361
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الحديث الثالث

۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سلام ،۲عَنْ أَبِي سَلَامٍ النَّخَّاسِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ :«نَحْنُ الْمَثَانِي الَّتِي أَعْطَاها اللّه ُ نَبِيَّنَا مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله ، وَ نَحْنُ وَجْهُ اللّه ِ نَتَقَلَّبُ فِي الْأَرْضِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ، وَنَحْنُ عَيْنُ اللّه ِ فِي خَلْقِهِ ، وَيَدُهُ الْمَبْسُوطَةُ بِالرَّحْمَةِ عَلى عِبَادِهِ ، عَرَفْنَا مَنْ عَرَفَنَا ، وَجَهِلْنَا مَنْ جَهِلَنَا وَإِمَامَةَ الْمُتَّقِينَ» .

هديّة :

(نحن المثاني) ناظر إلى قوله تعالى في سورة الحجر : «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» ، ۳ فسبعا بحسب أسمائهم عليهم السلام : عليّ وفاطمة والحسن والحسين ومحمّد وجعفر وموسى . والمثاني : القرآن . يعني نحن المعصومون بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلمالقرآن الناطق .
القاموس :
والمثاني : القرآن ، أو ما ثنّي منه مرّة بعد مرّة ، أو الحمد ، أو البقرة إلى براءة ، أو كلّ سورة دون الطوال ودون المأتين وفوق المفصّل . واحدها مثنى . ۴
الجوهري :
والمثاني من القرآن: ما كان أقلّ من المأتين، وتسمّى فاتحة الكتاب مثاني ؛ لأنّها تثنّى في كلّ ركعة ، ويسمّى جميع القرآن مثاني أيضا ؛ لاقتران آية الرحمة بآية العذاب . ۵
وقال الصدوق رحمه الله :
معنى قوله عليه السلام : «نحن المثاني» أي نحن الذين قرننا النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم إلى القرآن وأوصى بالتمسّك بالقرآن وبنا وأخبر اُمّته إنّنا لا نفترق حتّى نردّ عليه حوضه . ۶
وفي واحد «مثاني» أقوال ؛ فقيل : واحدها «مثنى» بمعنى اثنين اثنين . وقيل : «المثناة» من التثنية وقيل : «مثنية» من الثناء .
وقال برهان الفضلاء سلّمه اللّه :
«المثاني» جمع «مثناة» بفتح الميم وسكون المثلّثة وفتح النون . قبل الألف وتاء التأنيث : اسم مكان ، بمعنى موضع التكرار . وصيغة منتهى الجموع للكثرة ، يعني الآيات الكثيرة التي نهي فيها عن تبعيّة الرأي والظنّ .
و«أعطاها اللّه » إشارة إلى حديث النبيّ صلى الله عليه و آله وسلم : «واُعطيت المثاني مكان الزبور» ، ۷ أو إشارة إلى قوله تعالى : «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعا مِنْ الْمَثَانِي» ، ۸ أي من جملة الآيات الكثيرة التي هي موضع التأكيد والتكرار .
ثمّ قال : والمشهور أنّ المراد بالآيات السبع سورة فاتحة الكتاب ؛ لاشتمالها على ثناء اللّه بصفات الربوبيّة التي لها دلالة صريحة على وجوب وجود إمام مفترض الطاعة عالم بجميع الأحكام في كلّ زمان ؛ ليكون مصداقا لربوبيّة ربّ العالمين . فالمعنى نحن الأئمّة أهل البيت مدلولون للمثاني التي أعطاها اللّه نبيّنا صلى الله عليه و آله وسلم .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
إن كان المراد بالمثاني كتاب اللّه وكلامه المجيد أو ما ثنّي منه ، فكون الأئمّة عليهم السلام مثاني باعتبار استقرار كلام اللّه في أنفسهم واشتمالهم عليه وإحاطتهم العلميّة به ، كقول أمير المؤمنين عليه السلام : «أنا كلام اللّه الناطق» . ۹
وإن كان المقصود ما بعد الأوّل من جنسه ، فكونهم عليهم السلام من جنسه مثاني باعتبار أنّ كلّ واحد منهم عالم بما اُنزل عليه صلى الله عليه و آله ومتخلّق بأخلاقه يحصل منه الهداية وتعليم علوم الشرائع للناس وانتشارها منه ؛ وذلك من حيث الإمامة لا الرسالة ، وكان في بيته إلى أواخر زمان السابع من الأئمّة كاظمهم عليهم السلام ، ثمّ اشتدّت التقيّة في آخر زمانه ، وحيل بينهم بعد ذلك وبين الأئمّة عليهم السلام ۱۰ بالحبس أو ما يقوم مقامه من التقيّة الشديدة ، وكان بمنزلة الغيبة حتّى لا يتمكّن الطالبون من الاُمّة من سؤالهم ، ولا يتمكّنوا من بيان الحقّ لهم ، ولذا ورد في الكلام العزيز : «وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» . ۱۱
(ونحن وجه اللّه ) أي وجه رحمته وجهة تقرّبه .
(بين أظهركم) أي بينكم .
وقال برهان الفضلاء :
يعني ونحن طريق معرفة ربوبيّته تعالى بينكم ، نسير بينكم فسهل عليكم امتحاننا في دعوانا أنّ طاعتنا مفترضة على جميع من في الأرض ، وأنّ الجميع في تحت حكمنا ؛ قال اللّه تعالى في البقرة : «فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّه ِ»۱۲ .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
أي نحن وجه اللّه الذي اُمرتم بإتيانه منه ، نتصرّف في الاُمور في الأرض «بين أظهركم» أي وسطكم وفي معظمكم . ويحتمل «يتقلّب» على الغائب ونحن عين اللّه في خلقه ؛ قيل : أي مصطفاه وصفوته . ۱۳
وقال برهان الفضلاء : و«العين» إشارة إلى النظر بالمرحمة ، و«اليد» إلى مسّها على الرأس بالرعاية .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله : أي ينظر بنا إليهم نظر الرحمة بولايتنا أو النقمة ببغضنا ونحن يده المبسوطة بالرحمة فبنا شملتهم الرحمة . ۱۴
وقال بعض المعاصرين : وإنّما هم عين اللّه من حيث كونهم واسطة في رؤيته تعالى للمخلوقين باعتبارٍ ، وباعتبارٍ آخر بالعكس . ۱۵
أقول : كأنّ زعمه أنّه بيان مرموز لا يفهمه العلماء القشريّة عندهم ، أي المنكرين للتصوّف واُصول القدريّة التي يفهم أسرارها كلّ مُشَعبذ وقّاح بل كلّ قلندر شطّاح .
(عرفنا من عرفنا) أي عرفنا بطيب الولادة من عَرَفنا بالإمامة ، (وجَهِلَنا) بخبث الولادة من جَهِلَ إمامتنا .
واحتمال «عَرْفنا» و«جَهِلْنا» على المتكلّم مع الغير ؛ يعني عرفنا بالميلاد الحلال من عرفنا بالإمامة ولم نعرف به من لم يعرف بها كما ترى .
وقال برهان الفضلاء :
يعني عرف قدرنا من عرف قدرنا ، وجهل قدرنا من جهل قدرنا وقدر إمامة المتّقين . والمراد أنّ مطلوبنا شيعتنا ولا نبالي بإنكار غيرهم ، كما قال اللّه تعالى في سورة الفرقان : «وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاما»۱۶ .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
يعني عرفنا بهذه المعرفة «من عرفنا» بالتقوى الذي لنا بفضله وعصمته ، وعرف إمامة المتّقين «وجهلنا» بهذه من جهل ما لنا من المعرفة والتقوى والعصمة وجهل إمامة المتّقين . ۱۷
وهذه الأوصاف خاصّة بالمعصومين المصابيح للمناهج ، وعددهم مضبوط منحصر بتقدير العزيز العليم وتدبير العدل الحكيم كالسيّارات والأبراج .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى» .

2.في الكافي المطبوع : «محمّد بن سنان» .

3.الحجر (۱۵) : ۸۷ .

4.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۰۹ (ثنى) .

5.الصحاح، ج ۶، ص ۲۲۹۶ (ثنى).

6.التوحيد ، ص ۱۵۱ ، باب ۱۲ ، ذيل الحديث ۶ .

7.الكافي ، ج ۲ ، ص ۶۰۱ ، كتاب فضل القرآن ، ح ۱۰ ؛ البحار ، ح ۸۹ ، ص ۲۷ ، ح ۳۱ .

8.الحجر (۱۵) : ۸۷ .

9.التوحيد ، ص ۱۶۴ ، باب ۲۲ ، ح ۱ ؛ بصائر الدرجات ، ص ۶۴ ، باب ۳ ، ح ۱۳ . وفيهما «لسان» مكان «كلام» . البحار ، ج ۳۰ ، ص ۵۴۶ .

10.في المصدر : «الاُمّة» .

11.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۶۸ ، بتفاوت يسير .

12.البقرة (۲) : ۱۱۵ .

13.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۶۸ .

14.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۶۹ ، بتفاوت .

15.الوافي ، ج ۱ ، ص ۴۲۰ ـ ۴۲۱ .

16.الفرقان (۲۵) : ۷۴ .

17.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۶۹ ، بتفاوت .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
360

الحديث الثاني

۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنْ البزنطي ،۱عَنْ صَفْوَانَ الْجَمَّالِ : عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام فِي قَوْلِ اللّه ِ عَزَّ وَجَلَّ :«كُلُّ شَىْ ءٍ هَالِكٌ إِلَا وَجْهَهُ»قَالَ :«مَنْ أَتَى اللّه َ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ طَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، فَهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَا يَهْلِكُ ، وَكَذلِكَ قَالَ : «مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ» » .

هديّة :

(بما أمر به) يحتمل المعلوم وخلافه .
و(لا يهلك) على المعلوم من باب ضرب ، أو خلافه من الإفعال .
وقرأ برهان الفضلاء على غير المعلوم من التفعيل . هلّكه تهليكا : نسبه إلى الهلاك . قال : والمراد البطلان .
(وكذلك قال) أي بإرادة الحصر في سورة النساء ۲ : ( «مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ» ) فسّر ب : في جميع ما جاء به صلى الله عليه و آله وسلموأهمّه الإمامة .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر» .

2.في جميع النسخ: «النور» بدل «النساء»، ولكنّ الصحيح ما اُثبت. نعم، الوارد في سورة النور (۲۴): ۵۲ هكذا: «وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» الآية .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 99104
صفحه از 508
پرینت  ارسال به