393
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الحديث الخامس عشر

۰.روى في الكافي بإسناده،۱عَنْ يُونُسَ ، عَنْ جَهْمِ بْنِ أَبِي جَهْمَةَ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ :«إِنَّ اللّه َ تعالى أَخْبَرَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله بِمَا كَانَ مُنْذُ كَانَتِ الدُّنْيَا ، وَبِمَا يَكُونُ إِلَى انْقِضَاءِ الدُّنْيَا ، وَأَخْبَرَهُ بِالْمَحْتُومِ مِنْ ذلِكَ ، وَاسْتَثْنى عَلَيْهِ فِيمَا سِوَاهُ» .

هديّة :

بكمال إيجازه وإجماله مفصّل لتمام أحاديث الباب.
(واستثنى عليه) قال : يكون كذا إن شئت، أو إن شاء اللّه فيما سواه ؛ يعني في الموقوف المخزون الذي يكون البداء فيه .
قال برهان الفضلاء :
المراد بالاستثناء التعليق بالمشيئة باعتبار الوقت المعيّن، أو الشخص المعيّن لا باعتبار أصل الوقوع. وتعديته ب«على» على تضمين معنى اشتراط إقراره صلى الله عليه و آله باختصاص علم الغيب باللّه سبحانه .
وقال الفاضل الإسترابادي بخطّه :
«وأخبره بالمحتوم من ذلك» يعني بقسمي المنقوش على ما نقش، وذلك بأن أخبره في قسم بنقش من غير قيد «إن شئت» وفي قسم بنقش مع قيد «إن شئت» . ۲
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
«بما كان منذ كانت الدُّنيا» أي بكلّيّاتها وعظامها المعتدّ بشأنها أو بكلّها على وجه كلّي إجمالي يستنبط منه التفاصيل والجزئيّات . ۳

1.السند في الكافي المطبوع هكذا: «وبهذا الإسناد، عن أحمد بن محمّد، عن جعفر بن محمّد».

2.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۱۲۶ .

3.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۴۸۰.


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
392

هديّة :

لعلّ التفعّل هنا للمطاوعة لا للتكلّف ، ويحتمل مجيء «المتنبّئ» بمعنى صاحب النبوّة كالمتطبّب بمعنى صاحب الطبابة .
(بالبداء) أي بأنّه حقّ في حقّه تعالى على ما فصّل، وبأنّ جميع أفعال الخلائق لا يصدر عنهم إلّا بمشيّة اللّه تعالى ولا جبر؛ لما سبق من تفصيل معنى المشيئة، وبحقّيّة ما جرى في أوّل الأمر من الأمر بسجود الملائكة لآدم عليه السلام ؛ لما في صلبه من طينة خاتم الأنبياء وآله، وما قدّر في الآخر للتكليف بعبوديّة من المعاد للمكافأة وبالولاية لأهل البيت عليهم السلام .
وقال برهان الفضلاء :
أي بالإقرار بالبداء على ما سبق. وبالإقرار بأنّ كلّ ما يقع من أفعال الخلائق إنّما هو بمشيئة اللّه من دون أن يكونوا مجبورين في أفعالهم. وهذا ردّ على المعتزلة والمجوس كما سنبيّن في أوّل الباب الخامس والعشرين .
وبالإقرار بأنّ له تعالى جميع السماوات والأرض وما فيهما وهو على كلّ شيء قدير . قال اللّه تعالى في سورة آل عمران وسورة النور : «وَللّه ِِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ» ، ۱ وفي سورة النحل : «وَللّه ِِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ» . ۲ وهذا ردّ على الفلاسفة؛ حيث قالوا : إنّ لكلّ جسم مكانا طبيعيّا، وسكون الأرض طبيعيّ وحركة الأفلاك إراديّة لا أنّهما بتدبير الفاعل، والفاعل عندهم مُوجَب . وردّ على المعتزلة أيضا؛ حيث قالوا : إنّ العباد مستقلّون في القدرة على الفعل والترك من دون التوقّف على إذنه تعالى .
وبالإقرار بأنّ جميع المخلوقين عباد اللّه ؛ ردّا على الفلاسفة القائلين بالإيجاب ، وعلى الذين يقولون إنّ عيسى عليه السلام ابن اللّه ، وعلى القائلين من المشركين بأنّ الملائكة بنات اللّه .
وبالإقرار بوجوب الطاعة للّه سبحانه على كلّ مكلّف وإن كان نبيّا أو وصيّا، وهذا ردّ على الصوفيّة؛ حيث قالوا بما قال روميّهم ـ في الدفتر الخامس من كتابه المشهور بالمثنوي في بيان قولهم الباطل: إذا ظهرت الحقائق بطلت الشرائع ـ : من أنّ السالك يصل بالرياضة الكاملة من مرتبة العبوديّة إلى منزلة المعبوديّة، ثمّ مثّل بأنّ الشريعة بمنزلة الدواء للمريض والإكسير للكيمياء، فلا الصحيح محتاج إلى الدواء ولا الذهب إلى الكيمياء. ۳ غلطوا وضلّوا وهلكوا ، أولم يتفكّروا هؤلاء الضالّون المتخبّطون من المسّ أنّه لو كان كما قالوا لكان الحكم بكفر قائله، وبأنّه مرتدّ نجس مخلّد في النار أسخف من قولهم؟! هل الشرع بهذه الجلالة والمتانة والحسب والنسب سخيف أم قولهم؟! .
وقال السيّد الأجلّ النائيني:
«بالبداء» أي أوّل الخمس البداء، والثاني أنّ كلّ شيء بمشيّة اللّه ، وإنّما يقع الأشياء بالمشيئة منه سبحانه. والثلاثة الاُخر: السجود للّه ، والعبوديّة له، والطاعة له والانقياد لأوامره ونواهيه . وهي اُصول كلّ الشرائع بعد المعرفة والتوحيد . ۴

1.آل عمران (۳) : ۱۸۹؛ النور (۲۴): ۴۲؛ ومواضع اُخرى .

2.النحل (۱۶) : ۴۹ .

3.مثنوى معنوى، ص ۷۲۶، مقدّمة الدفتر الخامس.

4.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۴۸۰.

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 98872
صفحه از 508
پرینت  ارسال به