143
البضاعة المزجاة المجلد الأول

منهم ، ويجوز أن يكون تكريرا للإنكار الأوّل باعتبار وصفين آخرين يمنعان التسوية . ۱
(أكرموا أنفسكم عن أهل الباطل) .
في القاموس : «أكرمه وكرّمه : عظّمه ونزّهه» . ۲ ولعلّ هذا الكلام استئناف ، ولذلك ترك العاطف ، كأنّهم قالوا : إذا وجب علينا النزول في منزلتنا ، والفرار من منزلتهم ، فكيف نضع إذا كنّا معهم ؟ ! فأجاب بما ذكر ، يعني عظّموا أنفسكم ، وشرّفوها عن ظلم أهل الباطل وجورهم بالموافقة في العمل تقيّة منهم .(ولا ۳ تجعلوا اللّه ـ تبارك وتعالى ـ «وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى» ۴ ) .
الواو للحال . وقال البيضاوي في تفسير قوله تعالى : «وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى» : «هو الوجوب الذاتي ، والغنى المطلق ، والجود الفائق ، والنزاهة عن صفات المخلوقين» ۵ . انتهى .وقيل : المثل الأعلى : الشرف الأعلى من جميع الوجوه . ۶
وفي القاموس : «المَثَل محرّكة : الحديث والحجّة والصفة ، ومنه «مَثَلُ الْجَنَّةُ الَّتِي»۷ » . ۸ وقوله : (وإمامَكم ودينكم) معطوفان على اللّه .
(الذي تَدينون به) .قال الجوهري : «الدين : الطاعة ، ودان له ، أي أطاعه ، ومنه الدين ، والجمع : الأديان . يقال : دان بكذا ديانة ، وتديّن به» . ۹ وقوله : (عُرضه لأهل الباطل) مفعول الثاني لقوله : «لاتجعلوا» .
قال الفيروزآبادي : «العُرضة بالضمّ : الهمّة ، وحيلة في المصارعة ، وهو عُرضة للناس : لا يزالون يقعون فيه ، وجعلتُه عُرضة لكذا : نصبتُه له» ۱۰ انتهى .

1.تفسير البيضاوي ، ج ۵ ، ص ۴۴ (مع اختلاف يسير) .

2.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۱۷۰ (كرم) .

3.هذا ، وفي كلتا الطبعتين والمتن الذي نقله الشارح رحمه الله سابقا : «فلا» .

4.الروم (۳۰) : ۲۷ .

5.تفسير البيضاوي ، ج ۳ ، ص ۴۰۵ .

6.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۷۶ .

7.الرعد (۱۳) : ۳۵ ؛ محمّد (۴۷) : ۱۵ .

8.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۴۸ (مثل) .

9.الصحاح ، ج ۵ ، ص ۲۱۱۹ (دين) مع التلخيص .

10.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۳۵ (عرض) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
142

وقيل : هو حينئذ وصف لأهل الباطل ، وبيان لضعف عقولهم حيث لم يعرفوا وجه الآية ومعناها .ثمّ قال : فإن قلت : أكثرهم أهل اللسان ، فكيف لم يعرفوا معناها ؟ قلت : المراد أنّهم لأذهانهم السقيمة ، وأفكارهم العقيمة أخطؤوا في المقصود منها ، فزعموا أنّهم هم المؤمنون الصالحون المتّقون ، وأنّ مَن عداهم ممّن رفض طريقتهم هم الفجّار المفسدون ، فقلبوا المقصود لفساد قلبهم ، ذلك مبلغهم من العلم ، ولذلك أدرج لفظ الوجه ؛ لأنّ وجه الكلام سبيل المقصود منه . ۱ (إذ يقول) في سورة ص : «وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ» .قال بعض المفسّرين :
يعني الكفّار ، أي لو سوّينا بينهما لكنّا خلقناهما باطلاً ، والآية نزلت في ثلاثة رهط : علي عليه السلام ، وحمزة ، وعبيدة بن الحارث .والمفسدين في الأرض: عتبة وشيبة ابنا ربيعة ، والوليد بن عتبة ، وهم الذين بارزوا يوم بدر ، فقتل عليّ عليه السلام الوليد ، وقتل حمزة عتبة، وقتل عبيدة شيبة .وقيل: عامّ . ۲«أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ» الذين يتّقون الشرك والمعاصي .
«كَالْفُجَّارِ»۳ : كالكفّار في الثواب .قال البيضاوي :
«أم» الاُولى منقطعة ، والاستفهام فيها لإنكار التسوية بين الجزئين التي هي من لوازم خلقها باطلاً ؛ ليدلّ على نفيه ، وكذا التي في قوله : «أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ» ؛ فإنّه أنكر التسوية بين المؤمنين والكافرين ، ثمّ بين المتّقين من المؤمنين والمجرمين

1.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۷۵ .

2.اُنظر: تفسير السمرقندي ، ص ۱۵۸ ؛ تفسير السمعاني ، ج ۴ ، ص ۴۳۸ ؛ شواهد التنزيل للحسكاني ، ج ۲ ، ص ۱۷۱ ـ ۱۷۳ ؛ تفسير البغوي ، ج ۴ ، ص ۵۹ .

3.ص (۳۸) : ۲۷ و۲۸ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 111062
صفحه از 630
پرینت  ارسال به