451
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
450

هديّة :

(لا تقل بقول القدريّة) أي الصوفيّة وهم قائلون ـ كما نقلناه عن بعض المعاصرين في هديّة الثاني في الباب الثامن والعشرين ـ بأنّ القَدَر شأن الحقائق والماهيّات وليس من الحقّ إلّا إفاضة الوجود .
( بقول أهل الجنّة) في نسبة فعل الخير والشرّ من العبد باختياره إلى إيجاد اللّه سبحانه بالتوفيق والخذلان .
(ولا بقول أهل النار) في الإقرار بأنّ المعصية باختيارهم .
(ولا بقول إبليس) في الإقرار بأنّ اللّه تعالى هدى من أحبّه وأغوى من لم يحبّه بعد جعله الاختيار فيهما ، وعلمه بما يختار كلّ منهما .
والآية الاُولى في سورة الأعراف ۱ والثانية في سورة المؤمنون ، ۲ والثالثة في سورة الحجر . ۳
(ليس هكذا) نفي لسببيّة مشيئة اللّه وإرادته وقدره وقضائه لفعل العبد بإثبات شرطيّتها له كما سبق بيانه .
و(الذِّكر) بالكسر والضمّ .
يعني قال مشيئة اللّه المتعلّقة بفعل العبد هي خلق القدرة والاختيار فيه ؛ ليذكر الفعل أو الترك ، وإرادته كذلك جعله مريدا لأحدهما عازما عليه بالتوفيق أو الخذلان .
و(الهندسة) : معرّب «اندازه».
و(الإبرام) هنا بمعنى الإذن والإمضاء .
قال برهان الفضلاء :
المراد بالقدريّة هنا المعتزلة ، وبقولهم : تفويضهم الأوّل الذي إثبات المشيّة والإرادة والقدر والقضاء في الخصال السبع على ما سبق لإبطاله .
ومراد السائل بقوله : «إلّا بما شاء اللّه » إثبات الواسطة بين تفويضهم الأوّل وبين القول بأنّ الخصال الأربع تتعلّق بالمعاصي بلا واسطة ، والباعث على إثباته الواسطة استبعاده تعلّق مشيئة اللّه سبحانه بالمعاصي .
وحاصل جوابه عليه السلام : أنّ ما استبعدته ليس منافيا لعدالته تعالى على ما سبق مفصّلاً .
وحرف الجرّ يوهم أن يكون مشيّته تعالى كمشيّة العبد نفسانيّة ، وأهل الجنّة سلبوا الفعل عنهم بإسناد الهداية إليه تعالى ، وأهل النار سلبوه عنهم بإسناده إلى غلبة الشّقوة ، وإبليس سلبه عنه بإسناده الإغواء إلى اللّه سبحانه ، والمفوّضة نسبوه مطلقا إلى أنفسهم وقالوا باستقلال العبد فيه كاستقلال اللّه تعالى في أفعاله .
والفرق بين «بما» و«ما» أنّ الباء تدلّ على العلّية ، فالمعنى بدون الباء : لا يصدر فعل من عبد إلّا بمشيّة اللّه سبحانه ؛ أي بتوسّط مشيّته بين مشيئة العبد والفعل توسّطا إضافيا ولذا قيل : الفرق بين «بما شاء اللّه » و«ما شاء اللّه » أنّ الأوّل جبر محض ، والثاني أمرٌ بين الأمرين ، أو أعمّ .
«كنت عنه في غفلة» يعني كان ظنّي أنّ تعلّق مشيئة اللّه بالمعاصي قبيح ، فعلمت أن لا منافاة بينه وبين عدالته سبحانه .
وقال الفاضل الإسترابادي رحمه اللّه بخطّه :
لم يقولوا بقول أهل الجنّة ؛ يعني الفِرَق الثلاثة قائلون بأنّ الهداية والشقاوة والغواية بتقدير اللّه تعالى ، والقدريّة أنكروه . ۴
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«لا تقل بقول القدريّة» الظاهر أنّ المراد هنا أيضا بالقدريّة من يقول بأنّ أفعال العباد وجودها ليست بقدر اللّه وقضائه ، بل بإيجادهم لها بإرادتهم كما في الحديث الأوّل .
ومن يقول بعدم مدخليّة قضائه وقدره ، وباستقلال إرادة العبد به ، واستواء نسبته إلى الإرادتين وصدور أحدهما عنه لا بموجب غير الإرادة ـ كما ذهب إليه بعض المعتزلة ـ لا يقول بقول أهل الجنّة من إسناد هدايتهم إليه سبحانه ، ولا بقول أهل النار من إسناد ضلالتهم إلى شقوتهم ، ولا بقول إبليس من استناد الإغواء إليه سبحانه .
«لا يكون إلّا بما شاء اللّه » أي إلّا بالّذي شاء اللّه أو بشيء شاء اللّه .
ولمّا كانت هذه العبارة قاصرة عن الدلالة على المراد قال عليه السلام : «ليس هكذا» أي ليس التعبير عمّا هو هكذا ، بل العبارة عنه «لا يكون إلّا ما شاء اللّه وأراد وقدّر وقضى » .
وقوله : «هي الذِّكر الأوّل» أي المشيئة فينا هي توجّه النفس إلى المعلوم بملاحظة صفاته وأحواله المرغوبة الموجّهة لحركة النفس التي تحصّله ، ۵ وهذه الحركة النفسانيّة فينا وانبعاثها لتحصيله هي العزم والإرادة ، وفي الواجب تعالى ما تترتّب عليه أثر هذا التوجّه ويكون بمنزلته .
و«الهندسة» : مأخوذة من الهنداز ، وهي فارسيّة ، ومعناه تحديد مجاري الاُمور ، فلمّا عرّبت صيّرت الزاي سينا ؛ لأنّه ليس في كلام العرب زاي بعد الدال . والمهندس : مقدّر مجاري القناة حيث تحفر ، ثمّ عمّم في تحديد مجاري الاُمور كلّها . ۶

1.الأعراف (۷) : ۴۳ .

2.المؤمنون (۲۳) : ۱۰۶ .

3.الحجر (۱۵) : ۳۹ .

4.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۳۰ .

5.في المصدر : «تحصيله» .

6.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۵۰۱ ـ ۵۰۳ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 101051
صفحه از 508
پرینت  ارسال به