77
الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2

الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
76

الحديث الثاني

۰.روى في الكافي بإسناده ،۱عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ : أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا عَبْدِ اللّه ِ عليه السلام عَنْ أَسْمَاءِ اللّه ِ وَاشْتِقَاقِهَا : اللّه ُ مِمَّا هُوَ مُشْتَقٌّ؟ قَالَ : فَقَالَ لِي :«يَا هِشَامُ ، اللّه ُ مُشْتَقٌّ مِنْ إِلهٍ ، وَالْاءِلهُ يَقْتَضِي مَأْلُوها ، وَالِاسْمُ غَيْرُ الْمُسَمّى ، فَمَنْ عَبَدَ الِاسْمَ دُونَ المَعْنى ، فَقَدْ كَفَرَ وَلَمْ يَعْبُدْ شَيْئا ؛ وَمَنْ عَبَدَ الِاسْمَ وَالْمَعْنى ، فَقَدْ كَفَرَ وَعَبَدَ اثْنَيْنِ ؛ وَمَنْ عَبَدَ الْمَعْنى دُونَ الِاسْمِ ، فَذَاكَ التَّوْحِيدُ ، أَ فَهِمْتَ يَا هِشَامُ؟» . قَالَ : فَقُلْتُ : زِدْنِي ، قَالَ : «إِنَّ لِلّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْما ، فَلَوْ كَانَ الِاسْمُ هُوَ الْمُسَمّى ، لَكَانَ كُلُّ اسْمٍ مِنْهَا إِلها ، وَلكِنَّ اللّه َ مَعْنىً يُدَلُّ عَلَيْهِ بِهذِهِ الْأَسْمَاءِ وَكُلُّهَا غَيْرُهُ ؛ يَا هِشَامُ ، الْخُبْزُ اسْمٌ لِلْمَأْكُولِ ، وَالْمَاءُ اسْمٌ لِلْمَشْرُوبِ ، وَالثَّوْبُ اسْمٌ لِلْمَلْبُوسِ ، وَالنَّارُ اسْمٌ لِلْمُحْرِقِ ، أَ فَهِمْتَ يَا هِشَامُ ، فَهْما تَدْفَعُ بِهِ وَتُنَاضِلُ بِهِ أَعْدَاءَنَا وَالْمُلحِدِينَ ۲ مَعَ اللّه ِ غَيْرَهُ؟» قُلْتُ : نَعَمْ ، قَالَ : فَقَالَ : «نَفَعَكَ اللّه ُ بِهِ ، وَثَبَّتَكَ يَا هِشَامُ» . قَالَ هِشَامٌ : فَوَ اللّه ِ ، مَا قَهَرَنِي أَحَدٌ فِي التَّوْحِيدِ حَتّى قُمْتُ مَقَامِي هذَا .

هديّة :

(اللّه مشتقّ من إله) يحتمل الفعل كنصر ، والمصدر كالنصر أو ككتاب . و«الإله» يحتمل المصدر على الوجهين . الجوهري :
ألَه ـ بالفتح ـ إلهةً، أي عَبد عبادةً ، ومنه قرأ ابن عبّاس : «وَيَذَرَكَ وَ ءَالِهَتَكَ» قال : وعبادتك ، ومنه قولنا : «أللّه » ، وأصله إله على فعال ، بمعنى مفعول ؛ لأنّه مألوه أي معبود كقولنا : إمام فعال بمعنى مفعول ؛ لأنّه مؤتمّ به ، فلمّا اُدخلت عليه الألف واللام حذفت الهمزة تخفيفا لكثرته في الكلام . ولو كانتا عوضا منها لما اجتمعتا مع المعوّض منه في قولهم : الإله . وقطعت الهمزة في النداء للزومها تفخيما لهذا الاسم . ۳ انتهى .
والخلاف في اشتقاق كلمة الجلالة وعدم اشتقاقها ، وفي أنّ المألوه بمعنى المعبود أو العابد أو العبادة كثير .
فقال الفاضل الإسترابادي بخطّه بعد ذكره ما ذكرنا من كلام الجوهري :
سيجيء في باب جوامع التوحيد : كان إلها إذ لا مألوه . وقوله عليه السلام : «والإله يقتضي مألوها»: إنّ معنى الإله المألوه ، فوجه الجمع بين الكلامين أنّ اللّه تعالى سمّى نفسه بالإله قبل أن يعبده أحد من العباد . ۴
وقال برهان الفضلاء :
معنى «والإله يقتضي مألوها» قال صاحب القاموس : اختلفوا في لفظة الجلالة على عشرين قولاً ، والأصحّ أنّها عَلَم غير مشتقّ . ۵ وهذا الحديث يبطل قوله، بل الأصحّ أنّها مشتقّة من الإله على فعال بالكسر ، مصدر بمعنى الفاعل من «ألَه» كنصر ، فعلٌ متعدّ فيقتضي مألوها ، فـ«الإله» يعني المستحقّ ـ بكسر الحاء ـ أن يعبده غيره ، أي الطالب حقّه من غيره وحقّه عبادة غيره له ، و«المألوه» يعني المستحقّ بفتح الحاء ، فأمّا منه فهو العابد ، وأمّا به فهو العبادة .
وفي الصحيفة الكاملة في دعاء يوم عرفة : «وإله كلّ مألوه» ۶ ، وفي الحديث وسيجيء : «وإلها إذ لا مألوه» . ۷
والألف واللام في لفظ «اللّه » للعهد الخارجي ، يعني الإله الذي يستحقّ عبادة كلّ عابد ، ولا شيء يستحقّ عبادته تعالى إيّاه ، ولذا صارت شبيهة بالعَلَم في الاستعمالات ، وتوهّم جماعة أنّها عَلَم حقيقةً .
وقال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
«مشتقّ من أله» يحتمل أن يكون المشتقّ منه «إله» كفعال ، وهو مضبوط في كثير من النسخ ، ويحتمل «ألِهَ» كفعل ، وعلى التقديرين ففيه معنى الإله كالنصر .
«والإله يقتضي مألوها» أي من له إله ؛ فإنّ مفهوم الإله نسبيّ يقتضي نسبةً إلى غيره ، ولا يتحقّق بدون الغير ، والمسمّى لا حاجة له إلى غيره ، فيكون الاسم غير المسمّى كما قال عليه السلام : «والاسم غير المسمّى» . ۸
والظاهر من كلامه عليه السلام أنّ المراد بالمألوه ما ذكرناه ، لمكان الاقتضاء ، ولمختار الزمخشري : أنّ المشتقّ منه في هذه التصاريف اسم عين وهو الإله ؛ لورود المألوه في مواضع من كلامهم عليهم السلام ظاهرا في هذا المعنى كقوله عليه السلام : «كان ربّا إذ لا مربوب ، وإلها إذ لا مألوه ، وعالما إذ لا معلوم ، وسميعا إذ لا مسموع» . ۹
ويحتمل أن يكون المراد من «الإله» مفهوم المعبود بالحقّ . وبـ«المألوه» ذاته ، لكنّه خلاف الظاهر .
وأمّا حمله على أنّ «الإله» بمعنى «المألوه» كما قطع به الجوهري ۱۰ فبعيد جدّا .
أقول : نعم، لكنّ لقائلٍ أن يقول : لا يبعد أن يكون المعنى و«الإله» على فعال يجب أن يكون بمعنى المألوه ، أي المعبود ؛ لأنّه مصدر لا يجوز أن يكون بمعنى العبادة أو العابد ، فلابدّ أن يكون بمعنى المعبود .
وقال بعض المعاصرين :
الظاهر أنّ لفظة «إله» في الحديث فعال بمعنى المفعول ، فمعنى قوله ۱۱ عليه السلام : «والإله يقتضي مألوها» معناه أنّ إطلاق هذا الاسم يقتضي أن يكون في الوجود ذات معبود يُطلق عليه هذا الاسم ؛ فإنّ الاسم غير المسمّى . ۱۲
قوله «في الوجود» مكان في الخارج على زعمه مرموز .
(فمن عبد الاسم دون المعنى) تفريع على المغايرة ، ولم يعبد شيئا أي شيئا موجودا في الخارج .
قال السيّد الأجلّ النائيني : لأنّ الاسم غير موجود عينيّ لا بلفظه ولا بمفهومه ، ۱۳ ولعدم وجود الاسم وبقائه لفظا ولا مفهوما .
ولا يخفى لطف التعبير في زيادة البيان للمغايرة عن خصوص التعدّد المقصود بتسعة وتسعين .
(يا هشام الخبز اسم للمأكول) ولعلّ المراد أنّ هذه الأسماء بمعنى الألفاظ أو الصور الذهنيّة ، كما أنّها غير مسمّياتها الموجودة في الخارج كذلك أسماؤه تعالى غير مسمّاها المحيط بالأذهان وخارجها من غير أن يكون الخارج ظرفا لوجوده .
قال السيّد الأجلّ النائيني رحمه الله :
لمّا طلب الزيادة في البيان أجابه عليه السلام ببيان المغايرة بين الاسم والمسمّى بتعدّد الأسماء ووحدة المسمّى ، وبإيراد الأمثلة من الأسماء المغايرة للمسمّى ـ ولا مفهومات لها صفتيّة يتوهّم اتّحادها مع المسمّى ـ كالخبز والماء والثوب والنار ؛ فإنّها أسماء لموصوفات بصفات هي مغايرة لمفهومات الصفات والألفاظ . ۱۴
وقال برهان الفضلاء :
المراد أنّ هذه الأسماء من الخبز والماء وغيرهما من الجوامد ، وكلّ واحدٍ منها عين مسمّاه ، ولذا لم يصدق جميعها على مسمّى واحد ، وأسماؤه تعالى كلّها مشتقّات وكلّ واحدٍ منها غير المسمّى ، ولذا يصدق الجميع على مسمّى واحد، ولا اشتراك له تعالى في اسم غير مشتقّ .
بناء بيانه هذا على بيانه الذي بيّناه في هديّة الأوّل .
(وتناضل) على الخطاب المعلوم ، من المناضلة ، أو التناضل بحذف أحد التائين . والمناضلة ، وكذا التناضل : المراماة والمدافعة . وناضلوا : تفاخروا بالظفر على الخصم كتناضلوا .
وهذا الحديث أورده في الكافي مرّتين : هنا ، وفي باب الأسماء . وهناك : «تناقل» مكان «تناضل» . والمناقلة : أن تحدّثه ويحدّثك .
و«الإلحاد» هنا بمعنى الإشراك . وفي التعبير إشارات .
(ما قهرني أحد في التوحيد حتى) ما صيّرني أحد ملزما مغلوبا في المباحثة في التوحيد حتّى اليوم .

1.السند في الكافي المطبوع هكذا : «عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه» .

2.في الكافي المطبوع : «المتّخذين» .

3.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۲۳ (أله) .

4.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۱۰۹.

5.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۸۰ (أله) .

6.الصحيفة السجّاديّة ، ص ۲۴۴ ، الدعاء ۴۷ .

7.سيجيء في باب جوامع التوحيد ، ح ۴ .

8.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۲۹۰ .

9.الكافي ، ج ۱ ، ص ۱۳۹ ، باب جوامع التوحيد ، ح ۴ .

10.الصحاح ، ج ۶ ، ص ۲۲۲۳ (أله) .

11.كذا في جميع النسخ ، وفي المصدر : «وقوله» بدل «فمعنى قوله» .

12.الوافي ، ج ۱ ، ص ۳۴۷ .

13.الحاشية على اُصول الكافي، ص ۲۹۱.

14.الحاشية على اُصول الكافي ، ص ۲۹۱ .

  • نام منبع :
    الهدايا لشيعة ائمة الهدي ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : الدرایتی، محمد حسین ؛ القیصریه ها، غلام حسین
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 95117
صفحه از 508
پرینت  ارسال به