بسم اللّه الرحمن الرحيم
الجزء الثاني من كتاب الهدايا : کتاب التوحيد
و هو يشتمل مطابقا للكافي على خمسة وثلاثين بابا
كِتَابُ التَّوْحِيدِ
الباب الأوّل : بَابُ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ الْمُحْدِثِ
وأحاديثه كما في الكافي ستّة :
الحديث الأوّل
۰.روى في الكافي بإسناده عَنْ عَلِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمنِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَنْصُورٍ ، قَالَ : قَالَ لِي هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ : كَانَ بِمِصْرَ زِنْدِيقٌ يَبْلُغُهُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام أَشْيَاءُ ، فَخَرَجَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِيُنَاظِرَهُ ، فَلَمْ يُصَادِفْهُ بِهَا ، وَقِيلَ لَهُ : إِنَّهُ خَارِجٌ بِمَكَّةَ ، فَخَرَجَ إِلى مَكَّةَ وَنَحْنُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، فَصَادَفَنَا وَنَحْنُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام فِي الطَّوَافِ ، وَكَانَ اسْمَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ ، وَكُنْيَتَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ ، فَضَرَبَ كَتِفَهُ كَتِفَ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، قالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام :«مَا اسْمُكَ»؟ قالَ : اسْمِي عَبْدُ الْمَلِكِ ، قَالَ : «فَمَا كُنْيَتُكَ؟» قَالَ : كُنْيَتِي أَبُو عَبْدِ اللّه ِ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «فَمَنْ هذَا الْمَلِكُ الَّذِي أَنْتَ عَبْدُهُ؟ أَمِنْ مُلُوكِ الْأَرْضِ ، أَمْ مِنْ مُلُوكِ السَّمَاءِ؟ وَأَخْبِرْنِي عَنِ ابْنِكَ : عَبْدُ إِلَهِ السَّمَاءِ ، أَمْ عَبْدُ إِلَهِ الْأَرْضِ؟ قُلْ مَا شِئْتَ تُخْصَمْ» . قَالَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ : فَقُلْتُ لِلزِّنْدِيقِ : أَمَا تَرُدُّ عَلَيْهِ؟ قَالَ : فَقَبَّحَ قَوْلِي ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «إِذَا فَرَغْتُ مِنَ الطَّوَافِ ، فَأْتِنَا» . فَلَمَّا فَرَغَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، أَتَاهُ الزِّنْدِيقُ ، فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام وَنَحْنُ مُجْتَمِعُونَ عِنْدَهُ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ۱ : «أَتَعْلَمُ أَنَّ لِلْأَرْضِ تَحْتا وَفَوْقا؟» قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : «فَدَخَلْتَ تَحْتَهَا؟» قَالَ : لَا ، قَالَ : «فَمَا يُدْرِيكَ مَا تَحْتَهَا؟» قَالَ : لَا أَدْرِي ، إِلَا أَنِّي أَظُنُّ أَنْ لَيْسَ تَحْتَهَا شَيْءٌ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «فَالظَّنُّ عَجْزٌ لِمَا لَا يَسْتَيْقِنُ ۲ » .
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «أَفَصَعِدْتَ السَّمَاءَ؟» قَالَ : لَا ، قَالَ : «أَفَتَدْرِي مَا فِيهَا؟» قَالَ : لَا ، قَالَ : «عَجَبا لَكَ! لَمْ تَبْلُغِ الْمَشْرِقَ ، وَلَمْ تَبْلُغِ الْمَغْرِبَ ، وَلَمْ تَنْزِلِ الْأَرْضَ ، وَلَمْ تَصْعَدِ السَّمَاءَ ، وَلَمْ تَجُزْ هُنَاكَ ؛ فَتَعْرِفَ مَا خَلْفَهُنَّ وَأَنْتَ جَاحِدٌ بِمَا فِيهِنَّ؟! وَهَلْ يَجْحَدُ الْعَاقِلُ مَا لَا يَعْرِفُ؟» .
قَالَ الزِّنْدِيقُ : مَا كَلَّمَنِي بِهذَا أَحَدٌ غَيْرُكَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «فَأَنْتَ مِنْ ذلِكَ فِي شَكٍّ ، فَلَعَلَّهُ هُوَ ، وَلَعَلَّهُ لَيْسَ هُوَ» . فَقَالَ الزِّنْدِيقُ : وَلَعَلَّ ذلِكَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «أَيُّهَا الرَّجُلُ ، لَيْسَ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ حُجَّةٌ عَلى مَنْ يَعْلَمُ ، وَلا حُجَّةَ لِلْجَاهِلِ ، يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ ، تَفَهَّمْ عَنِّي ؛ فَإِنَّا لَا نَشُكُّ فِي اللّه ِ أَبَدا ، أَمَا تَرَى الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ، وَاللَّيْلَ وَالنَّهَارَ يَلِجَانِ فَلَا يَشْتَبِهَانِ ، وَيَرْجِعَانِ قَدِ اضْطُرَّا لَيْسَ لَهُمَا مَكَانٌ إِلَا مَكَانُهُمَا ، فَإِنْ كَانَا يَقْدِرَانِ عَلى أَنْ يَذْهَبَا ، فَلِمَ يَرْجِعَانِ؟ وَإِنْ كَانَا غَيْرَ مُضْطَرَّيْنِ ، فَلِمَ لَا يَصِيرُ اللَّيْلُ نَهَارا ، وَالنَّهَارُ لَيْلاً؟ اضْطُرَّا ـ وَاللّه ِ يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ ـ إِلى دَوَامِهِمَا ، وَالَّذِي اضْطَرَّهُمَا أَحْكَمُ مِنْهُمَا وَأَكْبَرُ» . فَقَالَ الزِّنْدِيقُ : صَدَقْتَ .
ثُمَّ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ ، إِنَّ الَّذِي تَذْهَبُونَ إِلَيْهِ ، وَتَظُنُّونَ أَنَّهُ الدَّهْرُ ، إِنْ كَانَ الدَّهْرُ يَذْهَبُ بِهِمْ ، لِمَ لَا يَرُدُّهُمْ؟ وَإِنْ كَانَ يَرُدُّهُمْ ، لِمَ لَا يَذْهَبُ بِهِمْ؟ الْقَوْمُ مُضْطَرُّونَ يَا أَخَا أَهْلِ مِصْرَ ، لِمَ السَّمَاءُ مَرْفُوعَةٌ ، وَالْأَرْضُ مَوْضُوعَةٌ؟ لِمَ لَا يَنْحَدِرُ ۳ السَّمَاءُ عَلَى الْأَرْضِ؟ لِمَ لَا تَنْحَدِرُ الْأَرْضُ فَوْقَ طاقَتِهَا ، ۴ وَلَا يَتَمَاسَكَانِ ، وَلَا يَتَمَاسَكُ مَنْ عَلَيْهَا؟» . قَالَ الزِّنْدِيقُ : أَمْسَكَهُمَا اللّه ُ رَبُّهُمَا وَسَيِّدُهُمَا .
قَالَ : فَـآمَنَ الزِّنْدِيقُ عَلى يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام ، فَقَالَ لَهُ حُمْرَانُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ ، إِنْ آمَنَتِ الزَّنَادِقَةُ عَلى يَدَيْكَ فَقَدْ آمَنَ الْكُفَّارُ عَلى يَدَيْ أَبِيكَ .
فَقَالَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي آمَنَ عَلى يَدَيْ أَبِي عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : اجْعَلْنِي مِنْ تَلَامِذَتِكَ ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام : «يَا هِشَامَ بْنَ الْحَكَمِ ، خُذْهُ إِلَيْكَ وَعَلِّمْهُ» ، فَعَلَّمَهُ هِشَامٌ ؛ وَكَانَ مُعَلِّمَ أَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ مِصْرَ الْاءِيمَانَ ، وَحَسُنَتْ طَهَارَتُهُ حَتّى رَضِيَ بِهَا أَبُو عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام .
1.في الكافي المطبوع : + «للزنديق» .
2.في الكافي المطبوع : «لا تستيقن» .
3.في الكافى المطبوع : «لا تسقط» .
4.في الكافى المطبوع : «طباقها» .