139
البضاعة المزجاة المجلد الأول

(تدفعون أنتم السيّئة بالتي هي أحسن) .أمر بصورة الأخبار ، وهو إشارة إلى قوله تعالى : «ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ» . ۱
قال البيضاوي :التي هي أحسن : الصفح عن السيّئة، والإحسان في مقابلها ، لكن بحيث لم يؤدّ إلى وهن في الدين . وقيل : هي كلمة التوحيد ، والسيّئة : الشرك . وقيل : هي الأمر بالمعروف ، والسيّئة : المنكر . ۲ انتهى .وقيل : لعلّ المراد بالسيّئة عداوتهم وإضرارهم ، وبالتي هي أحسن : التقيّة . ۳
(فيما بينكم وبينهم) .الضمير لأعداء اللّه ، أو لشياطين الإنس .
(تلتمسون بذلك) الدفع (وجهَ ربّكم)؛ أي جهته وذاته .(بطاعته) وهي الدفع المذكور ، أو الأعمّ منه ومن سائر الطاعات التي أعظمها وأشرفها الولاية .
(وهم لا خير عندهم)؛ لتركهم منبع الخيرات ومعدنها من ولاية وليّ الأمر .(لا يحلّ لكم أن تُظهروهم) .
في بعض النسخ : «أن تطلعوهم»، والمآل واحد .(على اُصول دين اللّه) .
لعلّ المراد بها الأحكام المختصّة بالشيعة ، سواء تعلّقت بالعقائد كإنكار الجبر والتفويض ، ونفي زيادة الصفات على الذات ، والإقرار بولاية أئمّة المعصومين عليهم السلام وإمامتهم ، أو بالأعمال كوجوب مسح الرجلين ، واستحباب القنوت ، ورفع اليدين فيه وفي تكبيرة الإحرام وسائر التكبيرات المندوبة، وأمثالها .(فإنّهم إن سمعوا منكم فيه) أي في دين اللّه ، أو في اُصوله . والتذكير باعتبار المضاف إليه .
(شيئاً) من الاُصول المذكورة ونحوها .(عادَوكم عليه ، ورفعوه عليكم) أي أسرعوا في تبليغه وتقريبه إلى السلطان الجائرة لإيصال المكروه إليكم والإضرار بكم .

1.المؤمنون (۲۳) : ۹۶ .

2.تفسير البيضاوي ، ج ۴ ، ص ۱۶۶ (مع اختلاف يسير) .

3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۷۴ .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
138

(ثمّ نهى اللّه أهل النصر) هم الذين أعانوا دينه وأولياءه .(بالحقّ) أي حال كونهم متلبّسين بالحقّ ، غير عادلين إلى الباطل .
والجارّ متعلّق بالنصر ، واحتمال تعلّقه بالنهي بعيد .(أن يتّخذوا من أعداء اللّه وليّاً ولا نصيراً) أي نهاهم أن يقبلوا منهم ولاية ولا نصرة .
(فلا يُهوّلنّكم) بضمّ اللام من الهَول ، أو التهويل .قال الفيروز آبادي : «هاله يهوله هَولاً : أفزعه ، كهوّله فاهتال» . ۱
(ولا يردّنّكم) بضمّ الدال المشدّدة . يقال : ردّه عن الأمر، أي صرفه عنه، فارتدّ هو .وضمير الجمع المحذوف في الموضعين لأعداء اللّه، أو لشياطين الجنّ والإنس .
ولعلّ كلمة «من» في قوله : (من حيلة شياطين الإنس ومكرهم) تعليليّة . وقيل : إمّا ابتدائيّة ، أو بمعنى الباء .وقيل : يحتمل أيضاً أن تكون «حيلة» فاعلاً للفعلين ، وتكون «من» زائدة لتأكيد النفي . ۲ وأصل الكلام من حيلتهم عدل إلى الظاهر لنسبة الشيطنة إليهم ، وتوبيخهم عليها .
والمكر : الخديعة . يقال: مكره من كذا ، وعنه ، أي احتال أن يردّه عنه .فقوله: (من اُموركم) متعلّق بالمكر ، و«من» للتعليل وقيل : للابتداء ، أو للسببيّة .
وحاصل المعنى : لا تخافوا ، ولا ترتدّوا عن نصرة الحقّ من أجل حيلتهم ومكرهم من اُمور دينكم، واحتيالهم في إغوائكم وإضلالكم عنها؛ فإنّهم شياطين الإنس ، و «إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً» . ۳ ثمّ اعلم أنّ هذا الموضع أحد مواضع الاختلاف بين النسخة التي أشرنا إليها سابقاً والنسخ المشهورة ، وفي تلك النسخة قوله : «ومكرهم» متّصل بما مرّ من قوله : «وحيلهم» هكذا: «من حيلة شياطين الإنس ومكرهم وحيلهم ووساوس بعضهم إلى بعض» ، وهو الصواب .وفي تلك النسخة قوله : «من اُموركم» متّصل بما مرّ من قوله : «ولا خير لهم على شيء» هكذا : «وهم لا مجاملة لهم ، ولا صبر لهم على شيء من اُموركم» .

1.النساء (۴) : ۷۶ .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۷۱ (هول) .

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۴ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 111146
صفحه از 630
پرینت  ارسال به