الحديث الرابع
۰.روى في الكافي ، عَنْ العِدَّةٌ ، عن البرقي ،۱عَنْ أَبِيهِ رَفَعَهُ ، قَالَ : اجْتَمَعَتِ الْيَهُودُ إِلى رَأْسِ الْجَالُوتِ ، فَقَالُوا لَهُ : إِنَّ هذَا الرَّجُلَ عَالِمٌ ـ يَعْنُونَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام ـ فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ ؛ نَسْأَلْهُ ، فَأَتَوْهُ ، فَقِيلَ لَهُمْ : هُوَ فِي الْقَصْرِ ، فَانْتَظَرُوهُ حَتّى خَرَجَ ، فَقَالَ لَهُ رَأْسُ الْجَالُوتِ : جِئْنَاكَ نَسْأَلُكَ ، قَالَ :«سَلْ يَا يَهُودِيُّ ، عَمَّا بَدَا لَكَ» فَقَالَ : أَسْأَلُكَ عَنْ رَبِّكَ : مَتى كَانَ؟
فَقَالَ : «كَانَ بِلَا كَيْنُونِيَّةٍ ، كَانَ بِلَا كَيْفٍ ، كَانَ لَمْ يَزَلْ بِلَا كَمٍّ وَبِلَا كَيْفٍ ، كَانَ لَيْسَ لَهُ قَبْلٌ ، هُوَ قَبْلَ الْقَبْلِ بِلَا قَبْلٍ وَلَا غَايَةٍ وَلَا مُنْتَهىً ، انْقَطَعَتْ عَنْهُ الْغَايَةُ وَهُوَ غَايَةُ كُلِّ غَايَةٍ» . فَقَالَ رَأْسُ الْجَالُوتِ : امْضُوا بِنَا ؛ فَهُوَ أَعْلَمُ مِمَّا يُقَالُ فِيهِ .
هديّة :
(رأس الجالوت) من الألقابِ لأعلم أحبار اليهود في أيّ زمان كان . و«جالوت» كان مَلِكا مشركا قتله داود عليه السلام وكان رأسه مثلاً في الكِبَر والعِظَم . وطائفة من اليهود من أولاد جالوت .
(كان) في الجواب في أربعة مواضع على نسق واحد .
وقرأ برهان الفضلاء : «كان بلا كَيْفَ كان» على بناء كيف على الفتح ، من قبيل «متى كان» في السؤال . وكذا و«بلا كَيْفَ كان» .
«الغاية» الأخيرة وقبلها للنهاية ، وقبلهما لجزء من الزمان .
(ولا غاية ولا منتهى) يحتمل الجرّ ، والظاهر الرفع ؛ يعني ليس له قبل ولا غاية ولا منتهى .
و«الفاء» في (فهو) للبيان ويحتمل التفريع .
وقال السيّد الأجلّ النائيني :
قول السائل «متى كان» سؤال عن اختصاص وجوده تعالى بزمان يكون وجوده فيه ، فأجاب عليه السلام بنفي اختصاص وجوده تعالى بالزمان ، وتعاليه عن أن يكون فيه ، فنبّه أوّلاً على نفي ما هو مناط الكون في الزمان عنه سبحانه [بعد إثبات الوجود له والقولِ بوجوده سبحانه] ۲ ، فقال : «كان بلا كينونة كان بلا كيف كان» . ۳
فقرأ كبرهان الفضلاء ، وزاد في إضافة الكينونيّة .
وقال الفاضل الإسترابادي رحمه الله بخطّه :
هو قبل القبل بلا قبل ؛ أي لا يتّصف بقبليّة زمانيّة ولا مكانيّة ، فقبليّته ترجع إلى معنى سلبي، أي ليس لوجوده أوّل ، بخلاف سائر الموجودات ؛ فإنّ لوجودها أوّلاً .
«ولا غاية ولا منتهى» بالرفع عطف على «قبل » ، والسبب فيه أنّ أزليّته وأبديّته ترجعان إلى معنى سلبي ، أي ليس له أوّل ولا آخر . ۴