351
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الحديث السابع

۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ ، قَالَ : خَطَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام يَوْما خُطْبَةً بَعْدَ الْعَصْرِ ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ حُسْنِ صِفَتِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ تَعْظِيمِ اللّه ِ جَلَّ جَلَالُهُ ؛ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ : فَقُلْتُ لِلْحَارِثِ : أَ وَمَا حَفِظْتَهَا؟ قَالَ : كَتَبْتُهَا ،۲فَأَمْلَاهَا عَلَيْنَا مِنْ كِتَابِهِ :«الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي لَا يَمُوتُ ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ ؛ لِأَنَّ ۳ كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ مِنْ إِحْدَاثِ بَدِيعٍ لَمْ يَكُنِ ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ ؛ فَيَكُونَ فِي الْعِزِّ مُشَارَكا ، وَلَمْ يُولَدْ ؛ فَيَكُونَ مَوْرُوثا هَالِكا ، وَلَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ الْأَوْهَامُ ؛ فَتُقَدِّرَهُ شَبَحا مَاثِلاً ، وَلَمْ تُدْرِكْهُ الْأَبْصَارُ ؛ فَيَكُونَ بَعْدَ انْتِقَالِهَا حَائِلاً ، الَّذِي لَيْسَتْ فِي أَوَّلِيَّتِهِ نِهَايَةٌ ، وَلَا لِاخِرِيَّتِهِ حَدٌّ وَلَا غَايَةٌ ، الَّذِي لَمْ يَسْبِقْهُ وَقْتٌ ، وَلَمْ يَتَقَدَّمْهُ زَمَانٌ ، وَلَا يَتَعَاوَرُهُ زِيَادَةٌ وَلَا نُقْصَانٌ ، وَلَا يُوصَفُ بِأَيْنٍ وَلَا بِمَ وَلَا مَكَانٍ ، الَّذِي بَطَنَ مِنْ خَفِيَّاتِ الْأُمُورِ ، وَظَهَرَ فِي الْعُقُولِ بِمَا يُرى فِي خَلْقِهِ مِنْ عَلَامَاتِ التَّدْبِيرِ ، الَّذِي سُئِلَتِ الْأَنْبِيَاءُ عَنْهُ فَلَمْ تَصِفْهُ بِحَدٍّ وَلَا بِبَعْضٍ ، بَلْ وَصَفَتْهُ بِفِعَالِهِ ، وَدَلَّتْ عَلَيْهِ بِآيَاتِهِ ، لَا تَسْتَطِيعُ عُقُولُ الْمُتَفَكِّرِينَ جَحْدَهُ ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ فِطْرَتَهُ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ وَهُوَ الصَّانِعُ لَهُنَّ ، فَلَا مَدْفَعَ لِقُدْرَتِهِ ، الَّذِي نَأى مِنَ الْخَلْقِ ، فَلَا شَيْءَ كَمِثْلِهِ ، الَّذِي خَلَقَ خَلْقَهُ لِعِبَادَتِهِ ، وَأَقْدَرَهُمْ عَلى طَاعَتِهِ بِمَا جَعَلَ فِيهِمْ ، وَقَطَعَ عُذْرَهُمْ بِالْحُجَجِ ، فَعَنْ بَيِّنَةٍ هَلَكَ مَنْ هَلَكَ ، وَبِمَنِّهِ نَجَا مَنْ نَجَا ، وَلِلّهِ الْفَضْلُ مُبْدِئا وَمُعِيدا .
ثُمَّ إِنَّ اللّه َ ـ وَلَهُ الْحَمْدُ ـ افْتَتَحَ الْحَمْدَ لِنَفْسِهِ ، وَخَتَمَ أَمْرَ الدُّنْيَا وَمَحَلَّ الْاخِرَةِ بِالْحَمْدِ لِنَفْسِهِ ، فَقَالَ : «وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَلَمِينَ» .
الْحَمْدُ لِلّهِ اللَابِسِ الْكِبْرِيَاءِ بِلَا تَجْسِيدٍ ، وَالْمُرْتَدِي بِالْجَلالِ بِلَا تَمْثِيلٍ ، وَالْمُسْتَوِي عَلَى الْعَرْشِ بِلا زَوَالٍ ، ۴ وَالْمُتَعَالِي عَلَى الْخَلْقِ بِلَا تَبَاعُدٍ مِنْهُمْ وَلَا مُلَامَسَةٍ مِنْهُ لَهُمْ ، لَيْسَ لَهُ حَدٌّ يُنْتَهى إِلى حَدِّهِ ، وَ لَا لَهُ مِثْلٌ ؛ فَيُعْرَفَ بِمِثْلِهِ ، ذَلَّ مَنْ تَجَبَّرَ غَيْرَهُ ، وَصَغُرَ مَنْ تَكَبَّرَ دُونَهُ ، وَتَوَاضَعَتِ الْأَشْيَاءُ لِعَظَمَتِهِ ، وَانْقَادَتْ لِسُلْطَانِهِ وَعِزَّتِهِ ، وَكَلَّتْ عَنْ إِدْرَاكِهِ طُرُوفُ الْعُيُونِ ، وَقَصُرَتْ دُونَ بُلُوغِ صِفَتِهِ أَوْهَامُ الْخَلَائِقِ ، الْأَوَّلِ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا قَبْلَ لَهُ ، وَالْاخِرِ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا بَعْدَ لَهُ ، الظَّاهِرِ عَلى كُلِّ شَيْءٍ بِالْقَهْرِ لَهُ ، وَالْمُشَاهِدِ لِجَمِيعِ الْأَمَاكِنِ بِلَا انْتِقَالٍ إِلَيْهَا ، لَا تَلْمِسُهُ لَامِسَةٌ ، وَلَا تَحُسُّهُ حَاسَّةٌ «هُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ» أَتْقَنَ مَا أَرَادَ مِنْ خَلْقِهِ مِنَ الْأَشْبَاحِ كُلِّهَا ، لَا بِمِثَالٍ سَبَقَ إِلَيْهِ ، وَلَا لُغُوبٍ دَخَلَ عَلَيْهِ فِي خَلْقِ مَا خَلَقَ لَدَيْهِ ، ابْتَدَأَ مَا أَرَادَ ابْتِدَاءَهُ ، وَأَنْشَأَ مَا أَرَادَ إِنْشَاءَهُ عَلى مَا أَرَادَ مِنَ الثَّقَلَيْنِ : الْجِنِّ وَالْاءِنْسِ ؛ لِيَعْرِفُوا بِذلِكَ رُبُوبِيَّتَهُ ، وَتَمَكَّنَ فِيهِمْ طَاعَتُهُ ، نَحْمَدُهُ بِجَمِيعِ مَحَامِدِهِ كُلِّهَا عَلى جَمِيعِ نَعْمَائِهِ كُلِّهَا ، وَنَسْتَهْدِيهِ لِمَرَاشِدِ أُمُورِنَا ، وَنَعُوذُ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، وَنَسْتَغْفِرُهُ لِلذُّنُوبِ الَّتِي سَبَقَتْ مِنَّا ، وَنَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلَا اللّه ُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، بَعَثَهُ بِالْحَقِّ نَبِيّا دَالًا عَلَيْهِ ، وَهَادِيا إِلَيْهِ ، فَهَدى بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ ، وَاسْتَنْقَذَنَا بِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ ؛ «مَنْ يُطِعِ اللّه َ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزا عَظِيما» وَنَالَ ثَوَابا جَزِيلاً ؛ وَمَنْ يَعْصِ اللّه َ وَرَسُولَهُ ، فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانا مُبِينا ، وَاسْتَحَقَّ عَذَابا أَلِيما ، فَأَبْخِعُوا ۵ بِمَا يَحِقُّ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِخْلَاصِ النَّصِيحَةِ وَحُسْنِ الْمُؤَازَرَةِ ، وَأَعِينُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ بِلُزُومِ الطَّرِيقَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ ، وَهَجْرِ الْأُمُورِ الْمَكْرُوهَةِ ، وَتَعَاطَوُا الْحَقَّ بَيْنَكُمْ ، وَتَعَاوَنُوا بِهِ دُونِي ، وَخُذُوا عَلى يَدِ الظَّالِمِ السَّفِيهِ ، وَمُرُوا بِالْمَعْرُوفِ ، وَانْهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ ، وَاعْرِفُوا لِذَوِي الْفَضْلِ فَضْلَهُمْ ، عَصَمَنَا اللّه ُ وَإِيَّاكُمْ بِالْهُدى ، وَثَبَّتَنَا وَإِيَّاكُمْ عَلَى التَّقْوى ، وَأَسْتَغْفِرُ اللّه َ لِي وَلَكُمْ» .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أبيه ، عن أحمد بن النضر و غيره ، عمّن ذكره ، عن عمرو بن ثابت ، عن رجل سمّاه» .

2.في الكافي المطبوع : «قد كتبتها» .

3.في الكافي المطبوع : «لأنّه» .

4.في الكافي المطبوع : «بغير زوال» .

5.. في الكافي المطبوع : «فأنجعوا» .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
350
  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 99164
صفحه از 508
پرینت  ارسال به