383
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الحديث السادس

۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللّه ِ عَزَّ وَجَلَّ :«أَوَ لَمْ يَرَ الْاءِنسَـنُ أَنَّا خَلَقْنَـهُ مِن قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْـ?ا»قَالَ : فَقَالَ :«لَا مُقَدَّرا وَلَا مُكَوَّنا» .
قَالَ : وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ : «هَلْ أَتَى عَلَى الْاءِنسَـنِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْـ?ا مَّذْكُورًا» فَقَالَ : «كَانَ مُقَدَّرا غَيْرَ مَذْكُورٍ» .

هديّة :

الآية الاُولى نقل بالمعنى ، أو سهو من النسّاخ؛ فإنّها في سورة مريم هكذا : «أَوَلَايَذْكُرُ الْاءِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئا»۲ ، وفي سورة يس هكذا : «أَوَلَمْ يَرَ الْاءِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ» . ۳
قل للقدري : ألا ترى أنّ مخلوقا من أخسّ الأشياء وأخبثها بكمال جهالته ـ كفرعون ـ لا يرضى بالإمامة والنبوّة ويدّعي الاُلوهيّة؟! ألم يقل ابن عربيّكم: إنّي كلّفت الإمامة وألقيت على منكبي كالرداء فلم أرض بها؟! ألم يقُل حلّاجكم ما قال بذلك الحسب والنسب ، وكذا بسطاميّكم؟! .
وتفسير الآية الاُولى دلالة على أنّ المعنى: إنّا أردنا خلقه من طين أو نطفة إرادةً حادثةً بدت بعد أن لم تكن من قبل أن يولد أو يكلّف.
(لا مقدّرا) بصورته بتقدير حادث بمعنى إرادة حادثة ، (ولا مكوّنا) بتمام خلقته بتكوين كذلك .
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى :
«شيئا» أي شيئا معتدّا به .
«لا مقدّرا» أي بصورته «ولا مكوّنا» أي لا مسكّنا في الرحم. من التكوين بمعنى تسكين الشيء في مكان معيّن . والمراد من التفسيرين بيان جهل الخلائق بالغيب ليثبت البداء .
وقال الفاضل الإسترابادي رحمه الله :
«لا مقدّرا و لا مكوّنا» يعني قد مضى على الإنسان وقت لم يكن هو موجودا في الأرض ، مذكورا بين أهل الأرض ، ولم يكن تقديره أيضا ـ أي نقشه ـ موجودا في اللّوح المحفوظ ، فعلم تجدّد إرادته تعالى وتجدّد تقديره ، وهو معنى البداء في حقّه تعالى . ۴
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
المراد بالخلق في الآية إمّا التقدير ، أو الإيجاد والإحداث العيني .
وعلى الأوّل معناه قدّرنا الإنسان أو وجوده ، ولم يكن تقديرا في الإنسان مسبوقا بكونه مقدّرا أو مكوّنا في فرد .
وعلى الثاني أوجدناه ولم يكن إيجادا مسبوقا بتقدير سابق أزليّ ، بل بتقدير كائن ، ولا مسبوقا بتكوين سابق .
وقوله : «غير مذكور» أي غير مذكور ومثبت في الكتاب الذي يقال لذلك الكتاب: كتاب المحو والإثبات ، أو غير مذكور لما تحت اللّوح المحفوظ . ۵ انتهى .
قد عرفت في هديّة الأوّل تفسير السيّد كتاب المحو والإثبات بالنفوس العِلْويّة وما يشبهها ، وقد سمعت أخي الصّلبي الفاضل الثقة سراج الإمام مولانا محمّد قاسم التبريزي سلّمه اللّه تعالى وكان قد تلمّذ حينا من الدهر في خدمة السيّد رحمه اللهبعد تلمّذه مدّة مديدة في ملازمة برهان الفضلاء سلّمه اللّه يقول : سمعت السيّد يقول : من أراد فلسفة غير مخالفة للإسلام فعليه بتعليقاتي هذه على اُصول الكافي .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا: «أحمد بن مهران ، عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني ، عن عليّ بن أسباط ، عن خَلَف بن حمّاد».

2.مريم (۱۹) : ۶۷ .

3.يس (۳۶) : ۷۷ .

4.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۲۶ .

5.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۷۷.


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
382

الحديث الخامس

۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ ، عَنْ زُرَارَةَ ، عَنْ حُمْرَانَ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِ اللّه ِ عَزَّ وَجَلَّ :«قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ»قَالَ :«هُمَا أَجَلَانِ : أَجَلٌ مَحْتُومٌ ، وَأَجَلٌ مَوْقُوفٌ» .

هديّة :

(عن قول اللّه عزّ وجلّ) في سورة الأنعام : «هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمّىً عِنْدَهُ»۲ ، قيل : «وأجل» مبتدأ خصّص بمقابلته ب«أجلاً» و«مسمّى عنده» خبره. وقيل : بل مخصّص بالصفة ، والخبر «عنده».
(هما) أي الأجل المقضيّ ، والأجل المسمّى.
و«الأجل المحتوم» هو الذي قضاه وعلّمه ملائكته ورسله علما تامّا ، بمعنى عدم كونه موقوفا على شرط لا يعلم مثلاً أو معلّقا بالمشيئة.
و«الأجل الموقوف» هو المخزون عنده تعالى من دون أن يطّلع عليه أحد من خلقه كما في الأخبار الآتية .
ولعلّ المراد بالتعليم كما قلنا ، ويجيء في السابع ونظيره: تعليم العلم بأمر تمام العلم دون الأعمّ من التعليم بتمامه وبعضه ، فلا إشكال إذا أخبر حجّة من حججه تعالى بأمر ولا يخبر إلّا بما أخبره اللّه به فظهر خلافه بدعاء أو تصدّق أو حِكْمة من حِكَم اللّه سبحانه . ومثل العلم بعضه مُخْبَر به وبعضه مخزون ، أو إخبار معلّق بالمشيئة ، فالإخبار يكون ببعض العلم دون بعض ، بخلاف التعليم فإنّه لا يكون إلّا بتمام العلم. وإنّما لا يقدح ذلك في حُجّيّة الحجّة لأنّها لا تقبل إلّا من الحجّة المعصوم المنصوص الثابت حجّيّته بآيات الحجّيّة ودلالتها .
قال برهان الفضلاء :
«المحتوم» ما هو المعلوم للمعصوم في ليلة القدر . و«الموقوف» ما هو المخزون عنده تعالى . فالمحتوم تفسير للمقضيّ ، والموقوف تفسير للمسمّى عنده .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
«هما أجلان» فالذي قضاه مقترنا بالإمضاء «أجل محتوم»؛ لأنّه ثابت بقضائه سبحانه ، والذي سمّاه وجعله مُعْلما بالعلامات في تقديره «أجل موقوف» فإن قضاه وأمضاه حُتم ، وإن غيّره قضاء بالإمضاء حُتم غيره ولا يقع سواه . ۳
وقال الفاضل الإسترابادي رحمه الله :
يعني النقوش اللوح المحفوظ ـ وهي المشيئة والإرادة والتقدير كما سيجيء في كلامهم عليهم السلام ـ قسمان ؛ قسم حتمه اللّه تعالى ؛ أي لن يمحوه ويعمل على وفقه . وقسم موقوف حتمه على مشيئة جديدة . فعلم من ذلك تجدّد إرادته تعالى ، هذا هو معنى البداء في حقّه تعالى . ۴

1.السند في الكافي المطبوع هكذا: «محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد».

2.الأنعام (۶): ۲ .

3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۴۷۶ ـ ۴۷۷.

4.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۲۵ ـ ۱۲۶ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 98949
صفحه از 508
پرینت  ارسال به