129
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(فمن دانَ اللّه) أي عبده .(فيما بينه وبين اللّه) أي مُختفياً وسرّاً ، ومع قطع النظر عن غيره ، والثاني أنسب بقوله : (مخلصاً للّه) ، لا يشرك في عمله غيره ، ولا يبتغي به سواه .وقيل : معنى قوله : «فيما بينه وبين اللّه» في الدين الذي بينه وبين اللّه، لا في دين الرأي والقياس ، ۱ ولا يخفى بُعده .(ولم يُرخّص لنفسه في ترك شيء من هذا) أي ممّا ذكر من الولايات وشروطها .
والرُخصة في الأمر : خلاف التشديد ، ورخّص له في كذا ترخيصاً ، أي لم يستقص .(فهو عند اللّه في ۲ حزبه) أي في جنده وأنصار دينه . قال الجوهري : «حزب الرجل : أصحابه ، والحِزب : الطائفة ، وتحزّبوا : تجمّعوا» . ۳ (الغالبين) . قيل : أي على النفس الأمّارة بالكسر ، أو على المذاهب الباطلة بالحجّة ، أو على الأعداء بالغلبة ، وهم حزب الإمام المنتظر ، أو الأعمّ منهم ومن حزب الأنبياء والرسل . ۴ ومعنى قوله : (إلى هاهنا رواية القاسم بن الربيع) أنّ ما يذكر بعده لم يكن في رواية القاسم ، بل كان في رواية حفص المؤذّن وإسماعيل بن جابر .وقيل: إنّما لم يقل : إلى هنا رواية إسماعيل بن مَخْلَد ؛ لأنّه لو قال ذلك يفهم أنّه لم يرو الباقي ، وذلك غير معلوم لجواز روايته ، وعدم نقله للقاسم ، أو نقله له ، واختصار القاسم على القدر المذكور . ۵ والظاهر أنّ قوله : (يعني المؤمنين قبلكم) من تتمّة الرواية بطريق حفص وإسماعيل ، وأنّه بيان وتفسير للآية السابقة .
وما قيل : الظاهر أنّه من كلام المصنّف لتفسير الآية المذكورة ، ۶ فبعيد جدّاً .(إذا نسوا شيئاً ممّا اشترط اللّه في كتابه) إلى قوله : (ولم يعودوا إلى تركه) .
الظاهر أنّ المراد بالنسيان هنا الترك، كما يدلّ عليه قوله عليه السلام : (عرفوا أنّهم قد عصوا اللّه) إلخ .

1.هو الاحتمال الثاني عند المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۶۹ .

2.في الحاشية عن بعض النسخ: «من».

3.الصحاح ، ج ۱ ، ص ۱۰۹ (حزب) مع التلخيص .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۶۹ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
128

وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : «مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً»۱ :أي إقراضاً حسناً مقروناً بالإخلاص وطيب النفس ، أو مُقْرَضاً حلالاً طيّباً . وقيل : القرض : الحسن بالمجاهدة والإنفاق في سبيل اللّه . ۲ انتهى .وروي أنّ الآية نزلت في صلة الإمام خاصّة . ۳ ولعلّ المراد أنّها نزلت قصداً وبالذات فيها ، فلا ينافي عمومها .
وقيل : إنّما سمّي ذلك قرضاً ؛ لأنّ الفاعل يأخذ العوض ، وهو الأجر الجزيل والثواب الجميل منه تعالى . ۴ (واجتنابَ الفواحش ما ظهر منها وما بطن) إشارة إلى قوله تعالى : «قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ
رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ»
۵ الآية. وقوله: «وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ»۶ الآية .والفاحشة : الزنا ، وما يشتدّ قبحه من الذنوب ، وكلّ ما نهى اللّه تعالى عنه ، وقد مرّ تفسير مثله .
(فلم يبق شيء ممّا فُسّر) على البناء للمفعول .قال الفيروزآبادي : «الفَسر : الإبانة وكشف المغطّى ، كالتفسير ، والفعل منه كضرب ونصر» . ۷
وقوله : (ممّا حرم اللّه) بيان للموصول ، واحتمال كونه بياناً لشيء بعيد . ۸ (إلّا وقد دخل في جملة قوله) أي في الفواحش .
فقوله : «واجتناب الفواحش» يشمل اجتناب جميع المحرّمات .

1.البقرة (۲) : ۲۴۵ ؛ الحديد (۵۷) : ۱۱ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۱ ، ص ۵۳۸ .

3.رواه المصنّف رحمه الله في الكافي ، ج ۱ ، ص ۵۳۷ ، باب صلة الإمام عليه السلام ، ح ۲ . وعنه في تأويل الآيات ، ص ۶۳۳ ؛ وبحار الأنوار ، ج ۲۴ ، ص ۲۷۹ .

4.قاله المحقّق المازندراني رحمه اللهفي شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۶۹ .

5.الأعراف (۷) : ۳۳ .

6.الأنعام (۶) : ۱۵۱ .

7.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۱۱۰ (فسر) .

8.هذا ، وقال المحقّق المازندراني رحمه الله : «والأوّل [أي كونه بيانا للموصول] أظهر ، والثاني [أي كونه بيانا لشيء ]أشمل، والمراد بالجملة على الأوّل الفواحش ؛ يعني أنّ هذا المجمل شامل لجميع المحرّمات في الآيات والروايات . وعلى الثاني إقام الصلاة إلى آخره ؛ فإنّه شامل لجميع الطاعات أيضا».

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 113427
صفحه از 630
پرینت  ارسال به