هديّة :
(الإقرار له بالعبوديّة) يعني بأنّ العبد عبد دائما حتّى أفضل الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه و آله والمعبود معبود دائما ومنزّه عن أن يكون تارةً عبدا ومعبودا اُخرى ، كما قالت الصوفيّة: إنّ وصف العبوديّة تنقلب في نهاية سلسلة العود باصطلاحهم أخذا من التناسخيّة .
(وخلع الأنداد) أي بالتوحيد الخالص ونفي الشركاء في القِدَم كما زعمت الفلاسفة والثنوية والأشاعرة ومن يقفوا إثرهم .
(وأنّ اللّه يقدّم ما يشاء) يعني الإقرار بأنّه قادر مختار لا يعلم الغيب إلّا هو .
ليس بدّ للقدريّ أن يقول معنى هذا الحديث: إنّ اللّه ما بعث نبيّا حتّى يأخذ عليه الإقرار بكونه عبدا في سلسلة البدو ، ومعبودا في منتهى العود ، وبأنّ تشكّلاته ليست أندادا له ، وبثبوت العلم والحكم والبداء ، ونقش كلّ حادث أوّلاً للقوى المنطبعة الفلكيّة ثمّ للنفوس المرتاضة المتّصلة بالعقل الفعّال والمبادئ العالية. ولو كان جوكيّا من الجواكي لم يتفكّر ما بال ولد الزّنا حيث يمتنع نجاته من النار وإن صرف عمره في الطاعة وتتبّع الآثار .
قال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
لا يخفى ما في هذا الحديث من المبالغة في إثبات البداء بجعله ثالث الإقرار بالاُلوهيّة والتوحيد؛ ولعلّه ذلك لأنّ إنكاره يؤدّي إلى إنكاره سبحانه . ۱
وقال الفاضل الإسترابادي :
يقدّم ما يشاء ؛ أي يقدّره في اللوح المحفوظ أوّلاً على وجه ، ثمّ يغيّر ذلك إلى وجه آخر ، وهذا هو البداء في حقّه تعالى . ۲