493
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الحديث الرابع

۰.روى في الكافي ، عَنْ العِدَّة ، عَنْ البرقي ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبَانِ ،۱عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الطَّيَّارِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ : قَالَ لِي :«اكْتُبْ» ، فَأَمْلى عَلَيَّ : «إِنَّ مِنْ قَوْلِنَا : إِنَّ اللّه َ يَحْتَجُّ عَلَى الْعِبَادِ بِمَا آتَاهُمْ وَعَرَّفَهُمْ ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ رَسُولاً ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمُ الْكِتَابَ ، فَأَمَرَ فِيهِ وَنَهى : أَمَرَ فِيهِ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ ، فَنَامَ رَسُولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله عَنِ الصَّلَاةِ ، فَقَالَ : أَنَا أُنِيمُكَ ، وَأَنَا أُوقِظُكَ ، فَإِذَا قُمْتَ فَصَلِّ ؛ لِيَعْلَمُوا إِذَا أَصَابَهُمْ ذلِكَ كَيْفَ يَصْنَعُونَ ، لَيْسَ كَمَا يَقُولُونَ : إِذَا نَامَ عَنْهَا هَلَكَ ؛ وَكَذلِكَ الصِّيَامُ ، أَنَا أُمْرِضُكَ ، وَأَنَا أُصِحُّكَ ، فَإِذَا شَفَيْتُكَ فَاقْضِهِ» .
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «وَكَذلِكَ إِذَا نَظَرْتَ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ ، لَمْ تَجِدْ أَحَدا فِي ضِيقٍ ، وَلَمْ تَجِدْ أَحَدا إِلَا وَلِلّهِ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ ، وَلِلّهِ فِيهِ الْمَشِيئَةُ ، وَلَا أَقُولُ : إِنَّهُمْ مَا شَاؤُوا صَنَعُوا» .
ثُمَّ قَالَ : «إِنَّ اللّه َ يَهْدِي وَيُضِلُّ» . وَقَالَ : «وَمَا أُمِرُوا إِلَا بِدُونِ سَعَتِهِمْ ، وَكُلُّ شَيْءٍ أُمِرَ النَّاسُ بِهِ ، فَهُمْ يَسَعُونَ لَهُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَسَعُونَ لَهُ ، فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْهُمْ ، وَلكِنَّ النَّاسَ لَا خَيْرَ فِيهِمْ» .
ثُمَّ تَلَا عليه السلام : «لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَآءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ» فَوُضِعَ عَنْهُمْ «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ» قَالَ : «فَوُضِعَ عَنْهُمْ ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَجِدُونَ» .

1.في الكافي المطبوع هكذا : «عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن عليّ بن الحكم ، عن أبان الأحمر» .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
492

الحديث الثالث

۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ فَرْقَدٍ ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيى ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قَالَ :«مَا حَجَبَ اللّه ُ عَنِ الْعِبَادِ ، فَهُوَ مَوْضُوعٌ عَنْهُمْ» .

هديّة :

أي من المعارف الدينيّة ، كبعض خصوصيّات الربوبيّة ، وخصائص النبوّة والإمامة ممّا لا يحتاجون إليه في الدِّين كسرّ محبّة اللّه لأهل الخير ، فإجراُء الخير على يدهم ؛ وسخط اللّه على أهل الشرّ ، فإجراء الشرّ على يدهم ، كما مرَّ في الثاني من باب السعادة والشقاء حيث قال عليه السلام في آخره : «وهو سرّه تبارك وتعالى» .
وقال برهان الفضلاء سلّمه اللّه : «عن العباد » أي عن المستضعفين من العباد من ربوبيّته ، فالتكليف بمقتضاه موضوع عنهم .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«ما حجب اللّه عن العباد» أي ما لم يعرفوه . وبيانه ظاهر .
ولعلّ معرفة اللّه سبحانه في الجملة ليس ممّا حجبه اللّه عن عبد من عباده وإن كان حجابا ۲ فبصنعه لا بصنع اللّه سبحانه ؛ لأنّه سبحانه لم يحجبها عن أحد ، بل أوضحها وأظهرها بدلائلها وإعطاء ما يكفي للوصول إليها ، وإن لم يقع الوصول فمن جهتهم لا من حَجْبه سبحانه إيّاها عنهم .
نعم ، المعرفة على وجه الكمال ربّما يُقال بحجبها عن بعض النفوس الناقصة . وفي استناد هذا الحجب إليه سبحانه نظر .
ويحتمل أن يكون المراد بقوله : «ما حجب اللّه عن العباد» ما لم يكن في وسعهم وحُجبوا عنه بما من جانب اللّه ، فيكون موضوعا عنهم ، كما في الحديث الذي بعد هذا . ۳ انتهى .
أقول : ملخّص أقوال الأصحاب في هذا الباب : أنّ اللّه تبارك وتعالى لا يكلّف العباد بشيء ولا يحتجّ عليهم إلّا بعد البيان والتعريف وإعطاء الوسع والطاقة وما به الاستطاعة ؛ «لِئَلَا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةُ بَعْدَ الرُّسُلِ» ، ۴ فهلك من هلك عن بيّنة ويحيى من حيّ عن بيّنة . ۵ والمعيار العدل للفطن المتأمّل في البيانات في هذا الباب تمييزه بين المعرفة الفطريّة التي لا تكليف فيها أصلاً والمعرفة الدينيّة التي مناط التكليف ، ولا تحصل إلّا بالتعريف إذا أقبل وقَبِل فحيّ عن بيّنة ، بخلاف من أنكر وأدبر فهلك عن بيّنة . والمستضعفون أيضا مكلّفون بقدر وسعهم ، ولذا ثبت أنّ للّه فيهم المشيئة في المؤاخذة والعفو عنهم . ۶ واللّه أعلم بالصواب .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى» .

2.كذا في النسخ، وفي المصدر: «حجابٌ».

3.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۵۱۶ .

4.النساء (۴) : ۱۶۵ .

5.اقتباس من الآية ۴۲ ، الأنفال (۸) .

6.في «ألف» : - «عنهم» .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 96182
صفحه از 508
پرینت  ارسال به