والمكر : الخديعة ـ وهي الخَتل ـ وإرادة المكروه من حيث لا يعلم .والوسوسة : حديث النفس والشيطان بما لا نفع فيه ولا خير .
وقيل : المراد بالأوّل هنا استعمال الحذق في التصرّف في الاُمور المتوصّل بها إلى المقصود ، وبالمكر إيصال المكروه من حيث لا يعلم ، وبالخديعة هذا المعنى ، أو تلبيس شبهات باطلة بلباس الحقّ لانخداع الغير بها ، وبالوسوسة مشاورة بعضهم بعضاً في تحصيل أسباب الغلبة والإضرار . ۱ وقوله : (يريدون إن استطاعوا ... ) استئناف لجواب سؤال مقدّر كان قائلاً يقول : ما غرضهم من الحيلة وما عطف عليها ؟
فأجاب بأنّ غرضهم (أن يَرُدّوا أهل الحقّ عمّا أكرمهم اللّه به من النظر في دين اللّه) .النظر محرّكة : التأمّل بالعين والرقّة والرحمة ، والإعانة ، والفكر في الشيء يقدّره ويقيسه .
والمراد بدين اللّه الدين الذي أنزله إلى رسوله ، وأكمله بولاية وليّ الأمر .وقيل : المراد بالنظر فيه العلم به ، والتصديق بحقّيّته . ۲
وقوله : (إرادة أن يستوي أعداءُ اللّه وأهل الحقّ) مفعول له للإرادة .وقيل : الأصل أن يستوون هم وأهل الحقّ، عدل عن الضمير إلى الظاهر لقصد ذمّهم صريحاً بنسبة العداوة إليهم، ولعدم حاجة صحّة العطف إلى ضمير الفعل .(في الشكّ والإنكار والتكذيب) متعلّق بالاستواء ، والشكّ في الأصل عدم اليقين .
ولعلّ المراد به هنا دينهم الباطل ، أو الشكّ في دين الحقّ ، وبالإنكار ردّ قول اللّه سبحانه وجحوده ، وبالتكذيب عدم التصديق بقول النبي صلى الله عليه و آله فيما جاء به ، سيّما أمر الولاية .(فيكونون سواء) فيما ذكر .
(كما وصف اللّه تعالى في كتابه من قوله) في سورة النساء : «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا» أي تمنّوا أن تكفروا ككفرهم . «فَتَكُونُونَ سَوَاءً»۳ معهم في الضلال ، وهو عطف على «تكفرون» . ۴