307
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
306

هديّة :

(كلّ محمول مفعول به) أي فُعل به وتصرّف فيه بفعل غيره ، فمخلوق منسوب إلى فعل غيره وهو خالقه، وكلّ مخلوق ناقص (محتاج) إلى خالقه .
(والمحمول اسم نقص) أي مع أنّ المحمول ، أو والحال أنّ المحمول علامة النقص .
ووصف المخلوق وكلّ لفظ ليس من الألفاظ الكماليّة لا يجوز إطلاقه عليه سبحانه بوجه ، والألفاظ الكماليّة يطلق عليه لكن بإذن الشرع صريحا بالاتّفاق ، أو فحوى على الخلاف ، كواجب الوجود وأعلى الموجودات توصيفا لا تسمية ، والمشهور الجواز .
(والحامل) فاعل ، وفسّر بالحافظ .
(مدحة) بالكسر ، أو بالتحريك . في القاموس :
مدحه كمنعه مدحا بالفتح ومدحة بالكسر : أحسن الثناء عليه ، كمدّحه وامتدحه وتمدّحه ، والمديح والمدحة بالتحريك والأمدوحة : ما يمدح به . الجمع : مدائح وأماديح . ۱
(وكذلك قول القائل فوق وتحت) يعني فوق وأعلى مدحة واسم كمال ، وتحت وأسفل ذمّ واسم نقص .
(وقد قال اللّه : «وَللّه ِِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا» ) في سورة طه وسورة الحشر . ۲
(بل قال إنّه الحامل) قال اللّه تعالى في سورة بني إسرائيل : «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ» . ۳
(والممسك للسماوات والأرض أن تزولا) كما في سورة الفاطر . ۴
(فإنّه قال : «وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ» ) في سورة الحاقّة ۵ (وقال : «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ» ) الآية في سورة المؤمن . ۶
(والعرش اسم عِلْمٍ) ، أي الذي اطلّع اللّه عليه حججه . (وقدرة) أي واسم قدرة ، بمعنى علامة القدرة ، وهو جميع المخلوقات . (وعرش) أي واسم عرش (فيه كلّ شيء) يعني الكرسيّ ، بمعنى وعاء جملة الخلق .
وقرأ برهان الفضلاء : «وعَرَش» كنصر وضرب ونصب «كلّ شيء» أي وبنى في ذلك الاسم ـ بمعنى العلامة ـ كلّ شيء .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
«والعرش اسم علم وقدرة ، وعرش فيه كلّ شيء» أي العرش اسم مشترك يطلق على علمه سبحانه علم تفصيلي في موجود عينيّ ، وعلى قدرته تعالى في مظهرها . ويطلق على ما فيه كلّ شيء علما أو عيانا ، كالروحاني من المحيط أو الجسماني منه . ۷
(ثمّ أضاف الحمل إلى غيره) أي مجازا (خلقٍ من خلقه) بالجرّ على البدل ؛ ليفيد التنوين التعظيم .
(لأنّه استعبد خلقه) أي بعضا من خلقه ، فالذكر بصورة الإطلاق للاهتمام والامتياز .
وقرأ برهان الفضلاء : «لأنّه استعبد خِلقة» بكسر المعجمة وسكون اللام والتاء للوحدة النوعيّة ، أي نوعا من المخلوق .
(وهم يعملون بعلمه) بتقديم الميم في الفعل ، كما ضبط برهان الفضلاء والسيّد الأجلّ النائيني . ۸ والأكثر ، أي بالعلم الذي أوحى اللّه إليهم . وفي بعض النسخ : «يعلمون» بتقديم اللام .
(واللّه على العرش استوى كما قال : والعرش ومن يحمله) إلى قوله : (وعلى كلّ شيء) يحتمل وجوها : فعليّة «على» وحرفيّتها في الموضعين ، وجرّ «العرش» وما عطف عليه بعد «قال» على البدل ونصبهما .
قال السيّد الأجلّ النائيني :
ولمّا كان اللّه سبحانه هو الحامل والحافظ بالحقيقة لكلّ شيء قال : ثمّ أضاف الحمل إلى خلقه ؛ لأنّه استعبد خلقه بحمل عرشه وهم حَمَلة علمه ، واستعبد خلقا بتسبيحه وهم يعملون بعلمه ، واستعبد ملائكة بكتابة أعمال عباده فهم الكاتبون لها ، واستعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته . «واللّه على العرش» أي فوقه ، وهو الممسك القائم على كلّ شيء وفوق كلّ شيء وعلى كلّ شيء، و«استوى» نسبته من الفوق والتحت «كما قال» ـ ثمّ قال السيّد ـ : في بعض النسخ : «والعرش ومن عليه» وفي بعض آخر : «والعرش ومن يحمله» بزيادة الواو فيهما . وعلى النسخ أي هم محمولون ؛ بقرينة قوله : «واللّه الحامل لهم» . ۹
وقال برهان الفضلاء : «كما قال» خبر عن جملة الآية، «العرش» تفسيرٌ .
ومن فوائد المقام على ما أفاد برهان الفضلاء أنّ المنسوبين إلى العرش ـ يعني ۱۰ علم كتابه سبحانه ـ ثلاثة أقسام :
الأوّل : حَمَلة العرش ليعرضوا يوم القيامة أعمال العباد حسناتها وسيّئاتها على كتاب اللّه عزّ وجلّ ، وهم ثمانية أصناف : آدم وأوصياؤه عليهم السلام ، نوح وأوصياؤه عليهم السلام ، إبراهيم وأوصياؤه عليهم السلام ، موسى وأوصياؤه عليهم السلام ، عيسى وأوصياؤه عليهم السلام ، محمّد وأوصياؤه عليهم السلام ، رضوان وسائر خزنة الجنّة ، مالك وسائر خزنة النار .
القسم الثاني : من حول العرش وهم صنفان :
الأوّل : المؤمنون الذين أدركوا خدمة الحجّة نبيّا أو وصيّا من أصناف الثمانية المذكورة على حقيقة الإيمان ، كثلاثين نفرا من الشيعة يكونون بإذن اللّه سبحانه فيما بين المسجدين في خدمة الصاحب عليه السلام في غيبته الكبرى يُقال لهم : النَطَسة جمع ناطس بالنون والمهملتين بمعنى الجاسوس ، إذا مات واحدٌ منهم أو أكثر يبدّل اللّه ـ عزّ وجلّ ـ مكانه من خلّص الشيعة ، وبهذا يُقال لهم : الأبدال أيضا .
والثاني : الكتبة من الملائك ، فمن اليمين رضوان وتبعته من خَزَنة الجنّة ، ومن الشمال مالك وتبعته من الزبانية خزنة النار ، وكلّ من الخزنة والزبانية يسلّم كتب الأعمال إلى متبوعه .
القسم الثالث : المؤمنون الذين لم يدركوا خدمة المعصوم وحملة العرش ومن حوله يستغفرون لهم ، قال اللّه تبارك وتعالى في سورة المؤمن : «الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا»۱۱ الآية .
(قولاً مفردا) قيل : متعلّق ب «أسفل» خاصّة ، يعني لا يقال : هو أسفل إلّا أن يوصل بشيء فيُقال : هو أعلى وأسفل .
قال برهان الفضلاء :
يعني ولا يقال في حقّه تعالى : هو محمول بدون قرينة دالّة على أنّ هذا القول مجاز لا حقيقة . وكذا : هو أسفل، «فيفسد اللفظ» لسوء الأدب ، وكذا المراد ؛ لأنّ الإطلاق حقيقة دون قصد التجوّز باطل ، فإشارة إلى أنّ الإطلاق مع القرينة يفسد اللفظ ظاهرا دون المراد .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«قولا» أي بلا ضميمة تدلّ على المراد أو على إثباته لغيره سبحانه ، كقولك : اللّه محمول عرشه أو علمه أو دينه ، فإذا اُفرد ولم يضمّ بضميمة يفسد اللفظ والمعنى ، أمّا فساد اللفظ ؛ فلأنّه لفظ نقصٍ . وأمّا فساد المعنى ؛ فلاستحالة إمساك شيء له . ۱۲
(فتكذّب بالرواية) كضرب ، أي فتنكر ، أو على الإفعال أو التفعيل . قال اللّه تعالى : «وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابا» . ۱۳
(فمتى رضي) يعني إذا كان حال غضبه غير حال رضاه ، فبغضبه على إبليس دائما يلزم أن لا يكون له تعالى حال رضى منذ لعن إبليس ، وقد مرّ في باب صفات الفعل أنّ مثل الرضا والغضب من صفات الفعل .
ولا يخفى لطف قوله عليه السلام (وهو في صفتك لم يزل غضبانا عليه وعلى أوليائه وعلى أتباعه) .
(سبحانه لم يزل مع الزائلين) بضمّ الزاي من باب صان .
(في يده) : في تحت قدرته ونفوذ إرادته .
وليس في الجواب دلالة على بطلان الرواية ، بل فيه إشارة إلى محملها الصحيح من أنّ المراد بالغضب إنزال العذاب ، وبوجدان الحملة ثقل العرش اطّلاعهم على ذلك بالوحي إليهم وخوفهم من غضب اللّه وتعوّذهم إليه منه سجّدا خُضّا خُشّعا ، أو شدّة سرورهم وبهجتهم وشكرهم ممّا أنعم اللّه به عليهم من العصمة المانعة عمّا يوجب العذاب ، وبذهاب الغضب وحصول الخفّة اطّلاعهم على إنزال الرحمة كذلك .

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۴۸ (مدح) .

2.الآية في سورة الأعراف (۷) : ۱۸۰ ؛ وفي سورة طه (۲۰) : ۸ : «اللَّهُ لَا إِلَـهَ إِلَا هُوَ لَهُ الْأَسْمَآءُ الْحُسْنَى» ؛ وفي سورة الحشر (۵۹): ۲۴: «هُوَ اللَّهُ الْخَــلِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَآءُ الْحُسْنَى» .

3.الإسراء (۱۷) : ۷۰ .

4.فاطر (۳۵) : ۴۱ .

5.الحاقّة (۶۹) : ۱۷ .

6.غافر (۴۰) : ۷ .

7.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۲۹ .

8.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۳۰ .

9.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۲۹ ـ ۴۳۰ . وما نقله من السيّد رحمه الله بقوله : «ثمّ قال السيّد ـ إلى «واللّه الحامل لهم» ليس في المصدر .

10.في «الف» : «بمعني» .

11.غافر (۴۰) : ۷ .

12.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۳۰ .

13.النبأ (۷۸) : ۲۸ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 96256
صفحه از 508
پرینت  ارسال به