51
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

هديّة :

«الخثم» بالمعجمة والمثلّثة محرّكة : عرض الأنف . و«خيثم» بتقديم الخاتمة على المثلّثة كجعفر : من أسماء الأسد ، كخيثمة وأخثم . وبيان الحديث كنظائره .

الحديث السادس

۰.روى في الكافي بإسناده۱، عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : أَنَّهُ قَالَ لِلزِّنْدِيقِ حِينَ سَأَلَهُ : فَما هُوَ۲؟ قَالَ :«شَيْءٌ ۳ بِخِلَافِ الْأَشْيَاءِ ، ارْجِعْ بِقَوْلِي إِلى إِثْبَاتِ مَعْنىً ، وَأَنَّهُ شَيْءٌ بِحَقِيقَةِ الشَّيْئِيَّةِ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا جِسْمٌ وَلَا صُورَةٌ ، وَلَا يُحَسُّ وَلَا يُجَسُّ ، وَلَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ الْخَمْسِ ، لَا تُدْرِكُهُ الْأَوْهَامُ ، وَلَا تَنْقُصُهُ الدُّهُورُ ، وَلَا تُغَيِّرُهُ الْأَزْمَانُ» .
فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ : فَتَقُولُ : إِنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ؟
قَالَ : «هُوَ سَمِيعٌ ، بَصِيرٌ ؛ سَمِيعٌ بِغَيْرِ جَارِحَةٍ ، وَبَصِيرٌ بِغَيْرِ آلَةٍ ، بَلْ يَسْمَعُ بِنَفْسِهِ ، وَيُبْصِرُ بِنَفْسِهِ ، لَيْسَ قَوْلِي : إِنَّهُ سَمِيعٌ يَسْمَعُ بِنَفْسِهِ ، وَ ۴ يُبْصِرُ بِنَفْسِهِ أَنَّهُ شَيْءٌ ، وَالنَّفْسُ شَيْءٌ آخَرُ ، وَلكِنْ أَرَدْتُ عِبَارَةً عَنْ نَفْسِي ؛ إِذْ كُنْتُ مَسْؤُولاً ، وَإِفْهَاما لَكَ ؛ إِذْ كُنْتَ سَائِلاً ، فَأَقُولُ : إِنَّهُ سَمِيعٌ بِكُلِّهِ ، لَا أَنَّ الْكُلَّ مِنْهُ لَهُ بَعْضٌ ، وَلكِنِّي أَرَدْتُ إِفْهَامَكَ ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ نَفْسِي ، وَلَيْسَ مَرْجِعِي فِي ذلِكَ إِلَا إِلى أَنَّهُ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، الْعَالِمُ الْخَبِيرُ ، بِلَا اخْتِلَافِ الذَّاتِ ، وَلَا اخْتِلَافِ الْمَعْنى» .
قَالَ لَهُ السَّائِلُ : فَمَا هُوَ؟
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «هُوَ الرَّبُّ ، وَهُوَ الْمَعْبُودُ ، وَهُوَ اللّه ُ ، وَلَيْسَ قَوْليَ : «اللّه ُ» إِثْبَاتَ هذِهِ الْحُرُوفِ : أَلِفٍ وَلَامٍ وَهاءٍ ، وَلَا رَاءٍ وَلَا بَاءٍ ، وَلكِنِ ارْجِعْ إِلى مَعْنىً وَشَيْءٍ خَالِقِ الْأَشْيَاءِ وَصَانِعِهَا ، وَنَعْتِ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَهُوَ الْمَعْنى سُمِّيَ بِهِ اللّه ُ ، وَالرَّحْمنُ ، وَالرَّحِيمُ وَالْعَزِيزُ ، وَأَشْبَاهُ ذلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ ، وَهُوَ الْمَعْبُودُ جَلَّ وَعَزَّ» .
قَالَ لَهُ السَّائِلُ : فَإِنَّا لَمْ نَجِدْ مَوْهُوما إِلَا مَخْلُوقا .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «لَوْ كَانَ ذلِكَ كَمَا تَقُولُ ، لَكَانَ التَّوْحِيدُ عَنَّا مُرْتَفِعا ؛ لِأَنَّا لَمْ نُكَلَّفْ غَيْرَ مَوْهُومٍ ، وَلكِنَّا نَقُولُ : كُلُّ مَوْهُومٍ بِالْحَوَاسِّ مُدْرَكٍ بِهَا تَحُدُّهُ الْحَوَاسُّ وَتُمَثِّلُهُ ؛ فَهُوَ مَخْلُوقٌ [وَلَابُدَّ مِنْ إِثْبَاتِ صَانِعِ الْأَشْيَاءِ خَارِجا مِنَ الْجِهَتَيْنِ الْمَذْمُومَتَيْنِ : إِحْدَاهُمَا : النَّفْيُ] ؛ ۵ إِذْ كَانَ النَّفْيُ هُوَ الْاءِبْطَالَ وَالْعَدَمَ ، وَالْجِهَةُ الثَّانِيَةُ : التَّشْبِيهُ ؛ إِذْ كَانَ التَّشْبِيهُ هُوَ صِفَةَ الْمَخْلُوقِ الظَّاهِرِ التَّرْكِيبِ وَالتَّأْلِيفِ ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إِثْبَاتِ الصَّانِعِ ؛ لِوُجُودِ الْمَصْنُوعِينَ وَالِاضْطِرَارِ إِلَيْهِمْ أَنَّهُمْ مَصْنُوعُونَ ، وَأَنَّ صَانِعَهُمْ غَيْرُهُمْ ، وَلَيْسَ مِثْلَهُمْ ؛ إِذْ كَانَ مِثْلُهُمْ شَبِيها بِهِمْ فِي ظَاهِرِ التَّرْكِيبِ وَالتَّأْلِيفِ ، وَفِيمَا يَجْرِي عَلَيْهِمْ مِنْ حُدُوثِهِمْ بَعْدَ إِذْ لَمْ يَكُونُوا ، وَتَنَقُّلِهِمْ مِنَ صِغَرٍ إِلى كِبَرٍ ، وَسَوَادٍ إِلى بَيَاضٍ ، وَقُوَّةٍ إِلى ضَعْفٍ ، وَأَحْوَالٍ مَوْجُودَةٍ لَا حَاجَةَ بِنَا إِلى تَفْسِيرِهَا ؛ لِبَيَانِهَا وَوُجُودِهَا» .
فَقالَ ۶ السَّائِلُ : فَقَدْ حَدَدْتَهُ إِذْ أَثْبَتَّ وُجُودَهُ .
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «لَمْ أَحُدَّهُ ، وَلكِنِّي أَثْبَتُّهُ ؛ إِذْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْاءِثْبَاتِ مَنْزِلَةٌ» .
قَالَ لَهُ السَّائِلُ : فَلَهُ إِنِّيَّةٌ وَمَائِيَّةٌ؟
قَالَ : «نَعَمْ ، لَا يُثْبَتُ الشَّيْءُ إِلَا بِإِنِّيَّةٍ وَمَائِيَّةٍ» .
قَالَ لَهُ السَّائِلُ : فَلَهُ كَيْفِيَّةٌ؟
قَالَ : «لَا ؛ لِأَنَّ الْكَيْفِيَّةَ جِهَةُ الصِّفَةِ وَالْاءِحَاطَةِ ، وَلكِنْ لَابُدَّ عن ۷ الْخُرُوجِ مِنْ جِهَةِ التَّعْطِيلِ وَالتَّشْبِيهِ ؛ لِأَنَّ مَنْ نَفَاهُ ، فَقَدْ أَنْكَرَهُ وَدَفَعَ رُبُوبِيَّتَهُ وَأَبْطَلَهُ ، وَمَنْ شَبَّهَهُ بِغَيْرِهِ ، فَقَدْ أَثْبَتَهُ بِصِفَةِ الْمَخْلُوقِينَ الْمَصْنُوعِينَ الَّذِينَ لَا يَسْتَحِقُّونَ الرُّبُوبِيَّةَ ، وَلكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِ أَنَّ لَهُ كَيْفِيَّةً لَا يَسْتَحِقُّهَا غَيْرُهُ ، وَلَا يُشَارَكُ فِيهَا ، وَلَا يُحَاطُ بِهَا ، وَلَا يَعْلَمُهَا غَيْرُهُ» .
قَالَ السَّائِلُ : فَيُعَانِي الْأَشْيَاءَ بِنَفْسِهِ ؟
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «هُوَ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُعَانِيَ الْأَشْيَاءَ بِمُبَاشَرَةٍ وَمُعَالَجَةٍ ؛ لِأَنَّ ذلِكَ صِفَةُ الْمَخْلُوقِ الَّذِي لَا تَجِيءُ الْأَشْيَاءُ لَهُ إِلَا بِالْمُبَاشَرَةِ وَالْمُعَالَجَةِ وَهُوَ مُتَعَالٍ ، نَافِذُ الْاءِرَادَةِ وَالْمَشِيئَةِ ، فَعَّالٌ لِمَا يَشَاءُ» .

1.في الكافي المطبوع : «عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه» .

2.في الكافي المطبوع : «فما هو» .

3.في الكافي المطبوع : «هو شيء» .

4.في الكافي المطبوع : «وبصير» .

5.ما بين المعقوفتين ليس في النسخ وأضفناه من التوحيد ، ص ۲۴۳ ، ح ۱ ؛ والاحتجاج ، ج ۲ ، ص ۳۳۱ تبعا للكافي المطبوع .

6.في الكافي المطبوع : «قال له» .

7.في الكافي المطبوع : «من» .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
50

الحديث الرابع

۰.روى في الكافي بإسناده ، عَنْ ابْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ زُرَارَةَ ،۱قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام يَقُولُ :«إِنَّ اللّه َ تبارك وتعالى خِلْوٌ مِنْ خَلْقِهِ ، وَخَلْقَهُ خِلْوٌ مِنْهُ ، وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ «شَيْءٍ» مَا خَلَا اللّه َ ، فَهُوَ مَخْلُوقٌ ، وَاللّه ُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ، تَبَارَكَ الَّذِي لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» .

هديّة :

في بعض النسخ : «أبا جعفر عليه السلام ». وبرهان الفضلاء ضبط كالأكثر .
ونسق هذا الحديث أصرح من نظائره في أنّ صدق مفهوم الشيئيّة على الأشياء بالاشتراك اللّفظي وإن كان صدقه على الممكنات منها بالاشتراك المعنوي ، كصدق «لا شيء» على الممتنعات . وقد يقال : شيء ممتنع ، ولا امتناع في صدق شيء على مفهوم بالاشتراك اللفظي، وصدق نقيضه بالاشتراك المعنويّ؛ لتغاير الاعتبار . وما أصرح «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْ ءٌ»۲ في هذا الأصل ، وهو اقتباس من سورة الشورى «وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» أزلاً وأبدا ، لا كخلقه ، فردٌّ بعد الردّ على الصوفيّة القدريّة .
و«الكاف» في «كمثله» من الزوائد على المشهور .
وقال برهان الفضلاء : «الكاف» للتشبيه ، فعلى الكناية ، كمثلك لا يبخل ، وإنّما زيد كاف التشبيه لأنّ «ليس مثله شيء» يوهم أنّه ليس بشيء ، كما تزعم الزنادقة لعنهم اللّه .

الحديث الخامس

۰.روى في الكافي ، عَنْ الثلاثة۳، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَطِيَّةَ ، عَنْ خَيْثَمَةَ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام ، قَالَ :«إِنَّ اللّه َ تعالى شأنه خِلْوٌ مِنْ خَلْقِهِ ، وَخَلْقَهُ خِلْوٌ مِنْهُ ، وَكُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ «شَيْءٍ» مَا خَلَا اللّه َ تَعَالى ، فَهُوَ مَخْلُوقٌ ، وَاللّه ُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ» .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد البرقي ، عن أبيه ، عن النضر بن سُويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة بن أعين» .

2.شورى (۴۲) : ۱۱ .

3.يعني : «عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير» .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 96510
صفحه از 508
پرینت  ارسال به