283
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
282

الحديث الرابع

۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى ، قَالَ : كَتَبْتُ إِلى أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ عليهماالسلام : جَعَلَنِيَ اللّه ُ فِدَاكَ يَا سَيِّدِي ، قَدْ رُوِيَ لَنَا أَنَّ اللّه َ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ ، عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ، وَأَنَّهُ يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا . وَرُوِيَ أَنَّهُ يَنْزِلُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلى مَوْضِعِهِ ، فَقَالَ بَعْضُ مَوَالِيكَ فِي ذلِكَ : إِذَا كَانَ فِي مَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ ،فَقَدْ يُلَاقِيهِ الْهَوَاءُ ، وَيَتَكَنَّفُ عَلَيْهِ ، وَالْهَوَاءُ جِسْمٌ رَقِيقٌ يَتَكَنَّفُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ بِقَدْرِهِ ، فَكَيْفَ يَتَكَنَّفُ عَلَيْهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلى هذَا الْمِثَالِ؟! فَوَقَّعَ عليه السلام :«عِلْمُ ذلِكَ عِنْدَهُ ، وَهُوَ الْمُقَدِّرُ لَهُ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ تَقْدِيرا . وَاعْلَمْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَهُوَ كَمَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ ، وَالأَشْيَاءُ كُلُّهَا لَهُ سَوَاءٌ عِلْما وقُدْرَةً وَمُلْكا وَإِحَاطَةً» .

هديّة :

(على العرش استوى) يعني أنّه في عرشه لا في موضع آخر فمن تمام الرواية ، أو المعنى بدليل قوله تعالى : «عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى»۲ ، وحديث أنّه ينزل .
«تكنّفه» و«اكتنفه» بمعنى ، أي أحاط به . والتعدية ب«على» على التضمين ، كيدور ويستولي .
و«على» في (على هذا المثال) نهجيّة .
(علم ذلك) أي استوائه على العرش المخلوق المحيط بالكرسي وسع السماوات والأرض .
وضمير «له» للعرش .
قال برهان الفضلاء :
«علم ذلك عنده» جواب عن استدلالهم بقوله تعالى : «عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» والمشار إليه العرش ، يعني علم تدبير العرش وتقديره واستيلائه عليه ؛ فإنّ الاستواء مفسّر بالاستيلاء قدرةً والإحاطة علما وملكا، لا الاستواء بتوهّم جسم محيط أو شيء الآخر من الأشياء المتوهّمة .
واعلم أنّه جواب عن استدلالهم بحديث «أنّه ينزل كلّ ليلة» يعني ليس المراد من النزول هنا انتقال الذات من مكان آخر ، بل المراد نزول الرحمة أو الملك أو غيرهما كما في تفسير قوله تعالى : «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ»۳ ، وقوله : «وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّا صَفّا»۴ .
«والأشياء كلّها له سواء» تفسير لقوله «عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى» .
وإنّما لم يَجِبْ عن استدلالهم بحديث «أنّه ينزل عشيّة عرفة» ؛ اكتفاءً بالجواب المعلوم عن الحديث المعلوم ؛ وإشارة إلى أنّه من طرقهم .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«علم ذلك عنده» أي علم كيفيّة نزوله بعدما لم يكن عنده سبحانه ، وليس عليكم معرفة ذلك ، ثمّ أشار إشارةً خفيّةً إلى أنّ المراد بنزول تقديره نزول رحمته وإنزالها بتقديره بقوله : «وهو المقدّر له بما هو أحسن تقديرا»، ثمّ أفاد أنّ ما عليكم علمه أنّه لا يجري عليه أحكام الأجسام والمتغيّرات ۵ من المجاورة والقرب المكاني والتمكّن في الأمكنة ، بل حضوره سبحانه حضور وشهود علميّ وإحاطة بالعلم والقدرة والملك بقوله : «واعلم أنّه إذا كان في السماء الدنيا» . ۶
وقال الفاضل الإسترابادي : أي علم كيفيّة نزوله ، نزول الملائكة أو نزول أمره .
وقال بعض المعاصرين :
«فهو كما هو على العرش» أي إذا كان مع شيء لم تبطل معيّته لشيء آخر، بل هو دائما بحال واحد . ۷
أنت خبير بأنّ معيّته تعالى مع الأشياء بمعنى إحاطته علما جميع الأشياء أزلاً أبدا ، وعلمه عين ذاته ، وهو خِلْو من خلقه وخلقه خلو منه ، وكان مع الأشياء كما كان ولم يكن شيء . وأمّا المعيّة بالمعنى المبتني على وحدة الوجود عند القدريّة فمن أسوء صنوف الكفر وأفحشها .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد» .

2.طه (۲۰) : ۵ .

3.الرعد (۱۳) : ۴۱ .

4.الفجر (۸۹) : ۲۲ .

5.كذا في النسخ ، وفي المصدر : «المتحيّزات» .

6.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۲۱ .

7.الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۰۴ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 101054
صفحه از 508
پرینت  ارسال به