المشيّة ، فالظاهر أنّ مراده عليه السلام أنّ الذي أبرم أمره قسمان . ۱ انتهى ، فليتأمّل .
(واعلموا أنّه ليس يُغني عنكم) إلى قوله : (ولا من دون ذلك) .قال الجزري : «أغن عنّي شرك ، أي أصرفه وكفّه ، ومنه «لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللّهِ شَيْئاً»۲ » ۳ انتهى ، أي لا يصرف ولا يكفّ عنكم أحد ممّن ذكر شيئاً من عقوبة اللّه إلّا برضاه عنكم ، ولم يذكر الاستثناء لظهوره وشيوعه في الآيات والأخبار ، كقوله تعالى : «وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَا لِمَنِ ارْتَضى»۴ ، ولدلالة التفريع عليه ، وهو قوله : (فمن سرّه أن تنفعه شفاعة الشافعين عند اللّه فليطلب إلى اللّه) أي فليتضرّع إليه، أو فليرغب إليه .قال الفيروزآبادي : «طلبه: حاول وجوده ، وطلب إليّ : رغب». ۵
(أن يَرضى عنه) .قيل : المراد بطلب الرضا طلب وسيلة له ، وهي طاعة اللّه وطاعة رسوله وطاعة الإمام ؛ فإنّه إن صدر منه حينئذٍ ما يوجب سخط اللّه من ترك بعض الطاعات ، وفعل بعض المنهيّات [و] تدركه الرحمة والشفاعة بإذن اللّه لرضائه عنه من وجه آخر ، فاستحقّ بذلك قبولهما . ۶ (واعلموا أنّ أحداً من خلق اللّه) إلى قوله : (ولم ينكر لهم فضلاً عظم ولا صغر) .
في بعض النسخ: «أو صغر» .وقيل : المراد بالفضل العظيم ما لا يصل إليه الفهم ، ويستبعده العقل ، ولا يعرف حقيقته ، وبالصغير ما هو خلاف ذلك .
والظاهر أنّ قوله : «ومعصيتهم» عطف على اسم «أنّ» ، وقوله : «ولم ينكر» على خبرها ، وفيه شَيء؛ لأنّ كثيراً من الناس أنكروا فضلهم ، بل نصبوا عداوتهم .
1.نقل عنه المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۷۱ ، ثمّ قال : «أقول : يريد أنّ الذي وقع الحتم فيه قسمان لا ثالث لهما ؛ لأنّه إمّا مقرّ بالولايات المذكورة متمسّك بشروطهما ، أو منكر لشى ء منها ، فالأوّل محسن ، والثاني مُسيء ، وأمّا المستضعف وهو من لم يقرّ ولم ينكر، فهو خارج عن المقسم ، فلا يرد أنّه قسم ثالث» .
2.الجاثية (۴۵) : ۱۹ .
3.النهاية ، ج ۳ ، ص ۳۹۲ (غنو) .
4.الأنبياء (۲۱) : ۲۸ .
5.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۹۷ (طلب) مع التلخيص .
6.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۷۲ .