لعلّ الغرض إثبات التلازم بين التجبّرين بكون الأوّل سبباً لحصول الثاني ، وكون وجود الثاني دليلاً على وجود الأوّل .(فاستقيموا للّه) .
قال الجوهري : «الاستقامة : الاعتدال . يقال : استقام له الأمر» ، ۱ انتهى .ولعلّ المراد بالاستقامة له الثبوت على عهده وولايته وطاعة من أمر بطاعته .
(ولا تَرتدّوا على أعقابكم) أي لا ترجعوا مدبرين بسبب العصيان وعدم الوثوق على اللّه .(فتنقلبوا خاسرين) عن ثواب الدارين .
ويجوز جزم «فتنقلبوا» على العطف ، ونصبه على الجواب.وقوله عليه السلام : (إنّ العبد إذا كان خلقه اللّه في الأصل ـ أصل الخلق ـ مؤمناً) .
أصل الثاني بدل من الأوّل، واُريد بالخلق : الإيجاد ، أو التقدير ، وبأصله الوجود الظلّي ، أو العيني .و«مؤمناً» حال عن مفعول «خلقه» ، أو تميز عن النسبة فيه .
وقيل : اللازم على التقديرين أن يكون خلق العبد مقروناً بإيمانه في علم اللّه ، ولا يلزم أن يكون إيمانه من فعله تعالى ، كما في قولك : ضربتُ زيداً قائماً ، إذا جعل قائماً حالاً من زيد .(لم يَمُت) هذا العبد المؤمن (حتّى يكرّه اللّه إليه الشرّ ، ويُباعده منه) وإن كان ارتكب شرّاً أو كفراً إحياناً .
قال الفيروزآبادي : «كرّهه إليه تكريهاً : صيّره كريهاً ، والكَره ويضمّ : الإباء والمشقّة ، أو بالضمّ : ما أكرهت نفسك عليه ، وبالفتح : ما أكرهك غيرك عليه» . ۲ وقال الفاضل الإسترآبادي : قوله : «حتّى يكرّه اللّه إليه الشرّ» إلخ ، تفسير لقوله تعالى: «إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَنْ يَشآءُ» ، ۳ فعُلم أنّ مراده تعالى من الهداية هنا أن يخلق في القلب حبّ الحقّ وكراهة الباطل .(ومن كرّه اللّه إليه الشرّ) بلطفه وتوفيقه (وباعده عنه ۴ ) بحيلولته بينه وبين الشرّ .