317
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
316

الحديث السابع

۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بْنِ كَثِيرٍ ، عَنْ دَاوُدَ الرَّقِّيِّ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللّه ِ عَزَّ وَجَلَّ :«وَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ»فَقَالَ :«مَا يَقُولُونَ؟» قُلْتُ : يَقُولُونَ : إِنَّ الْعَرْشَ كَانَ عَلَى الْمَاءِ ، وَالرَّبُّ فَوْقَهُ ، فَقَالَ : «كَذَبُوا ، مَنْ زَعَمَ هذَا ، فَقَدْ صَيَّرَ اللّه َ مَحْمُولاً ، وَوَصَفَهُ بِصِفَةِ الْمَخْلُوقِ ، وَلَزِمَهُ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَحْمِلُهُ أَقْوى مِنْهُ» .
قُلْتُ : بَيِّنْ لِي جُعِلْتُ فِدَاكَ ، فَقَالَ : «إِنَّ اللّه َ حَمَّلَ دِينَهُ وَعِلْمَهُ الْمَاءَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ أَرْضٌ أَوْ سَمَاءٌ ، أَوْ جِنٌّ أَوْ إِنْسٌ ، أَوْ شَمْسٌ أَوْ قَمَرٌ ، فَلَمَّا أَرَادَ اللّه ُ أَنْ يَخْلُقَ الْخَلْقَ ، نَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَقَالَ لَهُمْ : مَنْ رَبُّكُمْ؟ فَأَوَّلُ مَنْ نَطَقَ رَسُولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام وَالْأَئِمَّةُ عليهم السلام ، فَقَالُوا : أَنْتَ رَبُّنَا ، فَحَمَّلَهُمُ الْعِلْمَ وَالدِّينَ ، ثُمَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ : هؤُلَاءِ حَمَلَةُ دِينِي وَعِلْمِي ، وَأُمَنَائِي فِي خَلْقِي ، وَهُمُ الْمَسْؤُولُونَ ، ثُمَّ قَالَ لِبَنِي آدَمَ : أَقِرُّوا لِلّهِ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، وَلِهؤُلَاءِ النَّفَرِ بِالْوَلَايَةِ وَالطَّاعَةِ ، فَقَالُوا : نَعَمْ ، رَبَّنَا أَقْرَرْنَا ، فَقَالَ اللّه ُ لِلْمَلَائِكَةِ : اشْهَدُوا ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ : شَهِدْنَا عَلى أَنْ لَا يَقُولُوا غَدا : «إِنَّا كُنَّا عَنْ هَـذَا غَـفِلِينَ» أَوْ يَقُولُوا : «إِنَّمَآ أَشْرَكَ ءَابَآؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَافَعَلَ الْمُبْطِـلُونَ» يَا دَاوُدُ ، وَلَايَتُنَا مُؤَكَّدَةٌ عَلَيْهِمْ فِي الْمِيثَاقِ» .

هديّة :

(عن قول اللّه عزّ وجلّ: «وَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَآءِ» ) في سورة هود . ۲
(ما يقولون؟) يعني المخالفين .
(كذبوا) على المعلوم من باب ضرب ، أو التفعيل ، يعني قول الحجّة أو الكتاب والسنّة ؛ للفقرة التالية .
وجوابه عليه السلام للبيان دلالة على أنّ المخلوق الأوّل في العالم الجسماني الماء ، كما أنّ المخلوق الأوّل في العالم الروحاني نور «أنا وعليّ من نور واحد» . ۳
(فلمّا أراد أن يخلق الخلق) أي أبدانهم بعد خلق أرواحهم .
(فحمّلهم العلم والدِّين) أي اللّذين حمّلهما أوّلاً الماء .
(وهم المسؤولون) ناظر إلى قوله تعالى في سورة النحل وسورة الأنبياء : «فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ» . ۴
(ثمّ قال لبني آدم ـ إلى قوله : «أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ»۵ ) إلى آية سورة الأعراف : «وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ»۶ الآية .
(على أن يقولوا) ليس تتمّة كلام الملائكة بل متعلّق ب«نثرهم بين يديه» .
قال برهان الفضلاء :
«حمّل دينه وعلمه الماء» يعني خلق قبل خلق السماوات والأرض ماء ليصير مادّة لمن يكون قابلاً لتحميل الدِّين والعلم عليه . فالمراد من التحميل على الماء مشيئة التحميل ، ونثرهم عبارة عن أخذ الميثاق على كلّ واحدٍ بخصوصه بحيث لا يمكن لأحد ادّعاء الغفلة أو استلزام شرك الآباء شركه .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«إنّ اللّه حمّل دينه وعلمه الماء» لعلّ المراد به أنّ العرش هو علمه سبحانه الفائض من الجوهر العقلاني إلى النفوس والأرواح الجسمانيّة ، وكان فيضان هذا العلم على الماء من الجسمانيّات قبل خلق الأرض والسماء والجنّ والإنس والشمس والقمر ، وذلك أنّ القابل لأن يفاض عليه من الأنوار العقلانيّة المستعدّ له إنّما هو الماء الذي منه حياة كلّ شيء ، وإنّما الحياة هي المصحّحة للعلم والقدرة كما في قوله تعالى : «مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَىٍّ»۷ ، وقبل خلق السماوات والأرض كان علمه سبحانه على الماء كما أنّ بعد خلق هذه الأشياء على المخلوق من الماء ؛ فإنّ الماء أقرب الأجسام إلى المبادئ العقلانيّة والأسباب الروحانيّة ، ومحلّ الحياة في الجسمانيّات المصحّحة للعلم والقدرة ، ولذا نِيطَ التطهير من الأدناس المانعة من قرب المبادئ باستعمال الماء والتطهير به مع زوال أعيانها . ۸ انتهى .
لو لم يقل هذا السيّد الأجلّ ، كما لم يقل بأكثر اُصول الفلاسفة كإيجاب الصانع وقِدَم العالم وغيرهما من عمدة اُصولهم باقتضاء الطبائع وقابليّة الموادّ ونحوهما من اُصولهم ، لكان خيرا لفهم المبتدئين وأنسب ؛ لقوله : باختيار الصانع ، وحدوث العالم ، وبطلان كلّ ما أبطله الشرع .
وقال بعض المعاصرين :
قد يُراد بالماء المادّة الجسمانيّة . وقد يُراد به العقل ؛ لقبوله الكمالات . ۹
«نثرهم» أي نثر ماهيّاتهم وحقائقهم بين يدي علمه فاستنطق الحقائق بألسنة قابليّات جواهرها ، وألسن استعدادات ذواتها . ۱۰ إلى آخر ما قال من هذا القبيل .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «محمّد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن ابن محبوب» .

2.هود (۱۱) : ۷ .

3.معاني الأخبار ، ص ۵۶ ، باب معاني أسماء محمّد و ... ، ح ۴ ؛ عيون أخبار الرضا عليه السلام ، ج ۲ ، ص ۵۸ ، ح ۲۱۹ . وعنهما في البحار ، ج ۳۵ ، ص ۳۴ ، ح ۳۳ .

4.النحل (۱۶) : ۴۳ ؛ الأنبياء (۲۱) : ۷ .

5.الأعراف (۷) : ۱۷۳ .

6.الأعراف (۷) : ۱۷۲ .

7.الأنبياء (۲۱) : ۳۰ .

8.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۳۳ ـ ۴۳۴ .

9.في المصدر : «وقد يراد به ما خلق منه الأصفياء والجنّة باعتبار قبوله الكمالات من اللّه سبحانه» . بدل : «وقد يراد به العقل القبوله الكمالات» .

10.الوافي ، ج ۱ ، ص ۵۰۲ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 70925
صفحه از 508
پرینت  ارسال به