الحديث التاسع
۰.روى في الكافي ، عَنْ عَلِيُّ ، عَنْ العبيدي ، عَنْ يُونُسَ ،۱عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ وَأَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليهماالسلام ، قَالَا :«إِنَّ اللّه َ تعالى أَرْحَمُ بِخَلْقِهِ مِنْ أَنْ يُجْبِرَ خَلْقَهُ عَلَى الذُّنُوبِ ، ثُمَّ يُعَذِّبَهُمْ عَلَيْهَا ، وَاللّه ُ أَعَزُّ مِنْ أَنْ يُرِيدَ أَمْرا ؛ فَلَا يَكُونَ» .
قَالَ : فَسُئِلَا عليهماالسلام : هَلْ بَيْنَ الْجَبْرِ وَالْقَدَرِ مَنْزِلَةٌ ثَالِثَةٌ؟ قَالَا : «نَعَمْ ، أَوْسَعُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» .
هديّة :
(من أن يجبر) على المعلوم من باب نصر ، أو الإفعال .
(واللّه أعزّ) بيان لصدور فعل العبد بمشيّة اللّه وقدرته الغالبة ، واختيار العبد وقوّته المغلوبة في التوفيق والخذلان .
وتصويرنا المذكور مرارا يحقّق لك معنى (أوسع ممّا بين السماء والأرض) يعني معنى الأمر بين الأمرين معنى ظاهر ، كمعنى الجبر ومعنى التفويض . ودقّته في الجملة لا تنافي وضوحه بعد العقل عن المعصوم العاقل عن اللّه بدليل ما في التالي من قوله عليه السلام : «لا يعلمها إلّا العالم ، أو من علّمها إيّاه العالم» .
قال برهان الفضلاء :
إنّما هي أوسع كذا ؛ لأنّ الآيات التي حجّة للجبريّة ألقت المفوّضة في شدّةٍ وضيق ،وكذا الآيات التي حجّة للمفوّضة ألقت الجبريّة في ضيق وشدّة ، وما أظهر الفرق بين فعل يصدر بمشيّتين من اثنين وبين ما يصدر بمشيّة واحدة من واحد ! .
وقال الفاضل الإسترابادي :
«واللّه أعزّ من أن يريد أمرا فلا يكون» ردّ على المعتزلة حيث زعموا أنّ العباد ما شاؤوا صنعوا ، والمعنى ليس هذا على الإطلاق ، بل إذا وافق إرادة اللّه تعالى .
والمراد بالقدر هنا قدر العباد ؛ حيث زعمت المعتزلة أنّ العباد ما شاؤوا صنعوا .
وقال الصادق عليه السلام : «لا أقول : العباد ما شاؤوا صنعوا» . ۲ فالقدر المقابل للجبر استقلال العباد بمشيّتهم وتقديرهم ؛ يعني مشيّتهم وتقديرهم ما هي متوقّفة على مشيئة اللّه وإرادته وتقديره وقضائه . ۳
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«قالا : نعم أوسع ممّا بين السماء والأرض» لمّا كان كلام السائل دالّاً على إنكار الواسطة بين الجبر ـ وهو إيجاب اللّه وإلزامه العباد على أعمالهم بلا مدخليّة لإرادة العباد وقدرتهم في أفعالهم وإيجابها ـ والقدر ـ وهو استقلال قدرة العبد وإرادته في إيجاب فعله وإيجاده من غير إيجاب اللّه له وإيجاده سبحانه بقدرته واختياره ـ اُجيب بأنّ ما بينهما احتمالات كثيرة ، ولا حصر بينهما لا عقلاً ولا قطعا . ۴
1.يعني : «عليّ بن إبراهيم ، عن محمّد بن عيسى ، عن يونس بن عبد الرحمن» .
2.راجع الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۶۵ ، باب حجج اللّه على خلقه ، ح ۴ .
3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۳۱ .
4.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۵۰۵ .