الدنيا بسماواتها وأرضيها وما فيهنّ وما بينهنّ وما فوقهنّ وما تحتهنّ ـ لا يمكنه درك الخالق المدبّر الحكيم لمثل هذا النظام العظيم بهذا النسق القويم بكنهه ، فلا وجه لإنكاره سوى الجهل والحماقة ، أو العناد والسفاهة ، ودلائل ربوبيّته ظاهرة ، وآثار قدرته باهرة ، وشواهد صنعته متظافرة ، وآيات حكمته متوافرة ، وبيّنات حجّته متواترة .
(فأطرق مليّا) أي زمانا طويلاً . بارك اللّه له في جودة تأمّله وحسن إيمانه .

1.الملل والنحل ، ج ۱ ، ص ۲۵۰ .

2.يوسف (۱۲) : ۲۱ .

3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۰۳.

4.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۲۵۹ .

5.الحاشية على اُصول الكافي ، ۱۰۳ .

6.التوحيد ، ص ۱۳۰ ، باب القدرة ، ح ۱۱ .

7.التوحيد ، ص ۱۳۰ ، باب القدرة ، ح ۹ .

8.التوحيد ، ص ۱۳۰ ، باب القدرة ، ح ۱۰ .

9.الوافي ، ج ۱ ، ص ۳۲۱ ـ ۳۲۲ .

10.راجع : البحار ، ج ۳۷ ، ص ۱۰۱ ، ح ۵ ؛ و ج ۴۳ ، ص ۳۰۷ ـ ۳۰۸ ، ح ۷۲ .

11.الكافي ، ج ۲ ، ص ۱۰۷ ـ ۱۰۸ ، باب العفو ، ح ۴ ؛ الوسائل ، ج ۱۲ ، ص ۱۷۲ ـ ۱۷۳ ، ح ۱۵۹۹۴ ؛ البحار ، ج ۲ ، ص ۱۴ ، ح ۲۶ .

12.الملك (۶۷) : ۱ .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
26
  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 99495
صفحه از 508
پرینت  ارسال به