الحديث السادس
۰.روى في الكافي بإسناده ، عن العبيدي ، عَنْ يُونُسَ ،۱عَنْ حَفْصِ بْنِ قُرْطٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ :«قَالَ رَسُولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله : مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللّه َ يَأْمُرُ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللّه ِ ؛ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ بِغَيْرِ مَشِيئَةِ اللّه ِ ، فَقَدْ أَخْرَجَ اللّه َ مِنْ سُلْطَانِهِ ؛ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَعَاصِيَ بِغَيْرِ قُوَّةِ اللّه ِ ، فَقَدْ كَذَبَ عَلَى اللّه ِ ؛ وَمَنْ كَذَبَ عَلَى اللّه ِ ، أَدْخَلَهُ اللّه ُ النَّارَ» .
هديّة :
الفقرة الاُولى ردّ على الأشاعرة ، والثانية ردّ على الصوفيّة القدريّة ـ وقد عرفت مقالتهم في هديّة الثاني في الباب الثامن والعشرين ـ والثالثة ردّ على المفوّضة .
قال الفاضل الإسترابادي بخطّه :
«ومَنْ زعم أنّ المعاصي بغير قوّة اللّه » ردّ على الأشاعرة ؛ حيث زعموا أنّ المعاصي فعل اللّه لا بقوّة خلقها . ۲
قال برهان الفضلاء سلّمه اللّه تعالى :
في هذا الحديث ردّ على عدّة فِرَق: أوّلها : الذين قالوا في آية سورة النساء : «أَطِيعُوا اللّه َ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ»۳ : إنّ من كان حكمه في المختلف فيه بالظنّ والرأي هو داخل في اُولي الأمر واللّه سبحانه أمر بطاعته .
وحاصل الردّ أنّه تعالى قال في سورة البقرة : «وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللّه ِ مَا لَا تَعْلَمُونَ»۴ ، وفي سورة الأعراف : «إِنَّ اللّه َ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ»۵ ، وفي سورة النحل : «وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْىِ»۶ .
وثانيتها : المصوّبة ؛ حيث قالوا : يحصل العلم بالحسن والقبح بدون إرادة اللّه والوحي إلى الرسول ، أو التابعون لزنادقة الفلاسفة ؛ حيث قالوا : إنّ الحوادث مثل الصحّة والمرض ليست بمشيّة اللّه وقدرته ، أو الّذين يقولون باستقلال العبد في القدرة على الفعل والترك وعدم فعله في تحت مشيئة اللّه وإرادته وقَدَره وقضائه .
وحاصل الردّ : أنّه تعالى قال في سورة الكهف : «وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدا»۷ ، وفي سورة الأنبياء : «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً»۸ ، وفي سورة الدهر : «وَمَا تَشَاءُونَ إِلَا أَنْ يَشَاءَ اللّه ُ»۹ ، فكيف يكون الخير والشرّ بدون مشيئة اللّه سبحانه .
وثالثتها : القائلون بالتفويض الثاني للمعتزلة ؛ حيث لم يثبتوا الإذن في الخصال السبع ، أو القائلون بالجبر ، بعدم إثباتهم قدرة العبد على الفعل والترك ، أو القائلون بعدم كون السعادة والشقاء بخلق اللّه تعالى .