495
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
494

هديّة :

(اكتب) إنّ كسر الهمزة أولى من فتحها ، لمكان الكتابة فنقل باللّفظ لا بالمعنى فقط . (بما آتاهم) من الاختيار ، وما به الاستطاعة .
(وعرّفهم) بالحجج والكتب .
«ثمّ» في (ثمّ أرسل) بمنزلة الفاء البيانيّة ؛ إذ التعريف لتحصل المعرفة الدينيّة لمن أقبل وقبل ، إنّما هو بإرسال الرُّسل وإنزال الكتب .
(فنام رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن الصلاة) صلاة الفجر في منزل من منازل غزوة من غزواته .
في بعض النسخ بزيادة : «في بعض أسفاره» بعد «عن الصلاة» .
(فقال : أنا اُنيمك) عند اضطرابه صلى الله عليه و آله بعد اليقظة .
في بعض النسخ ـ كما ضبط برهان الفضلاء ـ : باتّصال «يصعنون» بقوله : «وكذلك الصيام» من دون توسّط «ليس كما يقولون إذا نام عنها هلك » .
«شفاه اللّه » كضرب .
(وللّه فيه المشيئة) أي في المؤاخذة والعفو ، قال اللّه تعالى في سورة النساء : «وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ»۱ بعد إتمام الحجّة وتقصير المحتجّ عليه .
(ولا أقول) أي كالمفوّضة (إنّهم ما شاؤوا صنعوا) يعني بل أقول ـ كما مرَّ مرارا ـ : إنّه سبحانه علم ما يصدر عنهم باختيارهم فشاء أن يشاؤوا إمّا الخير على التوفيق وإمّا الشرّ على الخذلان . «وما تشاءُون إلّا أن يشاء اللّه » ، إنّ اللّه يهدي من يحبّه ويضلّ من يبغضه .
(وما اُمروا إلّا بدون سعتهم) أي دون قدر طاقتهم فضلاً عن قدر طاقتهم . ۲
(فهم يسعون له) وفوقه تفضّلاً وأتمّيةً للحجّة .
(ولكن الناس لا خير فيهم) يعني غير الفرقة الناجية من البضع والسبعين في هذه الاُمّة ، لا خير فيهم في علمه تعالى بأنّهم لا يختارون ـ وسِربَهم مخلّى ـ إلّا الكفر ، وضلالهم إنّما هو بعد هدايتهم بالمعجزات وبيّنات الآيات ، فخلق الكفر في فاعل الكفر لا ينافي العدالة ، ولا يسأل عن التفصيل ۳ فيه ، مع أنّه لو شاء لهداكم أجمعين ، واللّه لا يُسأل عمّا يفعل وهم يُسألون ، وما لأهل ولاية اللّه ومحبّته وللسؤال عن وجه محبّته لهم وسخطه على أعدائهم . وشغل الشكر على نعمة الولاية والتبرّي ولو استوعب مدّة العمر لا يخرجهم عن التقصير ، فافهم واشكر ولا تسأل عمّا نصّ الإمام عليه السلام بأنّه سرّ من أسرار اللّه تبارك وتعالى كما في الثاني من الباب الثامن والعشرين .
(ما ينفقون) في سبيل اللّه ، أو خصوص الجهاد .
و«الحرج» : الضيق والإثم .
«فوضع عنهم» أي الجهاد .
«ما على المحسنين من سبيل » . قيل : لنيّة الخير . وإنّما يثيب اللّه عباده بالنيّات .
(لتحملهم) أي على الرواحل للجهاد ، والآية في سورة التوبة هكذا : «لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للّه ِِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللّه ُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنْ الدَّمْعِ حَزَنا أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ»۴ .
قال برهان الفضلاء :
عدم ذكره عليه السلام قوله تعالى : «إِذَا نَصَحُوا للّه ِِ وَرَسُولِهِ» إيماء إلى أنّ «وَلَا عَلَى الَّذِينَ» عطف على «مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ» لا على سابقها ، أو للإيماء إلى أنّ صدر الآية الثانية هو «مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ» لا «وَلَا عَلَى الَّذِينَ» كما هو المشهور .
قال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
الظاهر أنّ المراد بما آتاهم وعرّفهم هنا معرفة اللّه سبحانه التي عرّفها للعباد بإظهار الدلائل الواضحة الدالّة عليها ، يرشدك إليه قوله : «ثمّ أرسل » ؛ فإنّ إرسال الرسول إنّما يتأخّر عن هذا التعريف . وما بعد ذلك في هذا الحديث من قوله : «ثمّ أرسل إليهم» لبيان أن لا تضيّق على العباد فيما اُمروا به ، ثمّ عمّم نفي التضييق عليهم في جميع ما كُلِّفوا به إتيانا وتركا . وفيه إشارة إلى نفي الجبر .
وقوله : وللّه عليه الحجّة كالدليل عليه ؛ فإنّه لا حجّة على المجبور ، لكن لكونه معذورا .
«وللّه فيه المشيئة» إشارة إلى نفي القَدَر ، وأنّ كلّ ما يكون من العبد بمشيّة اللّه .
«ولا أقول : إنّهم ماشاؤوا صنعوا» ـ سواء كان على وفق مشيئة اللّه أو لم يكن ـ تصريح بنفي القَدَر .
«إنّ اللّه يهدي ويضلّ» دليل على كون الكلّ بمشيّة اللّه .
«وما اُمروا إلّا بدون سعتهم» أي لم يكلّفهم بمنتهى سعتهم بل كلّفوا بما لم يصل إليه ، وفوقه مراتب من السّعة .
«وكلّ شيء أمر الناس به فهم يسعون له ، وكلّ شيء لا يسعون له فهو موضوع عنهم» غير مطلوب منهم فما لم يقع من المأمور به ليس لأنّهم لا يسعون له ؛ بل لأنّهم لا خير فيهم . ۵ انتهى .
وفي أوّل بيانه ما فيه بإقراره ؛ فإنّ المعرفة الفطريّة التي فطر اللّه الناس عليها ، وحاصلة لكلّ ذي شعور وإدراك بشواهد الربوبيّة من السماء والأرض وغيرهما من عجائب الصنائع وغرائب الآثار إنّما هي قبل البيان والتعريف الموجب لحصول المعرفة الدينيّة إذا أقبلوا وقبلوا . فحمل «ثمّ» على ما قلنا أولى . وحمل برهان الفضلاء أيضا على التعقيب والتراخي بعد حمله «العباد» على غير المستضعفين . وقد عرفت ما فيه .
وقال الفاضل الإسترابادي رحمه الله بخطّه :
ثمّ أرسل إليهم رسولاً ؛ إرسال الرّسل بعد تعريف نفسه جلّ جلاله .
«ولا أقول إنّهم ما شاؤوا صنعوا» معنى الأمر بين الأمرين أنّهم ليس كذا بحيث ما شاؤوا صنعوا ، بل فعلهم معلّق على إرادة حادثة متعلّقة بالتخلية أو بالصرف . وفي كثير من الأحاديث أنّ تأثير السحر موقوف على إذنه تعالى ، وكان السرّ في ذلك أنّه تعالى قال : لا يكن شيء من طاعته أو معصيته أو غيرهما ـ كالأفعال الطبيعيّة ـ إلّا بإذن جديد منّي ، فيتوقّف حينئذٍ كلّ حادث على الإذن توقّف المعلول على شرطه ، لا توقّفه على سببه . واللّه أعلم .
ويفهم من كثير منها أنّ التخلية في المعاصي إنّما يكون في آن المعصية لا قبلها .
«إنّ اللّه يهدي ويضلّ» يجيء في باب ثبوت الإيمان : أنّ اللّه خلق الناس كلّهم على الفطرة التي فطرهم عليها ، لا يعرفون إيمانا بشريعة ولا كفرا بجحود ، ثمّ بعث اللّه الرّسل يدعوا العباد إلى الإيمان به ، فمنهم من هدى اللّه ومنهم من لم يهده اللّه .
وأقول : هذا إشارة إلى الحالة التي سمّتها الحكماء العقل الهيولاني .
وأقول : معنى الضالّ هو الذي انحرف عن صوب الصواب والثواب ، ولمّا لم يكن قبل إرسال الرّسل وإنزال الكتب صوب صواب امتنع حينئذٍ الانحراف عنه ، ولمّا حصل أمكن . فيكون اللّه تعالى سبيا بعيدا في ضلالة الضالّ . وهذا هو المراد من قوله عليه السلام : «يضلّ » . ۶ انتهى .
أراد بقوله ـ في أوّل بيانه بعد تعريف نفسه جلّ جلاله ـ : أنّ إرسال الرُّسل إنّما هو بعد تعريف نفسه جلّ جلاله ، بطائفة من شواهد ربوبيّته الدالّة على نفي حدّ التعطيل حسب ليتلائم فقرات بيانه إن شاء اللّه تعالى .

1.النساء (۴) : ۴۸ .

2.في «ب» و «ج» : - «فضلاً عن قدر طاقتهم» .

3.في «الف» : «ترك التفصيل» .

4.التوبة (۸) : ۹۱ ـ ۹۲ .

5.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۵۱۶ ـ ۵۱۷ .

6.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۳۷ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 95936
صفحه از 508
پرینت  ارسال به