هديّة :
في بيان المثل إشارة إلى أنّ علمه تعالى بأنّ العبد ـ وهو مختار في الفعل والترك بقوّة مخلوقة فيه يقبل ـ الأمر أو لا يقبل ـ ليس علّة ولا باعثا ، بل العلّة مشيئة العبد بمشيّة اللّه على التوفيق أو الخذلان المنوطين بالعلم الأزلي بما يصدر باختيار العبد من الطرفين بفاعليّته بالقوّة المغلوبة ، وخالقيّة الربّ بالقدرة الغالبة .
قال برهان الفضلاء :
المراد ب«الجبر» هنا : الجبر عند المخطّئة ، وب«التفويض» : التفويض عند المصوّبة . ف«أمرته» بتخفيف الميم ، كما بيّنه الصدوق رحمه الله في باب الأسماء في كتاب التوحيد . ويحتمل أن يكون المراد ب«الجبر» هنا : القدر المشترك بين مذهب الجهميّة والأشاعرة والزنادقة . وب«التفويض» : مذهب المعتزلة ف«أمّرته» بتشديد الميم من التأمير ؛ أي جعلته أميرا ومطلق العنان .
وقال الفاضل الإسترابادي : «كنت أنت الذي أمرته بالمعصية» يعني كما لا يستلزم الأمر بالمعصية لا يستلزم التفويض . ۱
الحديث الرابع عشر
۰.روى في الكافي بإسناده ،۲عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ :«اللّه ُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُكَلِّفَ النَّاسَ مَا لَا يُطِيقُونَ ، وَاللّه ُ أَعَزُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي سُلْطَانِهِ مَا لَا يُرِيدُ» .
هديّة :
الفقرة الاُولى لإبطال الجبر ، والثانية لإبطال التفويض وإثبات الأمر بين الأمرين على ما عرفت مرارا .
قال برهان الفضلاء :
«الإطاقة» : القدرة مع الوسعة . وصدر الحديث لإبطال الجبر بمعنى القَدْر المشترك بين مذهب الجهميّة والأشاعرة والزنادقة ، وآخره لإبطال التفويض الأوّل للمعتزلة .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
«ما لا يطيقون » أي ما لا يكون الإتيان به مقدورا لهم ، ويكونون مجبورين على خلافه كما يقوله الجبريّة ، واللّه أعزّ من أن يكون في ملكه ما لا يريده ، ويدخل شيء في الوجود لا من قدرته وإرادته وإيجاده له . ۳