151
البضاعة المزجاة المجلد الأول

والتواضع والإنصاف والملائنة ونحوها ، ويتّصف بأضدادها لزعمه أنّها لأنّها كسر لشأنه ومنافية لمكانه .(وغلُظ وجهه) كناية عن عبوسه وتصعّره وعدم انبساطه وطلاقته . قال الفيروزآبادي : «الغلظة ـ مثلّثة ـ والغلاظة ، بالكسر وكعنب : ضدّ الرقّة ، والفعل ككرم وضرب» . ۱ (وظهر فُحشه) .
الفُحش بالضمّ : التكبّر والتعظّم والقهر واتّباع فعل ، ولا يكون إلّا شرّا ، وأفحش: افتخر لباطل ، وكلّ أمر جاوز حدّه فهو فاحش .وقيل : الفحش : ما اشتدّ قبحه من الذنوب ، ويندرج فيه الغيبة والبهتان وسائر أكاذيب اللسان . ۲ (وقلّ حياؤه) فلا يبالي وقوع شيء من القبائح الظاهرة والباطنة .
(وكشف اللّهُ ستره) .في بعض النسخ : «سرّه» .
وقيل : لعلّ المراد بالستر هو الحجاب بين الذنوب وبين المقرّبين ، فإذا كشفه فضحه عندهم ، فيبغضونه ويلعنونه ، واللّه سبحانه ستّار يستر ذنوب العبد إذا لم يتجاوز عن الحدّ .أو المراد به لطف الحقّ ، وتوفيقه الحاجز بين العبد والمعصية ، أو الملك الموكّل بقلبه لدلالته على الخيرات ، فإذا رفعه منه وقع في الشرّ .والفرق بينه وبين التخلية كالفرق بين اللازم والملزوم ؛ لأنّ كشف الستر مستلزم التخلية .
(وركب المحارم ، فلم ينزع عنها) .قال الجوهري : «نزع عن الاُمور نزوعاً : انتهى عنها» . ۳
(فبُعد ما بين حال المؤمن وحال الكافر) .«بُعد» بالضمّ والتنوين، أو بالإضافة مبتدأ ، وخبره محذوف ، أي بعد ما بينها كثير .
وكلمة «ما» موصولة، أو زائدة للمبالغة في التعظيم .ويحتمل كون الظرف خبراً ، وقراءة «بعد» بصيغة الفعل محتمل ، والمراد أنّ بينهما مباينة

1.القاموس المحيط ، ج ۲ ، ص ۳۹۷ (غلظ) .

2.قاله المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۸۰ .

3.الصحاح ، ج ۳ ، ص ۱۲۸۹ (نزع) مع اختلاف يسير .


البضاعة المزجاة المجلد الأول
150

(ومُجاملتهم) في المعاملات والمحاورات ، والإحسان إليهم ، وهي من لوازم المودّة .قيل : الرزق : كلّ ما ينتفع به ، فإطلاقه على المودّة والمجاملة حقيقة ، ولهما منافع كثيرة ؛ لأنّ العاقل يعلم أنّ مودّته ومجاملته لهم يستلزم مودّتهم ومودّة أتباعهم وخدمهم وحواشيهم ومجاملتهم له، ويجلب لنفسه من مودّة واحد ، ومجاملته مودّة أشخاص كثيرة وميل قلوبهم إليه واُنسهم به ومدافعتهم عنه ، وبذلك يتمّ نظامه . ۱ (وتَرْكَ مُقاطعة الناس والخُصومات)؛ لأنّها موجبة لنفرتهم وبُعدهم عنه، وعداوتهم له ، وبذلك يفسد نظامه .
و«ترك» يحتمل أن يكون على صيغة الفعل، أو المصدر . والمراد بالناس هنا كلّهم ، ولذا اُتي بالاسم الظاهر على خلاف مقتضى الظاهر .(ولم يكن منها ولا من أهلها في شيء) أي لم يكن ثابتاً في شيء من المقاطعة والخصومات أصلاً ، ولا في شيء من صفة أهلها من التباغض والتحاسد والتشاتم ونحوها .(وإنّ العبد إذا ۲ كان اللّه خلقه في الأصل ـ أصل الخلق ـ كافرا) .
قيل : معناه : علم عند خلقه أنّه يصير كافراً . ۳ وقد مرّ نظيره آنفاً .(لم يمت حتّى يُحبّب اللّه إليه الشرّ، ويُقرّبه منه) .
كناية عن منع ألطافه الخاصّة عقوبة عن فعله من الشرّ الذي استحقّ بها ذلك .وقال الفاضل الإسترآبادي :
معناه التخلية بينه وبين الشيطان ، وإخراج الملك عن قلبه ، وهذامن باب جزاء العمل في الدنيا كما وقع التصريح به في الأحاديث وفي كلام ابن بابويه . ۴ (فإذا حبّب إليه الشرّ ، وقرّبه منه ، ابتُلي بالكبر والجبريّة) بالتخلية وسلب اللطف .
(فقسا قلبُه) أي صلب وغلظ بحيث لا يهتدي إلى الخير ولا يقبله . يقال : قسا يَقسو قَسواً وقَساء وقَساوة .(وساء خلقُه)؛ لأنّ المتّصف بالكبر يترك محاسن الأخلاق كلًا أو جُلًا كالسلام والكلام

1.القائل هو المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۷۹ .

2.في الحاشية عن بعض النسخ: «إن».

3.قاله العلّامة المجلسي رحمه الله في مرآة العقول ، ج ۲۵ ، ص ۲۶ .

4.نقل عنه المحقّق المازندراني رحمه الله في شرحه ، ج ۱۱ ، ص ۱۷۹ .

  • نام منبع :
    البضاعة المزجاة المجلد الأول
    سایر پدیدآورندگان :
    تحقیق : احمدی جلفایی، حمید
    تعداد جلد :
    3
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1388 ش
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 110836
صفحه از 630
پرینت  ارسال به