وعلى النسخة الاُخرى تفسير لقوله: «لَا يَعْقِلُونَ» ، بأن يُراد بالعقل النطق، أو أنّهم لا يعقلون طريق النطق، ولا يشعرون به وبكيفيّة الاعتذار، كما أشار إليه بقوله: «وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ» . ۱
قال البيضاوي:
عطف «فَيَعْتَذِرُونَ» على «يُؤْذَنُ» ليدلّ على نفي الإذن والاعتذار عقيبه مطلقاً، ولو جعله جواباً لدلّ على أنّ عدم اعتذارهم لعدم الإذن، فأوهم ذلك أنّ لهم عذراً، لكن لم يؤذن لهم فيه. ۲
وقيل: إنّما خصّ عليه السلام التفريع بالبُكم؛ لأنّه يعلم منه حال أخويه بالمقايسة، أو اُريد بهما الحقيقة. ۳ انتهى.
وأنت خبير بأنّه إذا جعل قوله: «لا ينطقون» إلخ، تفسيراً لقوله: «لَا يَرْجِعُونَ» كما ذكرناه، لا يسع لي هذا التوجيه المتعسّف.
(وإيّاكم وما نهاكم اللّه عنه أن تركبوه) .
قيل: أي تقترفوه من ركبت الذنب ـ كسمعت ـ إذا اقترفته، أو تتّبعوه من ركبت الأثر: تبعته، أو تعلوه من ركبت الفرس: علوته، فقد شبّه المنهيّ عنه بالمركوب في أنّه يصل بصاحبه إلى مقام البُعد من الحقّ، كما يشبه الطاعة به في الإيصال إلى مقام القُرب، ولمّا كانت عرصة اللسان وسيعة؛ لحكايته عن أحوال المبدأ والمعاد والشرائع والأحكام والأشياء الموجودة والموهومة وعقائد القلوب وأفعال الجوارح، كانت خطيئاته غير محصورة، وزلّاته غير معدودة، بالغ في حفظه مكرّراً. ۴
وقال: (وعليكم بالصَّمت) إلى قوله: (ويأجُركم عليه) .
والمراد بما ينفعكم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وإرشاد الخلق، والوعظ والنصيحة لهم، وغير ذلك من الأقوال الواجبة والمندوبة، ثمّ لمّا أمر بالنافع إجمالاً أشار إلى بعضه تفصيلاً بقوله: «وأكثروا من التهليل»، أي قول: «لا إله إلّا اللّه».
1.المرسلات(۷۷): ۳۶.
2.تفسير البيضاوي، ج۵، ص۴۳۶.
3.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه، ج۱۱، ص۱۸۰.
4.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه، ج۱۱، ص۱۸۰.