الحديث الرابع
۰.روى في الكافي عَنْ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ رَفَعَهُ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ :«بَيْنَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام يَخْطُبُ عَلى مِنْبَرِ الْكُوفَةِ إِذْ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ ـ يُقَالُ لَهُ : ذِعْلِبٌ ـ ذُو لِسَانٍ بَلِيغٍ فِي الْخُطَبِ ، شُجَاعُ الْقَلْبِ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقال : وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ ، مَا كُنْتُ أَعْبُدُ رَبّا لَمْ أَرَهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، كَيْفَ رَأَيْتَهُ؟ قَالَ : وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ ، لَمْ تَرَهُ الْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْأَبْصَارِ ، وَلكِنْ رَأَتْهُ الْقُلُوبُ بِحَقَائِقِ الْاءِيمَانِ ، وَيْلَكَ يَا ذِعْلِبُ ، إِنَّ رَبِّي لَطِيفُ اللَّطَافَةِ لَا يُوصَفُ بِاللُّطْفِ ، عَظِيمُ الْعَظَمَةِ لَا يُوصَفُ بِالْعِظَمِ ، كَبِيرُ الْكِبْرِيَاءِ لَا يُوصَفُ بِالْكِبَرِ ، جَلِيلُ الْجَلَالَةِ لَا يُوصَفُ بِالْغِلَظِ ، قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ ، لَا يُقَالُ : شَيْءٌ قَبْلَهُ ، وَبَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ ، لَا يُقَالُ : لَهُ بَعْدٌ ، شَاءَ الْأَشْيَاءَ لَا بِهِمَّةٍ ، دَرَّاكٌ لَا بِخَدِيعَةٍ ، فِي الْأَشْيَاءِ كُلِّهَا ، غَيْرُ مُتَمَازِجٍ بِهَا ، وَلَا بَائِنٍ مِنْهَا ، ظَاهِرٌ لَا بِتَأْوِيلِ الْمُبَاشَرَةِ ، مُتَجَلٍّ لَا بِاسْتِهْلَالِ رُؤْيَةٍ ، نَاءٍ لَا بِمَسَافَةٍ ، قَرِيبٌ لَا بِمُدَانَاةٍ ، لَطِيفٌ لَا بِتَجَسُّمٍ ، مَوْجُودٌ لَا بَعْدَ عَدَمٍ ، فَاعِلٌ لَا بِاضْطِرَارٍ ، مُقَدِّرٌ لَا بِحَرَكَةٍ ، مُرِيدٌ لَا بِهَمَامَةٍ ، سَمِيعٌ لَا بِآلَةٍ ، بَصِيرٌ لَا بِأَدَاةٍ ، لَا تَحْوِيهِ الْأَمَاكِنُ ، وَلَا تَضَمَّنُهُ الْأَوْقَاتُ ، وَلَا تَحُدُّهُ الصِّفَاتُ ، وَلَا تَأْخُذُهُ السِّنَاتُ ، سَبَقَ الْأَوْقَاتَ كَوْنُهُ ، وَالْعَدَمَ وُجُودُهُ ، وَالِابْتِدَاءَ أَزَلُهُ ، بِتَشْعِيرِهِ الْمَشَاعِرَ عُرِفَ أَنْ لَا مَشْعَرَ لَهُ ، وَبِتَجْهِيرِهِ الْجَوَاهِرَ عُرِفَ أَنْ لَا جَوْهَرَ لَهُ ، وَبِمُضَادَّتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا ضِدَّ لَهُ ، وَبِمُقَارَنَتِهِ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ عُرِفَ أَنْ لَا قَرِينَ لَهُ ، ضَادَّ النُّورَ بِالظُّلْمَةِ ، وَالْيُبْسَ بِالْبَلَلِ ، وَالْخَشِنَ بِاللَّيِّنِ ، وَالصَّرْدَ بِالْحَرُورِ ، مُؤَلِّفٌ بَيْنَ مُتَعَادِيَاتِهَا ، وَمُفَرِّقٌ بَيْنَ مُتَدَانِيَاتِهَا ، دَالَّةً بِتَفْرِيقِهَا عَلى مُتَفرِّقِهَا ، ۱ وَبِتَأْلِيفِهَا عَلى مُؤلِّفِهَا ، وَذلِكَ قَوْلُ اللّه تبارك وَ تَعَالى : «وَ مِن كُلِّ شَىْ ءٍخَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ» فَفَرَّقَ بَيْنَ قَبْلٍ وَبَعْدٍ ؛ لِيُعْلَمَ أَنْ لَا قَبْلَ لَهُ وَلَا بَعْدَ ، ۲ شَاهِدَةً بِغَرَائِزِهَا أَنْ لَا غَرِيزَةَ لِمُغْرِزِهَا ، مُخْبِرَةً بِتَوْقِيتِهَا أَنْ لَا وَقْتَ لِمُوَقِّتِهَا ، حَجَبَ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ ؛ لِيُعْلَمَ أَنْ لَا حِجَابَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ ، كَانَ رَبّا إِذْ لَا مَرْبُوبَ ، وَإِلها إِذْ لَا مَأْلُوهَ ، وَعَالِما إِذْ لَا مَعْلُومَ ، وَسَمِيعا إِذْ لَا مَسْمُوعَ» .