الحديث الثاني
۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَحْيى ، قَالَ : سَأَلَنِي أَبُو قُرَّةَ الْمُحَدِّثُ أَنْ أُدْخِلَهُ عَلى أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام ، فَاسْتَأْذَنْتُهُ ، فَأَذِنَ لِي ، فَدَخَلَ فَسَأَلَهُ عَنِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ ، ثُمَّ قَالَ لَهُ : أَ فَتُقِرُّ أَنَّ اللّه َ مَحْمُولٌ؟
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام :«كُلُّ مَحْمُولٍ مَفْعُولٌ بِهِ ، مُضَافٌ إِلى غَيْرِهِ ، مُحْتَاجٌ ، وَالْمَحْمُولُ اسْمُ نَقْصٍ فِي اللَّفْظِ ، وَالْحَامِلُ فَاعِلٌ وَهُوَ فِي اللَّفْظِ مِدْحَةٌ ، وَكَذلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ : فَوْقَ ، وَتَحْتَ ، وَأَعْلى ، وَأَسْفَلَ ، وَقَدْ قَالَ اللّه ُ تَعَالى : «وَلِلّهِ الأَْسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا» وَلَمْ يَقُلْ فِي كُتُبِهِ : إِنَّهُ الْمَحْمُولُ ، بَلْ قَالَ : إِنَّهُ الْحَامِلُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَالْمُمْسِكُ للسَّمَاوَاتِ ۲ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ، وَالْمَحْمُولُ مَا سِوَى اللّه ِ ، وَلَمْ يُسْمَعْ أَحَدٌ آمَنَ بِاللّه ِ وَعَظَمَتِهِ قَطُّ قَالَ فِي دُعَائِهِ : يَا مَحْمُولُ» .
قَالَ أَبُو قُرَّةَ : فَإِنَّهُ قَالَ : «وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَـلـءِذٍ ثَمَـنِيَةٌ» وقَالَ : «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ» ؟
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام : «الْعَرْشُ لَيْسَ هُوَ اللّه َ ، وَالْعَرْشُ اسْمُ عِلْمٍ وَقُدْرَةٍ وَعَرْشٍ فِيهِ كُلُّ شَيْءٍ ، ثُمَّ أَضَافَ الْحَمْلَ إِلى غَيْرِهِ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ ؛ لِأَنَّهُ اسْتَعْبَدَ خَلْقَهُ بِحَمْلِ عَرْشِهِ وَهُمْ حَمَلَةُ عِلْمِهِ ، وَخَلْقا يُسَبِّحُونَ حَوْلَ عَرْشِهِ وَهُمْ يَعْمَلُونَ بِعِلْمِهِ ، وَمَلَائِكَةً يَكْتُبُونَ أَعْمَالَ عِبَادِهِ ، وَاسْتَعْبَدَ أَهْلَ الْأَرْضِ بِالطَّوَافِ حَوْلَ بَيْتِهِ ، وَاللّه ُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى كَمَا قَالَ . وَالْعَرْشُ وَمَنْ يَحْمِلُهُ وَمَنْ حَوْلَ الْعَرْشِ ، وَاللّه ُ الْحَامِلُ لَهُمُ ، الْحَافِظُ لَهُمُ ، الْمُمْسِكُ ، الْقَائِمُ عَلى كُلِّ نَفْسٍ ، وَفَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ ، وَعَلى كُلِّ شَيْءٍ ، وَلَا يُقَالُ : مَحْمُولٌ ، وَلَا أَسْفَلُ ـ قَوْلاً مُفْرَدا لَا يُوصَلُ بِشَيْءٍ ـ فَيَفْسُدُ اللَّفْظُ وَالْمَعْنى» .
قَالَ أَبُو قُرَّةَ : فَتُكَذِّبُ بِالرِّوَايَةِ الَّتِي جَاءَتْ : أَنَّ اللّه َ إِذَا غَضِبَ إِنَّمَا يُعْرَفُ غَضَبُهُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ يَجِدُونَ ثِقْلَهُمْ ۳ عَلى كَوَاهِلِهِمْ ، فَيَخِرُّونَ سُجَّدا ، فَإِذَا ذَهَبَ الْغَضَبُ ، خَفَّ وَرَجَعُوا إِلى مَوَاقِفِهِمْ؟
فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ عليه السلام : «أَخْبِرْنِي عَنِ اللّه ِ تَعَالى مُنْذُ لَعَنَ إِبْلِيسَ ، إِلى يَوْمِكَ هذَا هُوَ غَضْبَانُ عَلَيْهِ ، فَمَتى رَضِيَ؟ وَهُوَ فِي صِفَتِكَ لَمْ يَزَلْ غَضْبَانا ۴ عَلَيْهِ وَعَلى أَوْلِيَائِهِ وَعَلى أَتْبَاعِهِ ، كَيْفَ تَجْتَرِئُ أَنْ تَصِفَ رَبَّكَ بِالتَّغَيُّرِ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ ، وَأَنَّهُ يَجْرِي عَلَيْهِ مَا يَجْرِي عَلَى الْمَخْلُوقِينَ؟! سُبْحَانَهُ ، لَمْ يَزُلْ مَعَ الزَّائِلِينَ ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ مَعَ الْمُتَغَيِّرِينَ ، وَلَمْ يَتَبَدَّلْ مَعَ الْمُتَبَدِّلِينَ ، وَمَنْ دُونَهُ فِي يَدِهِ وَتَدْبِيرِهِ ، وَكُلُّهُمْ إِلَيْهِ مُحْتَاجٌ ، وَهُوَ غَنِيٌّ عَمَّنْ سِوَاهُ» .
1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «أحمد بن إدريس ، عن محمّد بن عبد الجبّار» .
2.في الكافي المطبوع : «السماوات» .
3.في الكافي المطبوع : «ثِقَلَهُ» .
4.في الكافي المطبوع : «غضبانَ» .