الحديث السادس
۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنِ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللّه ِ عَزَّ وَجَلَّ :«أَوَ لَمْ يَرَ الْاءِنسَـنُ أَنَّا خَلَقْنَـهُ مِن قَبْلُ وَ لَمْ يَكُ شَيْـ?ا»قَالَ : فَقَالَ :«لَا مُقَدَّرا وَلَا مُكَوَّنا» .
قَالَ : وَسَأَلْتُهُ عَنْ قَوْلِهِ : «هَلْ أَتَى عَلَى الْاءِنسَـنِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْـ?ا مَّذْكُورًا» فَقَالَ : «كَانَ مُقَدَّرا غَيْرَ مَذْكُورٍ» .
هديّة :
الآية الاُولى نقل بالمعنى ، أو سهو من النسّاخ؛ فإنّها في سورة مريم هكذا : «أَوَلَايَذْكُرُ الْاءِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْئا»۲ ، وفي سورة يس هكذا : «أَوَلَمْ يَرَ الْاءِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ» . ۳
قل للقدري : ألا ترى أنّ مخلوقا من أخسّ الأشياء وأخبثها بكمال جهالته ـ كفرعون ـ لا يرضى بالإمامة والنبوّة ويدّعي الاُلوهيّة؟! ألم يقل ابن عربيّكم: إنّي كلّفت الإمامة وألقيت على منكبي كالرداء فلم أرض بها؟! ألم يقُل حلّاجكم ما قال بذلك الحسب والنسب ، وكذا بسطاميّكم؟! .
وتفسير الآية الاُولى دلالة على أنّ المعنى: إنّا أردنا خلقه من طين أو نطفة إرادةً حادثةً بدت بعد أن لم تكن من قبل أن يولد أو يكلّف.
(لا مقدّرا) بصورته بتقدير حادث بمعنى إرادة حادثة ، (ولا مكوّنا) بتمام خلقته بتكوين كذلك .
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى :
«شيئا» أي شيئا معتدّا به .
«لا مقدّرا» أي بصورته «ولا مكوّنا» أي لا مسكّنا في الرحم. من التكوين بمعنى تسكين الشيء في مكان معيّن . والمراد من التفسيرين بيان جهل الخلائق بالغيب ليثبت البداء .
وقال الفاضل الإسترابادي رحمه الله :
«لا مقدّرا و لا مكوّنا» يعني قد مضى على الإنسان وقت لم يكن هو موجودا في الأرض ، مذكورا بين أهل الأرض ، ولم يكن تقديره أيضا ـ أي نقشه ـ موجودا في اللّوح المحفوظ ، فعلم تجدّد إرادته تعالى وتجدّد تقديره ، وهو معنى البداء في حقّه تعالى . ۴
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
المراد بالخلق في الآية إمّا التقدير ، أو الإيجاد والإحداث العيني .
وعلى الأوّل معناه قدّرنا الإنسان أو وجوده ، ولم يكن تقديرا في الإنسان مسبوقا بكونه مقدّرا أو مكوّنا في فرد .
وعلى الثاني أوجدناه ولم يكن إيجادا مسبوقا بتقدير سابق أزليّ ، بل بتقدير كائن ، ولا مسبوقا بتكوين سابق .
وقوله : «غير مذكور» أي غير مذكور ومثبت في الكتاب الذي يقال لذلك الكتاب: كتاب المحو والإثبات ، أو غير مذكور لما تحت اللّوح المحفوظ . ۵ انتهى .
قد عرفت في هديّة الأوّل تفسير السيّد كتاب المحو والإثبات بالنفوس العِلْويّة وما يشبهها ، وقد سمعت أخي الصّلبي الفاضل الثقة سراج الإمام مولانا محمّد قاسم التبريزي سلّمه اللّه تعالى وكان قد تلمّذ حينا من الدهر في خدمة السيّد رحمه اللهبعد تلمّذه مدّة مديدة في ملازمة برهان الفضلاء سلّمه اللّه يقول : سمعت السيّد يقول : من أراد فلسفة غير مخالفة للإسلام فعليه بتعليقاتي هذه على اُصول الكافي .