327
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

هديّة :

«الجوامع» : جمع جامعة ، والتأنيث للكلمة ، بمعنى الكلام أو الخطبة أو الفقرة أو نحوها . والمورد في هذا الباب طائفة من خطب أمير المؤمنين عليه السلام فيها كفاية لمن أراد علم التوحيد وما يتعلّق به بما لا مزيد عليه لعقول العقلاء .
و«الاستنهاض» : طلب القيام .
(حشد) القوم كنصر وضرب : اجتمعوا على أمر واحد كاحشدوا واحتشدوا وتحاشدوا .
و(لا من شيء خلق ما كان) أي ما خلق .
قال السيّد الداماد رحمه الله :
هذه الفقرة تحقيق لمعنى الإبداع والجعل البسيط الذي هو تأييس الآيس من اللّيس المطلق لا من مادّة ولا بمدّة . ۱
وقال بعض المعاصرين :
وهذا في كلّ الوجود أو على ما هو التحقيق عند العارفين ، وإن كان في الكائنات تكوين من موادّها المخلوقة إبداعا لا من شيء عند الجماهير . ۲
(قدرة) قيل : نصب على التمييز ، أو نزع الخافض . يعني ولكن خلق الأشياء قدرة ، أو بقدرة . وقرى ء بالرفع أي له قدرة ، أو هو قدرة ، وعينيّة الصفات ثابتة .
قال السيّد الأجلّ النائيني :
أي له قدرة بان بها من الأشياء ، فلا يحتاج أن يكون الصدور والحدوث عنه في مادّة كما يحتاج غيره إلى ذلك . «وبانت الأشياء منه سبحانه» بعجزها عن التأثير لا في مادّة . ۳
وقال برهان الفضلاء : «قدرة» نصب مفعول له لقوله «لا من شيء خلق ما كان» مثل : قعدت عن الحرب جبنا .
وفي كتاب التوحيد للصدوق رحمه الله : «قدرته» ۴ ففاعل «خلق» أو مبتدأ مضاف .
(بان) من البين بمعنى الافتراق .
(تضرب له فيه الأمثال) كأمثال الصوفيّة من البحر وأمواجه ، والسمعة وأشكاله ، ونحوهما من مزخرفاتهم .
قال السيّد الأجلّ النائيني : إذ لا مماثلة بينه وبين المدركات بالعقول والمشاعر . ۵
(كَلَّ) أي عجز . من الكلال بمعنى الإعياء .
(دون صفاته) عند التأمّل فيها .
وقال بعض المعاصرين : أي قبل الوصول إليها . ۶
و«التحبير» : التزيين . واحتمل السيّد الأجلّ النائيني : «التخبير» بالمعجمة بمعنى البيان والإخبار . ۷
و«التصاريف» : جمع التصريف مبالغة في الصرف والتحويل . والتعريف في الصفات للعهد الخارجي ؛ أي لم يهتد إليه قطّ وصف الواصفين بأنحاء المبالغة في إرجاع الصفات المدركة بالأذهان إليه سبحانه .
وقال الفاضل الإسترابادي : «تصاريف الصفات» أي التغيّرات اللازمة للصفات المتغايرة المدركة لأذهاننا . ۸
و«التفكير» و«الإفكار» و«التفكّر» و«الفكر» كلّه بمعنى .
(دون الرسوخ في علمه) أي القطع بكيفيّة علمه أنّه حضوريّ أو حصوليّ أو لا ذا ولا ذا . والمعنى عند تفسير المعصوم كتابه وهو العالم بعلم كتابه .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
يعني وانقطع قبل الوصول إلى الرسوخ في علمه ، أي في معلومه بما هو معلوم ، أو في العلم به سبحانه ومعرفته أو في إبانة حقيقة علمه بالأشياء التفاسير ۹ الجامعة . ۱۰
(حجب من الغيوب) دلالة على محجوبيّة الحجاب أيضا .
(تاهت) : حارت ودهشت .
والضمير في (أدانيها) للحجب .
و«الطامح» : المرتفع ، أي العقول الكاملة الماهرة في درك الاُمور الدقيقة .
(بعد الهمم) : تعمّقها ، أي الهمم العالية .
و(غوص الفطن) الغائصة .
في بعض النسخ : «سبحان الذي» بدون الواو .
(أوّل مبتدأ) على التوصيف ، يعني لا أوّل لأوّليّته ولا نهاية لآخريّته .
(عند خلقه) أي إيجاده إيّاها .
(إبانة لها من شبهه) قيل : نصب على الحال ، وقيل : مفعول له .
وقال برهان الفضلاء : نصب على المصدريّة ، أي أبنت إبانةً ، مثل : الحمد للّه إقرارا بنعمته .
و(آئن) على وزن «كائن» من «الأون» بالفتح . وهو أحد شقّي الخُرْج ، ۱۱ يعني هو خِلْوٌ من خلقه ، لا بمعنى كونه متفرّدا منها في جانب كتفرّد عديل من عديله ، بل بمعنى استحالة الحلول والاتّحاد وغيرهما من الأنحاء الممتنعة .
وقرأ السيّد الأجلّ النائيني : «أين» بفتح الهمزة وسكون الياء ، قال :
يعني ولم يخل من الأشياء خلوّ المحلّ عن الحالّ ، أو المكان من المتمكّن ، فيُقال له : أين هو منها . وهذا القول بالنسبة إلى المكان حقيقي وبالنسبة إلى المحلّ توسّعي . ۱۲
وضبط برهان الفضلاء : «آئن» ك«كائن» .
وهذه الفقرات الثلاث ردّ على الصوفيّة القدريّة والفلاسفة وسائر ملل الشرك . قالت الصوفيّة باتّحاده سبحانه مع كلّ موجود . وقالت الفلاسفة بوساطة العقل الأوّل بينه وبين سائر الموجودات وهو فاعل مُوجِب . «وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا» . ۱۳
قال الشهرستاني في الملل والنحل في بيان مذاهب النصارى :
ولهم في كيفيّة الاتّحاد والتجسّد كلام ، فمنهم من قال : أشرق على الجسد إشراق النور على الجسم . ومنهم من قال : انطبع فيه انطباع النقش في الشمعة . ومنهم من قال : ظهر ظهور الروحانيّ بالجسماني . ومنهم من قال : تدرّع اللّاهوت بالناسوت . ومنهم من قال : مازجت الكلمة جسد المسيح ممازجة اللّبن بالماء . ۱۴
وكلّ ما قالت النصارى في جسد المسيح قالت الصوفيّة في جسد العالم .
و(الهواء) بالمدّ : هواء الجوّ . و«الهوى» بالقصر : هوى النفس .
في بعض النسخ ـ كما ضبط برهان الفضلاء ـ : «غيوب الهوى» بالقصر ، وفسّر بالمتمنّيات الخفيّة .
و(العُلى) بالضمّ والقصر جمع «علياء» بالضمّ والمدّ : المكان المشرف على سائر الأمكنة .
(حافظ ورقيب) من ملائكته .
(بشيء محيط) بتدبيره .
و(المحيط) مبتدأ خبره (الواحد) يعني والمحيط بعلمه بجميع المحيط والمحاط ، منها الذي ليس كمثله شيء .
(لا يتكأّده) أي لا يشقّ عليه ولا يثقله .
قال السيّد الأجلّ النائيني :
ولعلّ عليه السلام أورد «فكان» مكان «فيكون» تنبيها على تجرّد صيغة الماضي والمضارع في أمثال هذه البيانات عن الزمان ؛ لتأخّره عن الخلق والإيجاد بمراتب . ۱۵
(فلم يزدّد بكونها علما) دلالة على انحصار علمه تعالى في العلم الأزلي السابق على الإيجاد .
صرّح به الفاضل الإسترابادي بخطّه . ۱۶
و«المناواة» : المعاداة . وفي كتاب التوحيد للصدوق رحمه الله «مثاور» ۱۷ مكان «مناو» . و«المثاورة» : المواثبة، أي بالعداوة .
و«المكاثر» : ذو الكثرة والشدّة ليغلب بكثرته .
و«المكابر» ذو المكابرة واللّجاج ليعارض بلجاجه .
(داخرون) : صاغرون ذليلون .
(لا يؤوده) : لا يثقله .
«براه» كمنع : خلقه .
(ولا من عجز) أي ليس اكتفاؤه بما خلق من عجز .
و«الإبرام» : الإحكام .
و«الاستخلاص» : مبالغة في الخلوص .
و(السناء) بالمدّ : الضياء ، وبالقصر : الرفعة .
(المبيد للأبد) قيل : من «الإبادة» بمعنى الإهلاك ، أي المجاوز عنه . وقرئ ـ كما في بعض النسخ ـ : «المؤبّد» من التأبيد بالمفردة ، أي أبّد الأبد فصار أبدا .
وضبط برهان الفضلاء : «المئيد» بالهمز على الإفعال من الأيد بمعنى القوّة .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
و«المبيد للأبد» أي الخالق المعطي لوجوده ، ۱۸ على اسم الفاعل من «أباد يبيد» من باب الإفعال ، بمعنى ذهب وانقطع ـ والهمزة للإزالة ؛ أي مزيل بطلانه وذهابه وانقطاعه بإعطاء وجوده وإبقائه فهو خالقه ومبقيه .
ويمكن أن يحمل الإبادة على الإذهاب ، أي المذهب لما لا ينتهي من الزمان أو الدّهر وأنّه في الذهاب دائما، وهو سبحانه مُذهبه ۱۹ كما أنّه محدّده . ۲۰
و«الأبد» ما لا منتهى له من الزمان أو الدّهر والأمد هو المنتهى ، فبطل قول الدهري في أنّ المبدأ هو الدهر، والدهر في الطرف المتأخّر متجدّد مستلزم للحدوث، والحادث ممكن محتاج، وفي الطرف المقدّم له نهايات وهو منقض عندها . والمبدأ للممكنات واجب الوجود بذاته الذي يستحيل العدم والانقضاء فيه، فهو وارث كلّ منقض . ۲۱
و«الأمد» بالميم : المدّة ؛ يعني الزمان والزماني .
(من عظيم ما أعظمه) كلمة «من» للتبيين . وكلمة «ما» للتعجّب .
أدام اللّه فيوضاتك ثقة الإسلام بأبي أنت واُمّي ما أشبه بيانك ببيان المعصومين صلوات اللّه عليهم!
انظر وتأمّل واستح واخجل أيّها المعاصر المفتون المغبون في كدّ السعي والعمل ، ألم ترَ إلى بيانات مشايخنا الثلاثة المسمّين بمحمّد ، والمكنّين بأبي جعفر ـ رضوان اللّه عليهم ـ في كتبهم الأربعة كأنّها لنورانيّتها واستقامتها وعدم تناكرها للأحاديث من تمام الأحاديث ، بيانا لكلام المعصوم من كلام المعصوم، لا سيّما في الكافي من الخطبة إلى الروضة ، وهو مؤلّفه بذلك النّظم والنسق بأمر صاحب الأمر عليه السلام .
فانظر كيف أشار بقوله : (ولولا إبانته عليه السلام ) إلى وجوب وجود الإمام لمثل هذا النظام بذلك الشأن وعظم المقام وجوامع مناقبه عليه السلام كحديث «أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها» . ۲۲
وبقوله : (ألا ترون) إلى قوله عليه السلام : (إلّا باحتذاء مثال) إلى إبطال ما ذهب إليه الفلاسفة ، وما ثبت عند الثنويّة ؛ فإنّ الفلاسفة ـ بعد الاتّفاق على امتناع تخلّف المعلول عن العلّة التامّة ، وإيجاب الصانع ، وقِدَم العالم ، وتوسّط العقول ـ ذهب الإشراقيّون منهم إلى قِدَم العالم ، بمعنى قدم النوع والمفهوم الكلّي المشترك بين الأجسام ؛ لقولهم بإمكان فناء كلّ جسم من الأجسام بالكلّيّة ، وهي متوافقة عندهم في الحقيقة ومتخالفة في العوارض والتشخّصات بناءً على نفيهم تركّب الجسم من الجواهر الفردة ومن الهيولى والصورة أيضا ؛ وعدم قولهم بالصور النوعيّة الجوهريّة .
وذهب المشّاؤون منهم إلى قدم العالم ، بمعنى قدم هيولائه ، وقدم طائفة من الأجسام بناءً على عدم قولهم بتوافق الأجسام في الحقيقة ؛ لقولهم بتركّبها من الهيولى القديمة والصورة الحادثة ووجود الصور النوعيّة الجوهريّة ، فقالوا بتعدّد القديم الشخصي .
والثنويّة قالوا بشخصين قديمين فاعلين مستقلّين ، يَعْنُون النور والظلمة ، ويزدان وأهريمن .
والصوفيّة أخذوا ضغثا من هنا وضغثا من هناك فاخترعوا مذهبا يكون ضلالة كفره شاملاً لجميع صنوف الكفر والزندقة ، فيكون أسوأها وأفحشها .
وبقوله : (وشُبههم) على الجمع إلى أنّ حججهم شُبهات ، وعلى الاسم ـ بكسر المعجمة ـ إلى نظائرهم من الصوفيّة ؛ لقولهم بالوحدة في التعدّد والتعدّد في الوحدة .
وكلمة «ما» في قوله : (أكثر ما يعتمد) مصدريّة .
و(أن يقولوا) في تقدير : «على أن يقولوا» يعني أكثر اعتمادهم على هاتين المقدّمتين في ترتيب القياس لشبههم ، اُولاهما خطاهم المراد ؛ لما عرفت ، والثانية مناقضة لما ذكر .
وبقوله : (ثبوتا) أو «شيئا» ـ كما في بعض النسخ ـ إلى الجعل البسيط .
وبقوله : (كما قالت الثنويّة : إنّه خلق من أصل قديم) إلى أنّ كلّ من قال بتعدّد القديم فهو من الثنويّة .
وبقوله : (حين شبّهوه بالسبيكة والبلّورة) ـ بكسر المفردة وفتح اللام المشدّدة ـ إلى ما هو السرّ عند الصوفيّة القائلين بأنّ العالم صورة بحت الوجود، والوجود كالشمعة والعالم كتشكّلاتها .
ثمّ انظر أيُّها المعاصر ـ المفتون المغبون إلى صنيعك المضمون في عنقك المَحْبون ۲۳ بالكتب الأربعة، لاسيّما بكافي ثقة الإسلام، وهو مؤّلف بذلك النسق والنظام بأمر صاحب الأمر عليه السلام فمثلك ومثلهم في عدم رضاك بنظمهم ونسقهم ، ثمّ كدّك البليغ بالتعب الذي أنت أعلم به في جمع كتبهم وجعلك إيّاها كتابا واحدا بدون ترتيب نظمهم ونسق ترتيبهم بتصرّفات ركيكة وبيانات مزخرفة واهية ، كمثل سعي رجل غاصب وكدّ غاصب راجل جمع لَبِنات وأحجارا من بيوت أربعة في جوانب أربعة، المشرق والمغرب والجنوب والشمال حجرا حجرا لَبِنةً لَبِنةً من غير تناوله حجرين مرّة أو لبنتين دفعة ، فبنى بيتا في وسط الدنيا في غاية الوهن والإشراف على الانهدام، فأمر حكم الشرع في تخريب ذلك البيت ورجم الغاصب الظلّام بتلك الأحجار واللّبنات في أعين الأنام تشنيعا إلى يوم القيام .

1.التعليقة على اُصول الكافي ، ص ۳۲۵ ، بتفاوت .

2.الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۲۹ .

3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۳۶ ، بتفاوت يسير .

4.التوحيد ، ص ۴۱ ، باب ۲ ، ح ۳ .

5.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۳۷ .

6.الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۲۹ .

7.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۳۷ .

8.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۲۴ .

9.في «ب» و «ج» : «النفائس» .

10.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۳۷ .

11.«الخُرج» بالضمّ : الجوالق ذو اُونين . مجمع البحرين ، ج ۲ ، ص ۲۹۴ ؛ لسان العرب ، ج ۲ ، ص ۲۵۲ (خرج) .

12.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۳۸ .

13.المائدة (۵) : ۶۴ .

14.الملل والنحل ، ج ۱ ، ص ۲۲۰ .

15.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۴۰ ، بتفاوت يسير .

16.لم يوجد في الحاشية المطبوعة .

17.التوحيد ، ص ۴۱ ، باب ۲ ، ح ۳ .

18.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۴۳ .

19.في «ب» و «ج» : «يذهبه» .

20.في المصدر : «مجدّده» .

21.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۴۳ ، بتفاوت . ومن قوله : «على اسم الفاعل» إلى قوله : «كما أنّه محدّده» في حاشية المصدر .

22.الاختصاص ، ص ۲۳۷ ؛ الإرشاد ، ج ۱ ، ص ۳۳ ؛ التوحيد ، ص ۳۰۷ ، باب ۴۳ ، ح ۱ ؛ البحار ، ج ۴۰ ، ص ۷۰ ، ح ۱۰۴ ؛ و ص ۸۷ ، وص ۲۰۲ ، ح ۶ .

23.المحبون: أي الوارم. اُنظر: القاموس المحيط، ج ۲، ص ۵۶۲ (حبن).


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
326
  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 99439
صفحه از 508
پرینت  ارسال به