285
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

هديّة :

الظاهر أنّ «الواو» في قوله (وفي قوله) للابتداء ، يعني وورد في قوله تعالى في سورة المجادلة ۱ عنه متّصلاً بابن اُذينة عنه عليه السلام أنّه قال في قوله تعالى فلا تكرار معنى .
وقال برهان الفضلاء ـ بعد ذكره قوله : «وفي قوله : «مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَـثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ» » في آخر الحديث الخامس متّصلاً ب«مثله» ـ : «الواو» للعطف على «مثله» بتقدير : «وما في قوله» .
قال يعني روى محمّد بن عيسى بطريق آخر مثله مع ما يذكر في السادس .
وقال الفاضل الإسترابادي :
«وفي قوله» كلام المصنّف ، أي الكلام في قوله [تعالى] ۲ قال : والظاهر أنّ قوله : «عنه» من كلام تلامذة المصنّف ، والضمير راجع إليه ، ويؤيّده ما سيجيء كثيرا من الضمائر الراجعة إلى المصنّف . ۳
وقال السيّد السند أمير حسن القائني رحمه الله : الظاهر أنّ ضمير «عنه» للمصنّف لا لعليّ بن محمّد ؛ فإنّ الرواية عن العدّة من دأب المصنّف .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله : «وفي قوله : «مَا يَكُونُ» كلام المؤلّف رحمه الله، أي روي في بيان قوله تعالى هذا هذه الرواية الآتية . ۴
و(ما) في الآية نافية ، و(يكون) تامّة و(من) زائدة ؛ لإفادة العموم ، و(نجوى) مصدر ، أو اسم مصدر ، أو جمع الناجي ، أو مصدر مستعمل في الجمع للمبالغة ، ف«ثلاثة» على الأخيرين بدل ؛ قاله برهان الفضلاء .
وقال بعض المعاصرين : «نجوى» صيغة جمع بمعنى متناجين . ۵
وقال الجوهري :
النجو : السرّ بين اثنين . نجوته نجوا ساررته كناجيته وانتجيته إذا خصّصته بمناجاتك والاسم النجوى . ثمّ قال : وقوله تعالى «وَ إِذْ هُمْ نَجْوَى»۶ فجعلهم هم النجوى ، وإنّما النجوى فعلهم كما تقول : قوم رضى ، وإنّما الرّضى فعلهم ويكون النجوى اسما مصدرا . ۷ انتهى .
وسيجي في الحديث أنّ هذه الآية من سورة المجادلة وآية «أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ» من سورة الزخرف ۸ ، نزلتا في أصحاب الصحيفة الملعونة وكانوا ستّة ملاعين ۹ ، وذكروا في هديّة الثاني عشر من الباب الأوّل في كتاب العقل . وتمام الآية في سورة المجادلة ، «وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا» .
(واحد) بحقيقة الوحدة لا ثاني له .
(واحديّ الذات) لا تركيب فيه (بائن من خلقه) لايشبههم ، وهو خِلْو من خلقه وخلقه خلو منه .
قال برهان الفضلاء :
«الواو في «وأحدي الذات» للعطف ، و«بائن من خلقه» تفسير له ، ولذا لم يعطف . قال : ويحتمل أن يكون الواو جزء الكلمة والنسبة للمبالغة ، كالأحمري .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«واحديّ» مبالغة الواحد ، كالأحدي للأحد . والمبالغة في واحديّة الذات إشارة إلى الواحديّة من جميع الجهات ، وعدم التكثّر في الذّات ولا الصفات الحقيقيّة التي مرجعها إلى الذات . ۱۰
(وبذلك وصف نفسه) أي في كتاب الكريم بقوله في سورة الشورى : «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ»۱۱ ، فلا يجوز لأحد وصفه إلّا بما وصف به نفسه ، فإنّما العلم به هو كما هو ولا إله إلّا هو .
(لا يعزب) لا يذهب ولا يغيب ، اقتباس من سورة السبأ . ۱۲
و«الذرّة» : واحدة الذرّ ، وهو صغير النمل .
قال برهان الفضلاء : ووزن مقدار مائة منها مقدار شعيرة .
قيل : (بالإحاطة) متعلّق بالآية ؛ يعني إنّما هو رابع ثلاثة المتناجين وسادس الخمسة بالإشراف والإحاطة بالعلم (لا بالذات) أي لا بالذات الجسدانيّة .
(حدود أربعة) اليمين ومقابله والقدّام .
و(الحواية) بالفتح مصدر بمعنى الإحاطة . (لزمها الحواية) أي المحيطيّة أو المحاطيّة .
وقال برهان الفضلاء : يعني لا يعزب عنه باعتبار الإحاطة بالعلم لا باعتبار قرب الذات بالقرب المتعقّل في الجسم والجسماني .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
فهو بائن من خلقه وهو سبحانه بذلك وصف نفسه في كتابه الكريم ، فإحاطته سبحانه بكلّ طائفة ليست إحاطة بجهة الذات ، بل إحاطة بالإشراف والاطّلاع ، فعلمه محيط بالكلّ وكلّ شيء معلوم له ، وقدرته محيطة بالكلّ وكلّ شيء مقدور له ، لا يعزب عنه مقدار ذرّة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر بالإحاطة والعلم ، ۱۳ وليس إحاطته سبحانه بكلّ شيء بالذات ؛ لأنّ الأماكن محدودة ، فإذا كان إحاطته بالذات فإن كانت بالدخول في الأمكنة لزم كونه محاطا بالمكان ، وإن كانت بالانطباق على المكان لزم كونه محيطا بالمتمكّن كالمكان . ۱۴
وهنا سؤال وهو أنّ اللّه تعالى قال : «لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللّه َ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ» ، ۱۵ فما التوفيق بين الآيتين؟
والجواب : أنّ إضافة الثالث إلى الثلاثة يفيد أنّ الثالث من جنس الثلاثة ورابع الثلاثة لا يلزم أن يكون من جنسهم وفي عدادهم ، والمحيط على الثلاثة بالعلم يجوز أن يكون غيرهم ، وهو لم يزل بلا مكان ولا زمان والآن كما كان .
وفي توحيد الصدوق رحمه اللهبإسناده ، عن يعقوب بن جعفر الجعفري ، عن أبي إبراهيم موسى بن جعفر عليهماالسلامقال : «إنّ اللّه تعالى لم يزل بلا زمان ولا مكان وهو الآن كما كان ، لا يخلو منه مكان ولا يشتغل به مكان ، ولا يحلّ في مكان «مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَـثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ وَ لَا خَمْسَةٍ إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ وَ لَا أَدْنَى مِن ذَ لِكَ وَ لَا أَكْثَرَ إِلَا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا» . ۱۶
ليس بينه وبين خلقه حجاب غير خلقه ، احتجب بغير حجاب محجوب ، واستتر بغير سترٍ مستور ، لا إله إلّا هو الكبير المتعال» . ۱۷
قوله عليه السلام : «ليس بينه وبين خلقه حجاب غير خلقه» دلالة على أنّ كون خلقه حجابا عبارة عن امتناع عقل الخلق عن خصوصيّة ذات الخالق ، فلا عالم به كما هو إلّا هو ، ولا إله إلّا هو . وقد مرّ بيان حجاب محجوب وستر مستور في هديّة الثالث في الباب الحادي عشر .
وفي توحيد الصدوق أيضا بإسناده ، عن يونس بن عبد الرحمن قال : قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهماالسلام : لأيّ علّة عرج اللّه بنبيّه صلى الله عليه و آله وسلم إلى السماء ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومنها إلى حجب النور ، وخاطبه وناجاه هناك واللّه لا يوصف بمكان؟ فقال عليه السلام : «إنّ اللّه لا يوصف بمكان ولا يجري عليه زمان ، ولكنّه ـ عزّ وجلّ ـ أراد أن يشرّف به ملائكته وسكّان سماواته ، ويكرمهم بمشاهدته ، ويريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه ، وليس ذلك على ما يقوله المشبّهون «سُبْحَـنَهُ وَ تَعَــلَى عَمَّا يُشْرِكُونَ» » . ۱۸

1.المجادلة (۵۸) : ۷ .

2.أضفناه من المصدر .

3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۲۲ ـ ۱۲۳ .

4.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۲۱ .

5.الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۰۱ .

6.الإسراء (۱۷) : ۴۷ .

7.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۵۰۳ (نجا).

8.الزخرف (۴۳) : ۸۰ .

9.الكافي ، ج ۸ ، ص ۱۷۹ ، ح ۲۰۲ .

10.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۲۲ ، بتفاوت .

11.الشورى (۴۲) : ۱۱ .

12.السبأ (۳۴) : ۳ .

13.في المصدر : «للإحاطة بالعلم» .

14.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۲۲ .

15.المائدة (۵) : ۷۳ .

16.المجادلة (۵۸) : ۷ .

17.التوحيد ، ص ۱۷۹ ـ ۱۸۰ ، باب ۲۸ ، ح ۱۲ .

18.التوحيد ، ص ۱۷۵، باب ۲۸، ح ۵ . والآية في يونس (۱۰) : ۱۸؛ النحل (۱۶) : ۱؛ الروم (۳۰) : ۴۰؛ الزمر (۳۹) : ۶۷ .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
284

الحديث الخامس

۰.روى في الكافي وقال : وَ عَنْهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى مِثْلُهُ .

هديّة :

بيانه كبيان مثله .

الحديث السادس

۰.روى في الكافي وقال : وَ فِي قَوْلِهِ :«مَا يَكُونُ مِن نَّجْوى ثَلثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ»:
عَنه ، عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ أُذَيْنَةَ : عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالى :«مَا يَكُونُ مِن نَّجْوى ثَلـثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ وَ لَاخَمْسَةٍ إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ»فَقَالَ :
«هُوَ وَاحِدٌ وَاحِدِيُّ الذَّاتِ ، بَائِنٌ مِنْ خَلْقِهِ ، وَبِذَاكَ وَصَفَ نَفْسَهُ ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ بِالْاءِشْرَافِ وَالْاءِحَاطَةِ وَالْقُدْرَةِ «لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِى السَّماواتِ وَلَا فِى الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلَا أَكْبَرُ» بِالْاءِحَاطَةِ وَالْعِلْمِ ، لَا بِالذَّاتِ ؛ لِأَنَّ الْأَمَاكِنَ مَحْدُودَةٌ تَحْوِيهَا حُدُودٌ أَرْبَعَةٌ ، فَإِذَا كَانَ بِالذَّاتِ لَزِمَهَا الْحَوَايَةُ» .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 101051
صفحه از 508
پرینت  ارسال به