الحديث الثالث
۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنْ الْوَشَّاءِ ،۱عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام ، قَالَ : سَأَلْتُهُ ، فَقُلْتُ : اللّه ُ فَوَّضَ الْأَمْرَ إِلَى الْعِبَادِ؟ قَالَ :«اللّه ُ أَعَزُّ مِنْ ذلِكَ» .
قُلْتُ : فَجَبَرَهُمْ عَلَى الْمَعَاصِي؟ قَالَ : «اللّه ُ أَعْدَلُ وَأَحْكَمُ مِنْ ذلِكَ» . قَالَ : ثُمَّ قَالَ : «قَالَ اللّه ُ تبارك وتعالى : يَا ابْنَ آدَمَ ، أَنَا أَوْلى بِحَسَنَاتِكَ مِنْكَ ، وَأَنْتَ أَوْلى بِسَيِّئَاتِكَ مِنِّي ؛ عَمِلْتَ الْمَعَاصِيَ بِقُوَّتِيَ الَّتِي جَعَلْتُهَا فِيكَ» .
هديّة :
(أعزّ من ذلك) أي من أن يكون شيء موجودا في العالم باستقلال قدرة غيره تعالى ولا خالق سواه .
(أعدل وأحكم من ذلك) أي من الإجبار على المعاصي والتعذيب بها والنهي عنها .
وفي الاستشهاد بالحديث القدسي بيان للأمر بين الأمرين ، وقد علم بيانه بنظيره السابق في باب المشيئة والإرادة ردّا على طوائف الجبريّة والمفوّضة والقدريّة بأنّ الخالق لفعل العبد هو اللّه سبحانه ، والفاعل هو العبد بمدخليّة قدرته وإرادته اللّتين أعطاهما اللّه إيّاه .
الحديث الرابع
۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنْ ابْنِ مَرَّارٍ ،۲عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، قَالَ : قَالَ لِي أَبُو الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام :«يَا يُونُسُ ، لَا تَقُلْ بِقَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ ؛ فَإِنَّ الْقَدَرِيَّةَ لَمْ يَقُولُوا بِقَوْلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَلَا بِقَوْلِ أَهْلِ النَّارِ ، وَلَا بِقَوْلِ إِبْلِيسَ ؛ فَإِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ قَالُوا : «الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِى هَدَينَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلآَ أَنْ هَدَينَا اللّهُ» وَقَالَ أَهْلُ النَّارِ : «رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَ كُنَّا قَوْمًا ضَآلِّينَ» وَقَالَ إِبْلِيسُ : «رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِى» » .
فَقُلْتُ : وَاللّه ِ ، مَا أَقُولُ بِقَوْلِهِمْ ، وَلكِنِّي أَقُولُ : لَا يَكُونُ إِلَا بِمَا شَاءَ اللّه ُ وَأَرَادَ ، وَقَدَّرَ وَقَضى ، فَقَالَ : «يَا يُونُسُ ، لَيْسَ هكَذَا ، لَا يَكُونُ إِلَا مَا شَاءَ اللّه ُ وَأَرَادَ ، وَقَدَّرَ وَقَضى ؛ يَا يُونُسُ ، تَعْلَمُ مَا الْمَشِيئَةُ؟» ، قُلْتُ : لَا ، قَالَ : «هِيَ الذِّكْرُ الْأَوَّلُ ، فَتَعْلَمُ مَا الْاءِرَادَةُ؟» ، قُلْتُ : لَا ، قَالَ : «هِيَ الْعَزِيمَةُ عَلى مَا يَشَاءُ ، فَتَعْلَمُ مَا الْقَدَرُ؟» ، قُلْتُ : لَا ، قَالَ : «هوَ ۳ الْهَنْدَسَةُ ، وَوَضْعُ الْحُدُودِ مِنَ الْبَقَاءِ وَالْفَنَاءِ» .
قَالَ : ثُمَّ قَالَ : «وَالْقَضَاءُ هُوَ الْاءِبْرَامُ وَإِقَامَةُ الْعَيْنِ» . قَالَ : فَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أُقَبِّلَ رَأْسَهُ ، وَقُلْتُ : فَتَحْتَ لِي شَيْئا كُنْتُ عَنْهُ فِي غَفْلَةٍ .