هديّة :
(شلقان) ـ بفتح المعجمة واللام أيضا ويسكّن ـ : لقب عيسى بن أبي منصور .
(ما يتكلّم به قطّ) من أقوال الصوفيّة القدريّة والغُلاة وسائر أصناف الكفر والإلحاد . قالت القدريّة : خرقة التصوّف وصلت إلينا من عليّ عليه السلام وسلسلة أطوارنا وأسرارنا ينتهي إليه عليه السلام ، واستند الغلاة إلى بعض ما ذكره العامّة في كتابهم المسمّى ب«خطبة البيان» من الأقوال التي لم يتكلّم بها قطّ ، بل أمر بتكفير قائله، وحكم بأنّ قائله مرتدّ نجس مخلّد في النار ، وعلى تقدير الصحّة فالحجّة المعصوم العاقل عن اللّه محصور العدد في علمه تعالى وتقديره كجميع ما قدّر ودبّر في هذا النظام من العلويّات والسفليّات ، فليس لغيره أيّ مَن كان أن يدّعي التوسّط لأفاعيله سبحانه فيقول : أنا المورّق في الأشجار ، أنا المصوّر في الأرحام .
وقال برهان الفضلاء :
كان جماعة ادّعت أنّ عليّا عليه السلام قال : إنّ معرفة وجود الربّ تعالى لا تحصل لأحد بدون بيان الرسول بالوحي إليه منه سبحانه ، أو ادّعت أنّه عليه السلام قال : إنّ معرفة استحقاقه للحمد بمعنى كونه مختارا في أفعاله لا تحصل لأحد بدون ما ذكر . ومآل المقالتين واحد ، فأظهر عليه السلام بطلان هذا الاعتقاد ؛ ليظهر أنّ معرفة وجوب وجود الحجّة المعصوم أيضا عقلي من غير حاجة إلى وحي من اللّه تعالى، كمعرفة وجوب وجود الربّ المدبّر لهذا النظام المتقن الظاهر أنّه مدبَّر من حكيم عظيم ؛ إذ ليس أحد أن لا يعلم أنّ لهذا النظام مدبِّر أعظم وصانع أعلم .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
أي يدّعون افتراءً على أمير المؤمنين عليه السلام من المذاهب والآراء العاطلة في التوحيد «ما لم يقل به قطّ» . ۱
(حمده) أي حمدهم إيّاه سبحانه (وفاطرهم) وخالقهم (على معرفة ربوبيّته) بآثاره العجيبة وصنائعه الغريبة .
(الدالّ على وجوده) وصف بعد الوصف ، أو هو الدالّ ، أو نصب على المدح . وكذا ما عطف عليه .
في بعض النسخ ـ كما ضبط برهان الفضلاء ـ : «وبإشباههم» على الإفعال . قال :
يعني وباشتراكهم في اسم غير مشتقّ على أن لا شريك له في اسم غير مشتقّ . ثمّ قال : ومن جملة طلبه الشهادة عن عباده بآياته على قدرته قوله عزّ وجلّ في سورة فصّلت : «قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِىَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ» . ۲
(الممتنعة من الصفات ذاته) أي من الكيفيّات والصّفات الزائدة ؛ فإنّ صفاته سبحانه عين الذات ليست موجودة في الخارج بأنفسها كما توهّمت الأشاعرة ، بل وجودها في أنفسها إنّما هو في الأذهان الحادثة .
(لا أمد لكونه) أي لا مدّة لأزليّته ، وكون المدّة من مخلوقاته .
(ولا غاية لبقائه) ؛ لأبديّته ، وكون كلّ غاية من مصنوعاته .
(لا يشمله المشاعر) : لا يدركه ولا يحيط به .
(ولا تحجبه الحُجب) ؛ لأنّه أظهر من كلّ ظاهر بظهور آثار قدرته ظاهرا وباطنا .
(خلقه إيّاهم) يعني خالقيّته لهم وهو مصداق الوجوب الذاتي ، ومخلوقيّتهم له سبحانه وهو مصداق الإمكان الذاتي . والواجب لذاته يمتنع عليه ما عليه سمة الإمكان من الأوصاف والإدراكات، فيمتنع عليه تعالى ما يمكن فيهم، وما يمكن فيهم يمتنع عليه . وهذا دليل الافتراق الكلّي الخاصّ والمباينة التامّة المخصوصة .
وفي توحيد الصدوق رحمه الله : «ولإمكان ذواتهم ممّا يمتنع منه ذاته» . ۳
قال برهان الفضلاء :
«ولإمكانٍ» بالتنوين لإفادة التبعيض ؛ فإنّ في «لإ مكانهم» بدل «لإمكانٍ» يتوهّم أنّ كلّ محال في شأنه تعالى فهو جائز في مخلوقاته، وليس كذلك ؛ فإنّ من المحال فيهما اجتماع النقيضين وشباهة الخالق بالمخلوق في اسم غير مشتقّ وخلق الشريك .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
يعني إنّما الحجاب بينه وبين خلقه كونه خالقا بريئا من الإمكان ، وكونهم مخلوقة وممكنة قاصرة عن نيل البريء بذاته وصفاته من الإمكان ، والحجاب بينه وبين صنعه قصورهم وكماله . ۴
(الواحد لا بتأويل عدد) ؛ لأنّ وحدة العدديّة من مخلوقاته ، سبحانه وهو قبل العدد والمعدود والحدّ والمحدود .
وفي الصحيفة الكاملة : «لك يا إلهي وحدانيّة العدد» . ۵ يعني الأحديّة الحقيقيّة التي لا يتصوّر الشركة معها ؛ للتنافي بينهما حيث يمتنع الشركة ، والشركة مخلوقة كالمشتركين .
وقال بعض المعاصرين :
المراد بوحدانيّة العدد جهة وحدة الكثرات واحديّة جمعها لا إثبات الوحدة العدديّة، فافهم . ۶ انتهى .
(لا بمعنى حركة) بل بمعنى إبداع واختراع من دون تدريج وتدرّج وتغيّر وتبدّل وتعاقب وتفنّن . لا يشغله خلق عن خلق ، ولا صنع عن صنع ، ولا تدبير عن تدبير .
(لا بتفريق آلة) قيل : أي آلة مغايرة لذاته . وقيل : يعني لا بتخريق الهواء الداخل في الصّماخ .
قال السيّد الأجلّ النائيني :
«لا بتفريق آلة» أي بإدخال شيء فيها كما في الحيوان ، أو المراد بتفريق الآلة قلع المقلوع أو قرع المقروع المحصّل للصوت المسموع ، وكذا الآلة في الحديث السابق . ۷
و«الاجتنان» : الاستتار .
(أزله نهي) في بعض «نُهية» بالضمّ اسم من نهاه ينهاه وبمعنى النهاية . وواحدة النُهى بمعنى العقول .
«طامحات العقول» أي العقول العالية الكاملة .
(نوافذ الأبصار) أي الأوهام العميقة النافذة .
(قمع) كمنع : غلب وقهر .
(جوائل الأوهام) أي الأوهام الجائلة ، من الجولان .
قال الفاضل الإسترابادي :
«فمن وصف اللّه فقد حدّه» . المراد بالوصف هنا القول بأنّ له صفة زائدة كما تدلّ عليه لفظة فاء التفريعيّة .
وفي القاموس : الحدّ تمييز الشيء عن الشيء . ۸
والمعنى : من قال بأنّ له صفة زائدة فقد ميّزه عن صفته ، ومَن ميّزه عن صفته قال بالتعدّد ، ومَن قال بالتعدّد فقد أبطل أزله . ۹
(غيّاه) على التفعيل : جعله ذا غاية .
(علاما ، أو ـ علام) بالاكتفاء بفتحة الميم ، أي على أيّ شيء اعتماده .
(فقد أخلى منه) أي قدرته وغنائه .
وقال برهان الفضلاء : يعني فقد أخلى من سلطانه الأشياء الاُخر .
وقال السيّد الأجلّ النائيني : يعني فقد أخلى منه غير ما جعله سبحانه عليه .
(ضمّنه) من التضمين : جعله في ضمن شيء وداخله .
1.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۵۴ .
2.فصّلت (۴۱) : ۹ ـ ۱۰ .
3.التوحيد ، ص ۵۶ ، باب ۲ ، ح ۱۴ .
4.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۵۵ .
5.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۱۵۲ ، الدعاء ۲۸ .
6.الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۳۸ .
7.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۵۶ ، بتفاوت يسير .
8.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۸۶ (حدد) .
9.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۲۵ .