259
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(فسد حسب من ليس له أدب) .قال الجوهري :
الحسب أيضاً : ما يعدّه الإنسان من مفاخر آبائه، ويقال: حسبه دينه، ويقال: ماله. قال ابن السكّيت: الحسب والكرم يكونان في الرجل، وإن لم يكن له آباء لهم شرف، قال: والشرف والمجد لا يكونان إلّا بالآباء . ۱ أقول : فلو اُريد هنا بالحسب الدين أو الشرف الذاتي، ففساده بفقدان الأدب ظاهر ؛ إذ الحسب بهذا المعنى لا يحصل إلّا بالأدب، وإذ ليس فليس، وكذا لو اُريد به شرف الولد باعتبار شرف الآباء .(إنّ أفضل الفعال صيانة العرض بالمال) .
في النهاية:العرض: موضع المدح والذمّ من الإنسان ، سواء كان في نفسه أو في سلفه أو من يلزمه أمره . وقيل: هو جانبه الذي يصونه من نفسه وحسبه ، ويحامي عنه أن ينتقص ويثلب.وقال ابن قتيبة: عرض الرجل : نفسه وبدنه لا غير . ۲
وقال الفيروزآبادي : «قد يراد به الآباء والأجداد والخليقة المحمودة» . ۳ وفيه حثّ في ترك المماطلة مع العزماء ، وصرف المال بالإنفاق وصلة الأرحام، وإخراج الحقوق الماليّة الواجبة والمندوبة، وإعطاء الجائر مع الخوف [منه] تحرّزا من اللؤم والضرر وهتك الستر والانتساب بالبخل ونحوها ممّا ينافي صيانة العرض.(ليس من جالس الجاهل بذي معقول) .
قال الجوهري:العقل : الحجر والنُهى، ورجل عاقل وعَقول، وقد عقل يعقل عقلاً ومعقولاً أيضاً، وهو مصدر.
وقال سيبويه: هو صفة، وكان يقول: المصدر لا يأتي على وزن مفعول البتّة، ويتأوّل المعقول، فيقول : كأنّه عُقل له شيء، أي حُبس واُيّد وشُدّد ـ قال : ـ ويستغني بهذا عن المَفعَل الذي يكون مصدراً . ۴

1.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۱۰ (حسب) مع التلخيص .

2.النهاية ، ج ۳ ، ص ۲۰۹ (عرض) .

3.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۳۴ (عرض) .

4.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۱۷۶۹ (عقل) مع التلخيص واختلاف يسير .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
258

(ومن أكثر من شيء عُرف به) . في بعض النسخ: «في شيء».وفيه ترغيب بإكثار الخير ليعرف به، ويعدّ من أهله.
(ومن كثر مزاحه استُخفّ به) .في القاموس: «مَزح ـ كمنع ـ مَزحاً ومُزاحة ومَزاحاً بضمّهما: دعب . ومازحه ممازحة ومِزاحاً بالكسر» . ۱ قيل: إكثار المزاح والمطايبة في الأمر الجائز مذموم ؛ لما ذكر من الاستخفاف والاستهزاء في السخريّة، وأمّا أصل المزاح فليس بمنهيّ عنه مع الأصدقاء والأحبّاء، ومزاحه عليه السلام ومزاح رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم مشهوران، حتّى قال: يا رسول اللّه، إنّك تداعبنا؟ قال: «إنّي أمزح ، ولا أقول إلّا حقّاً» . ۲ ولذلك قال العلماء : المنهيّ عنه من المزاح ما يسقط المهابة والوقار، ودلّ على قلّة العقل وخفّته . وأمّا الذي سلم من هذا فهو الذي كان النبي صلى الله عليه و آله يفعله، وكذلك الوصي على الندرة لمصلحة ، وتطيب نفس المخاطب ومؤانسته. ۳ (ومن كثر ضِحكه ذهبت هَيبته) .
إكثار الضحك مذموم ؛ لما ذكر من ذهاب المهابة والتوقير في القلوب، وأمّا أصله فلا، لكن بشرط أن لا يبلغ حدّ القهقهة؛ لما رواه المصنّف في الحسن عن أبي عبد اللّه عليه السلام ، قال: «القهقهة من الشيطان» . ۴ وروي: «أنّ النبي صلى الله عليه و آله إن ضحك لم يَعْلُ صوتُه ۵ »؛ لغلبة ذكر الموت وما بعده، وكان أكثر ضحكه التبسّم . ۶

1.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۲۴۹ (مزح) .

2.الكامل لابن عدي ، ج ۲ ، ص ۳۴۴ ، ح ۴۷۶ ؛ ميزان الاعتدال ، ج ۱ ، ص ۵۲۰ ، ح ۱۹۴۲ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج ۶ ، ص ۳۳۰ .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۲۲۳ و۲۲۴ .

4.الكافي ، ج ۲ ، ص ۶۶۴ ، باب الدعابة والضحك ، ح ۱۰ . وعنه في وسائل الشيعة ، ج ۱۲ ، ص ۱۱۴ ، باب كراهة القهقهة و ... ، ح ۱۵۷۹۸ .

5.نهج البلاغة ، ص ۳۰۳ ، الخطبة ۱۹۳ ؛ التمحيص ، ص ۷۲ ؛ مكارم الأخلاق ، ص ۴۷۷ .

6.راجع : بحارالأنوار ، ج ۶۴ ، ص ۳۴۰ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 108236
صفحه از 630
پرینت  ارسال به