عليكم ، ولا يتوقّع منهم العدل والإنصاف فيكم، فيلزم عليكم التقيّة منهم ، وعدم اظهار ما يخالف مذهبهم عندهم ، وعدم الالتجاء بهم مهما أمكن .(فأعرفوا منزلتكم فيما بينكم وبين أهل الباطل) .
في القاموس : «المنزلة : موضع النزول والدرجة» ۱ أي وجب عليكم معرفة درجتكم الرفيعة بين الناس. قيل : هي الإيمان باللّه ، وبما يليق به، وبالرسول وما جاء به ، وبالولاية ومن اتّصف بها، وإظهار اُصول الدين وأحكامه على أهلها ، والاتّصاف بآدابه وأخلاقه ، والامتثال بأوامره ونواهيه ليحصل لكم التميز بينها ۲ وبين منزلة أهل الباطل، والتمكّن من التحرّز عنها . ۳
(فإنّه لا ينبغي لأهل الحقّ أن يُنزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل) .كأنّه بيان وتفصيل لمعرفة المنزلة .
وقيل : إنّه دليل عليها ، وقال : انطباق الدليل عليها ظاهر ؛ لأنّ أهل الحقّ ينبغي أن يكونوا مع الحقّ، فلا ينبغي لهم الاتّصاف بالباطل كأهله .قال : وهنا احتمال آخر ، وهو أنّه يجب عليكم معرفة منزلتكم فيما بينكم ، وهي ما ذكر ، ومنزلتكم فيما بين أهل الباطل ، وهي حسن المعاشرة معهم ظاهراً ، والتقيّة منهم للاحتراز من ضررهم إلّا أنّ في انطباق الدليل المذكور عليه خفاء إلّا أن يراد بأهل الباطل في الدليل أعمّ من أهل الخلاف وتارك التقيّة ؛ لأنّ تاركها أيضاً في باطل . ۴ (لأنّ اللّه لم يجعل أهل الحقّ عنده بمنزلة أهل الباطل) .
هذا دليل لقوله : «لا ينبغي» ، وبيان لشرافة منزلة أهل الحقّ ، وخساسة منزلة أهل الباطل عنده تعالى ؛ لأنّ منزل أهل الحقّ جنّات النعيم ، ومنزل أهل الباطل نيران الجحيم .وقوله : (أ لم تعرفوا ۵ وجه قول اللّه في كتابه) أي جهته وسبيله المقصود منه . والاستفهام للتنبيه والتقرير . وفي بعض النسخ : «يعرفوا» بالياء .
1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۵۶ (نزل) .
2.في الحاشية: «أي بين الاُمور المذكورة».
3.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۷۵ .
4.في كلتا الطبعتين والمتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقا : «ألم يعرفوا» .