53
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

هديّة :

في بعض النسخ : «حين سأله فما هو» بزيادة الفاء .
ومن قوله : «هذا» إلى قوله «ولا تغيّره الأزمان» قد ذكر في الخامس من الباب الأوّل ، وعلم بيانه في هديّته . وهذا من الخامس . وسيذكر تمامه في أوّل كتاب الحجّة إن شاء اللّه تعالى .
(فتقول : إنّه سميعٌ بصير) يعني فكيف يسمع ويبصر إذا كان غير جسم وغير صورة ؟!
وقال برهان الفضلاء : يعني فكيف يسمع ويبصر إذا كان لا يحسّ شيئا ولا يجسّ شيئا ؟! فظهر وجه ضبطه على المعلوم .
و(ليس قولي : اُءنّه سميع يسمع بنفسه ، ويبصر بنفسه) دفع لتوهّم السائل أنّ المراد بالنفس الذهن .
(ولكن أردت عبارةً عن نفسي) يعني بل أردت بقولي بعد قولي (بغير جارحة) بغير آلة .
(إنّه سميع يسمع بنفسه ويبصر بنفسه) التعبير عن نفس المخلوق ؛ لأنّ الأشياء تعرف بأضدادها .
فمعنى «قولي هذا» : أنّه يسمع بنفسه لا بجارحة ، ويبصر بنفسه لا بآلة .
وقال برهان الفضلاء : يعني ولكن أردت التعبير عمّا في نفسي إفهاما لك .
ولسائر الأصحاب من الفضلاء في هذه العبارة توجيهات .
(فأقول) أي بعبارة اُخرى : إفهاما لك .
(إنّه سميع بكلّه لا أنّ الكلّ منه له بعض) سيجيء هذه الفقرات في الثاني من الباب الثالث عشر . وهناك هكذا : «لا أنّ الكلّ له بعض ؛ لأنّ الكلّ لنا له بعض» بإسقاط منه وزيادة الفقرة الأخيرة . ولعلّ «منه» بمعنى «عليه» . يعني لا أنّ الكلّ الموصوف بأنّه يصدق عليه ؛ فقد تكون «من» مرادفة «على» كما في «وَ نَصَرْنَـهُ مِنَ الْقَوْمِ»۱ .
وقال برهان الفضلاء : الظاهر أنّ «من» بمعنى «في» وضمير «ها» راجع إلى اللّه ، وضمير «له» للكلّ .
(ولكنّي أردت إفهامك والتعبير عن نفسي) بيانه كما عرفت من نظيره .
(بلا اختلاف الذات) بالتجزّي (ولا اختلاف المعنى) أي المسمّى بالتعدّد .
وقول الفارابي : وجود كلّه ، وجوب كلّه ، علم كلّه ، قدرة كلّه ، حياة كلّه ، إرادة كلّه وإن كان دلالة على عينيّة الصفات الكماليّة إلّا أنّه ليس بمرخّص فيه ، بل الواجب مُوجِد كلّه . وهكذا وما لا رخصة في إطلاقه ؛ للنقص ؛ أو للمفسدة أو للمصلحة ، فإطلاقه من دون توقيف من الشارع شرك شرعا .
(قال عليه السلام : هو الربّ ، وهو المعبود ، وهو اللّه ) هل سمعت هو الربوبيّة ، هو المعبوديّة ، هو الاُلوهيّة ؟!
(قال له السائل : فما هو) يعني قال : لمّا قلت السميع البصير العالم ، الخبر ، ذكرت اسمه بحسب الصفات ، فما اسمه بحسب الذات؟
وقال برهان الفضلاء : «فما هو» هنا سؤال عن اسم غير مشتقّ ، واستفهام إنكاري ؛ بقرينة الاستفهام السابق .
و«لا» في (ولا) زائدة كما في لا يستوي الظلمات ولا النور . ۲
(وشيء خالق الأشياء) بالجرّ ، ويحتمل الرفع . (ونعت هذه الحروف) ، أي وصانع صورة هذه الحروف .
قال برهان الفضلاء : «ونعت» عطف على معنى ، أي «إلى معنىً» وصفة هذه الحروف . وهو كما ترى .
(سمّي به) أي بنعت هذه الحروف (اللّه والرحمن والرحيم) استيناف بياني لمرجع ضمير «به» ، أو عطف بيان .
وقال برهان الفضلاء «اللّه » مبتدأ ، و«من أسمائه» خبره .
وقيل : «وهو المعني سمّي به اللّه » من باب القلب ، أي سمّي ذلك المعنى باللّه والرحمن والرحيم .
(قال السائل : فإنّا لم نجد موهوما إلّا مخلوقا) يعني لمّا قلت : «ولكن ارجع إلى معنى» فالمعنى لا يكون إلّا موهوما ، والموهوم محدود ، والمحدود حادث مخلوق .
(قال أبو عبداللّه عليه السلام : لو كان ذلك كما تقول) يعني لو كان اسمه الذهني عين مسمّاه في الخارج كما في الأسماء الغير المشتقّة ، مثل الجسم والبِلَّورْ ۳ (لكان التوحيد) بنفي الحدّين . واعتقاد أنّه ليس كمثله شيء لا في الذهن ولا في الخارج حتّى اسمه الذهني (مرتفعا عنّا) فلا نكون مكلّفين في التوحيد بنفي الحدّين ؛ حيث لا يوجب نفيهما أيضا أن يكون اسمه الذهني عين مسمّاه في الخارج .
وضبط برهان الفضلاء «لأنّا لم نكلّف» على المتكلّم مع الغير معلوما من باب عَلِم من الكَلْف بالفتح بمعنى الميل على نهج الحرص ، أي لم نحرص .
(إذ كان) يعني ثبت نفي الحدّين عن الخالق الواجب وجوده ؛ لمكان وجود المخلوقين المدبَّرين المحتاجين إلى المحدث القديم ضرورة ، حيث الاضطرار راجع إليهم في ذلك ، فمن ينكر أنّه مصنوع ؟!
(والعدم) ـ بالتحريك ، أو بالضمّ ـ بمعنى الفقد كما ضبط برهان الفضلاء .
(والتأليف) أي بين الأضداد فيه .
في بعض النسخ «لا حاجة بنا» مكان «هنا ».
(لبيانها) لوضوحها .
(إذ أثبت وجوده) أي صفة لذاته زائدة عليها ، فبالتركيب محدود .
وحاصل جوابه عليه السلام : أنّه لمّا لم يكن بدّ في إثبات شيء سواء كان موجودا بعين وجوده أو بوجود زائد على ذاته من أن يقال هو موجود ؛ إذ ليس بعد حدّ النفي عبارة لحدّ الإثبات إلّا هذه العبارتين وما يرادفهما ، ولو اختلف معناهما لفسدتا بالقصد أو بانضمام قيد .
(فله إنّية) تصديق و إقرار ، أو استفهام . و«الإنيّة» بالكسر والتشديدين : التحقّق والثبوت ، والمائيّة الماهيّة والحقيقة ، بمعنى ما تحقّق في الخارج ونفس الأمر .
قد عرفت ، في هدية الثالث قولَ بعض المعاصرين : والخلق ماهيات صرفة لا إنّيّة لها من حيث هي . وقد سمعت هنا قول الإمام عليه السلام : «نعم، لا يثبت الشّيء إلا بإنّيّة ومائيّة» .
ومن اُصول زنادقة الفلاسفة الفرق بين الثبوت في الخارج والوجود في الخارج ، والحكم بثبوت الماهيّات في الخارج عارية عن الوجود ، والفرق بين الثبوت في نفس الأمر والوجود في الخارج لا يستلزم الفرق بين الثبوت والوجود في الخارج .
(جهة الصفة) أي الزائدة .
(ولكن لابدّ من الخروج عن جهة التعطيل والتشبيه) للاضطرار المذكور الراجع إلى المخلوقين المدبَّرين .
(ولكن لابدّ من إثبات أنّ له كيفيّة) أي خصوصيّة (لا يستحقّها غيره) .
(ولا يحاط بها) أي ولا تكون زائدة .
و«معاناة الشيء» : ملابسته ومعاشرته ، وفي الأصل بمعنى المقاساة ، من العَناة ـ بالفتح والمدّ ـ بمعنى التعب والمشقّة ؛ يعني فيلابسَ الأشياء ، أو فيتعبَ بتدبيرها ؛ لعدم انقطاع التدبير عنه تعالى .

1.الأنبياء (۲۱) : ۷۷ .

2.إشارة إلى الآية ۱۹ ـ ۲۰ ، من فاطر (۳۵) .

3.في مجمع البحرين ، ج ۳ ، ص ۲۳۰ (بلر) : «البلّوْر ـ وهو بكسر الباء مع فتح اللام كسنّور : حجر من المعادن ، واحدته : بلّورة» .


الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
52
  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 96287
صفحه از 508
پرینت  ارسال به