145
البضاعة المزجاة المجلد الأول

والمراد ببذل المودّة صرفها لأهل الدين ، وبذل آثارها ولوازمها ، ومن جملتها دفع المضارّ والمكاره عنه ، وجلب المنافع له .والنصيحة : إرادة الخير للمنصوح ، ويعتبر في حقيقتها الخلوص عن الغشّ ، والمراد ببذلها إعمالها للإرشاد إلى الحقّ والصواب .
(ولا تبذُلوها لمن رغب عن صفتكم وعاداكم عليها) أي على تلك الصفة .(وبغاكم الغَوائل) .
قال الفيروزآبادي : «أبغاه الشيء : طلبه له ، كبغاه إيّاه ـ كرماه ـ أو أعانه على طلبه» . ۱ وقال : «الغوائل : الدواهي». ۲
وفي النهاية : «الغائلة : الخصلة المهلكة» . ۳ (هذا أدبُنا أدبُ اللّه) .
في بعض النسخ : «وأدب اللّه» .قال الفيروزآبادي : «الأدب محرّكة : حسن التناول ، أدُبَ ـ كحسن ـ أدباً ، فهو أديب ، وأدّبه : علّمه ، فتأدّب» . ۴ والظاهر أنّ هذا إشارة إلى ما مرّ من المواعظ والآداب ، ويحتمل أن يكون المشار إليه ما سيأتي من قوله : (ما وافق هداكم أخذتم به) إلخ .ووجه كون أدبهم عليهم السلام أدب اللّه كونه بتعليمه ووحيه وأمره .
وقيل : الأدب شامل للمحاسن كلّها ، ولكلّ عضو منه نصيب ، فأدب العين النظر إلى المصنوعات مثل الاستدلال بها على وجوه الصانع وقدرته وحكمته ، وأدب السمع استماع الآيات وغيرها من كلام الحقّ ، وأدب اللسان التكلّم بما ينبغي والسكوت عن غيره من الفضول، وأدب القلب معرفة اللّه ومعرفة ما يليق به ومعرفة الرسول والوصي والأحكام والأخلاق، وقس على ذلك . ۵

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۰۴ (بغي) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۷۶ .

3.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۲۷ (غول) .

4.النهاية ، ج ۳ ، ص ۳۹۷ (غول) .

5.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۶ (أدب) .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
144

أي لا تجعلوا ربّكم وإمامكم ودينكم في معرض ذمّ أهل الباطل ، بأن تعارضوهم في الدين ، ويعارضونكم بما لا يليق .(فتُغضبوا اللّهَ عليكم) بضمّ التاء المثنّاة الفوقانيّة . والغضب محرّكة : ضدّ الرضى ، يقال : غضب عليه وله وبه ـ كعلم ـ وأغضبه غيره .
وفي بعض النسخ : «فيغضبوا» بالياء المثنّاة التحتانيّة ، فحينئذٍ ضمير الجمع راجع إلى أهل الباطل . (فتَهلكوا) على صيغة المجهول من الإهلاك ، أو المعلوم من الهلاك ، وفعله كضرب ومنع وعلم .
(فمهلاً مهلاً) مرّ شرحه . (يا أهل الصلاح ، لا تَتركوا أمر اللّه وأمر من أمركم بطاعته) في قوله عزّ وجلّ : «أَطِيعُوا اللّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الْأَمْرِ مِنْكُمْ» . ۱ (فيُغيّر [اللّه ] ما بكم من نعمة) إشارة إلى قوله تعالى : «ذلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلى قَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ» . ۲ وقوله : «إِنَّ اللّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ» . ۳
(أحبّوا في اللّه) أي لأجله وطلب مرضاته، أو في سبيله .وقوله : (من وصف صفتَكم) مفعول «أحبّوا» ، أي أهل دينكم، ومن يقول بمقالتكم . ۴ (وأبغضوا في اللّه من خالفكم) .
البُغض بالضمّ : ضدّ الحبّ، وفعله ككرم ونصر وفرح .(وابذُلوا مودّتكم ونصيحتكم لمن وصف صفتكم) .
في القاموس : «البذل معروف ، بذله يبذُله ويبذِله : أعطاه ، وجاد به» ۵ انتهى .

1.النساء (۴) : ۵۹ .

2.الأنفال (۸) : ۵۳ .

3.الرعد (۱۳) : ۱۱ .

4.قال المحقّق المازندراني رحمه الله : «ومنشأ تلك المحبّة هي الاشتراك في دين الحقّ ، واتّحاد المطلوب ، والطريق الموصل إليه ، والرفاقة فيه ، واتّحاد الأصل ؛ لأنّ المؤمنين إخوة ، بل هم كنفس واحدة ، وكونها في اللّه مشروط بأن لا يشرب بشيء من أغراض الدنيا ؛ فإنّه لا اعتناء بها ، ولا ثبات لها ، وقس على ذلك البغض في اللّه » .

5.القاموس المحيط ، ج ۳ ، ص ۳۳۳ (بذل) .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 111029
صفحه از 630
پرینت  ارسال به