هديّة :
(في قول اللّه تبارك وتعالى) في سورة الزخرف . ۱
و«الأسف» محرّكة : أشدّ الحزن . أسف على ما فاته كعلم وتأسّف بمعنى . وأسف أيضا عليه : غضب ، وآسفه إيسافا : أغضبه ، أسفونا : أغضبونا . أي صاروا بأعمالهم باعثين على أن نغضب عليهم وننتقم منهم .
(أولياء لنفسه) : حججا معصومين ممتازين عن الجميع حسبا ونسبا .
(وهم مخلوقون مربوبون) ردّ على القدريّة ؛ إذ بعد الاتّصال على رأيهم الفاسد لا مخلوق قبل الممات أيضا .
(فلذلك) أي فلانحصار وصف الاصطفاء والاجتباء فيهم .
(صاروا كذلك) أي مختصّين بالإضافات المذكورة .
(وليس أنّ ذلك) بفتح الهمزة وتشديد النون ، أي وليس المعنى أنّ ذلك .
(وقد قال) في الحديث القدسي : (مَن أهان لي وليّا ...) الحديث .
وآية ( «مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ» ) في سورة النساء ، ۲ وتاليها في سورة الفتح . ۳
(على ما ذكرت لك) على الوجه الذي ذكرت .
(وهكذا الرِّضا والغضب) قد سبق أنّهما وأمثالهما من صفات الفعل وهي أفعال حادثة .
قال السيّد الأجلّ النائيني :
قد مرّ مرارا أنّه سبحانه لا يتّصف بصفات المخلوق ، فإطلاق الأسف فيه سبحانه إمّا تجوّز باستعماله في صدور الفعل الذي يترتّب فينا مثله على الأسف ، وإمّا مجاز في الإسناد ، أو من مجاز الحذف كما حمله عليه السلام في هذا الحديث . ۴
(والضجر) بالتحريك : السامّة .
في بعض النسخ ـ كما ضبط برهان الفضلاء ـ : «وأنشأهما» مكان (وأشباههما) ثمّ قال : وفي بعض النسخ : «وأشباههما» .
«بادَ» : زالَ وهلك ، و«الإبادة» : الإهلاك ، قيل : ولعلّ هنا للصيرورة كما يدلّ عليه كلام برهان الفضلاء ؛ حيث فسّرها بالهلاك والزوال .
أقول : المضبوط في عامّة النسخ : (التغيير) على التفعيل في الموضعين ، فالمناسب «الإبادة» بمعنى الإهلاك ، وأيضا دخول الضجر من سِمات المخلوق ، فالإدخال والتغيير والإبادة من الغير .
(دخله التغيير) أي من حال إلى حال .
(لم يعرف المكوّن) أي الخالق الغني من جميع الجهات .
(من المكوّن) أي المخلوق المحتاج كذلك ؛ فإنّ المتّصف بالتغيّر ممكن فناقص محتاج إلى مكوّن واجب الوجود لذاته ، غنيّ قادرٍ على كلّ شيء ؛ لكماله من جميع الجهات باستجماعه جميع صفات الكمال .
(لا لحاجة) أي لا لنقص من جهة الإمكان والاحتياج .
ف(استحال الحدّ) أي التناهي والكيف ؛ إذ كلّ منهما خاصّ بالمتناهي في ذاته .
(لا لحاجة) أي منه إلى خلقه في وجوده ، أو كمالاته ؛ لكونه المبدأ الأوّل الأزلي السرمدي الأحديّ المتقدّس عن التكثّر بجهة من الجهات كالفعليّة والقوّة وغيرها، (فإذا كان) كذلك (استحال) عليه (الحدّ) الموقوف على الماهيّة الإمكانيّة (والكيف . فافهم إن شاء اللّه تعالى) .
قال برهان الفضلاء :
حاصل الاستدلال أنّ شيئا من الكيف لا يمكن أن يكون واجب الوجود ؛ لاحتياجه إلى محلّه ، فممكن بالذات ، وكلّ ممكن حادث مدبَّرٌ بتدبير مُحْدِثِه ، فيستحيل أن يكون خالق العالَمْ ذا كيف ، فإنّ كيفه يكون إذا حادثا بتدبيره ، فيكون الخالق في كماله محتاجا إلى غيره وهو كيفه ، وذلك نقص ينافي الوجوب بالذات باتّفاق أهل الإسلام والزنادقة من الفلاسفة ، وينافي أيضا الخالقيّة باتّفاق أهل الإسلام . فظهر من هذا التقرير أنّ «لأنّه» إلى آخره إشارةٌ إلى الاستدلال الذي مقدّماته مشتركة بين أهل الإسلام والزنادقة . و«ثمّ لم يعرف» إلى آخره إشارةٌ إلى قسم آخر من الاستدلال وهو مختصّ بأهل الإسلام ، فلمّا كان الفرق بينهما دقيقا قال عليه السلام «فافهم إن شاء اللّه » .